في أواخر السنة الماضية غادر الرئيس جلال الطلباني العراق الى المانيا الاتحادية لغرض العلاج بعد تعرضه لجلطة دماغية . وتقول التقارير الطبية المؤكدة بأن الرئيس في حالة موت سريري منذ وصوله الى هناك وحتى الان . ويعلم بهذه الحال كلا الرئيسين أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب ونوري المالكي رئيس مجلس الوزراء . وكان المفروض بالأول ( النجيفي ) ان يدعو المجلس النيابي للأنعقاد لأنتخاب رئيس جديد ، إلا إنه ظل يماطل طوال المدة الفائتة ، وتفتق ذهنه مؤخراً عن توجيه كتاب رسمي للمستشفى الألماني الذي يرقد فيه فخامته لمعرفة حالته الصحية ومن ثم اتخاذ قرار بدعوة مجلس النواب لتقرير مصيره وأختيار بديلا عنه . لكن بعد شهر من تصريحه بهذا الخصوص ما يزال الكتاب قيد الاعداد . اما السيد نوري المالكي الذي يفترض به حماية اموال العراقيين ، كما هو حال النجيفي ، فإنه ( غلس ) وكأن الرئيس ما يزال في بغداد ويقوم بعمله ، وتلك مخالفة واضحة وصريحة للدستور الذي يرجع اليه السيدان النجيفي والمالكي كلما ضامتهما ضائمة ! فالدستور ، صراحة ، قد حدد مدة غياب الرئيس بشهر واحد عن ممارسة عمله ، وان زادت مدة الغياب فعلى الحكومة ان ترفع مشروع قانون الى البرلمان لأختيار رئيس جديد للبلاد .
يبدو ان لا مصلحة لرئيسي السلطتين التشريعية والتنفيذية في تطبيق مادة دستورية حددت مدة شغور المنصب الرئاسي . واكدت تلك المادة حتمية اختيار البديل ، ولم يرد في الدستور ما يسمح لنائب الرئيس بشغل منصب الرئيس لأكثر من شهر .
يقول العارفون والمطلعون بأن نفقات علاج الرئيس يوميا تزيد على ربع مليون دولار . وبحسبة بسيطة يمكن القول بأن ما أنفقته الدولة على علاج فخامته واقامة ونفقات حمايته وحاشيته قد تجاوز الخمسين مليون دولار للاشهر الستة الاولى ومن المتوقع ان يبقى الرئيس العليل في المستشفى حتى نهاية هاذه السنة . فأين الحرص على المال العام ؟!
ويتساءل المواطنون العراقيون , من دون ان يحصلوا على اجابة , عن السبب في صمت رئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء ورئيس هيئة الادعاء العام عن هذا الانفاق المالي الكبير . ويؤكد الكثير من المواطنين على ان الدستور قد ساوى بين العراقيين بالحقوق والواجبات فهل تدفع الحكومة خمسين مليون دولار للمواطن العراقي البسيط إذا ما تعرض الى جلطة دماغية كما انفقت على الرئيس الطالباني ؟
اعتقد بأن حكومة المحاصصة بخيلة في مجال الاتفاق على المواطنين العاديين المرضى . ولا يذهب للعلاج الى الخارج إلا من حظى بتعاطف المسؤولين . ويقدر المراقبون بأن ما انفق على جميع المواطنين المرضى ، من غير المقربين من المسؤولين ، لا يتجاوز مبلغ الخمسين مليون دولار منذ عام 2006 وحتى يومنا هذا .
وعلينا ان نتذكر بأن رئيس وزراء اسرائيل ( شارون ) قد اصيب بجلطة دماغية ايضا افقدته كل احساس ، ومع ذلك حرصت حكومته على ابقائه ميتا سريريا لكن في مستشفى حكومي ولم تتكلف الحكومة اي نفقات ، وقد اختار برلمانها رئيسا للوزراء بعد اسبوع من دخول شارون للمستشفى . فالى متى يظل الشعب العراقي ينفق على كراهة واجبار على رئيسه الذي لا أمل يرتجى بعودته الى الحياة الطبيعية ؟