صراخ جارتي اليومي واحده من السمات التي تتميز بها محلتي عن المحال الأخرى سرد مفصل عن قائمة الإخبار والأحداث خلال خمسة دقائق فقط, غيابها بدون عذر يكون محل تسأل لدى الجميع وعلى مختلف المستويات, تتهم وتعتذر بنفس الوقت وتصرخ على أدنى الأسباب على لعب أولاد المحلة أمام منزلها وتقول (محلة شكبرها مابيها ساحة رياضة لعد وين وزارة الشباب بس حقهم ملتهين بخليجي 22 وفوكاها رئيس اتحاد الطوبة يبوس ابو قطر) تدعوا على جارتها السابقة أم فاضل كونها أجرت المنزل الى أناس يتركون أوراق شجرة الزيتون الكثيفة تسقط في باحة منزلها ثم تعذرها(حقها أرملة صاحبة ايتام وتريد اتعيش بالايجار زوجها راح بالتفجير ) وعلى بائع الغاز كونه قال سعر القنينة بسبعة الألف دينار وعلى عامل التنظيف الذي لا يأخذ كيس القمامة الا مقابل مبلغ (لو اكوا رقابة وحساب محد يلعب بكيفه بس حقهم راتبهم قليل مو مثل رواتب البرلمان والحكومة) وعلى جابي الماء والكهرباء ” فوك خط السحب ونشتري قناني ماء ندفع للحكومة اموال(جمالة أسمنا ما طلع بالرعاية الاجتماعية بس لازم ندفع) وهاكذا, صراخ لا يتجاوز خمسة دقائق كلمات ترددها كل يوم عدى أيام الزيارات والمناسبات وفي حالة المرض
في يوم الثلاثاء 8/10 بدأت سمفونية صراخ جارتي ولكن بمعزوفة جديده لم نألفها من قبل وتجاوزت الحد المقرر لها في الصراخ, ثيمة جديدة”حليمة” وضفتها في تهكمها اليومي أثار فضولي ودفعني لتقصى الأمر ومن هي” حليمة” التي عادت ظننتها امرأة من المنطقة لا اعرفها ولا ترغب جارتي بعودتها تصنعت الابتسامة وسلمت لأمتص من جم غضبها بدون ان ترد السلام (مو هاي الي عرفناها عيوني راح ترجع حليمة ) سألتها عن حليمة قالت “(ما تعرفها معقولة مو انت اتابع اخبار لعد الزعاطيط شتكول) ظننت بان جارتي اصابها مس من الجنون(أستوت) لكن الذي طرد هذا الشك وجود جاري ابو حمودي والنساء والاولاد الذين كانوا يفرون لمجرد خروجها ملتفين حولها ويردون “نعم كلام صحيح”, استرسلت معها بالكلام وقلت لا اعرفها وما علاقة متابعة الإخبار بعودة حليمة قالت عيني تكتيك البرلمان للعودة حليمة وتقصد” قانون الانتخابات القديم” الذي يضمن لهم البقاء لمدة أطول” الى عادتها القديمة الى السلطة, راجعت وبشكل سريع سلسلة أفكاري وعرفت باني أقف أمام شخصية تمتلك التحليل والتهكم وكشف المراوغات وأيقنت بأنها كان صائبة وان الجماعة البرلمانية اتفقوا على عدم تمرير القانون اعتذرت لها وطلبت منها ان تكون الماستروا وانأ وأبو حمودي والنساء والأولاد المحلة عازفين لسيمفونية “عادت حليمة الى عادتها القديمة” على صالة قارعة الطريق القديم