نحن نعيش بين “أكبر” جيل من الشباب في التاريخ. فبحسب دراسة عالمية، فان الشباب الذين هم أفضل تعليما وأكثر اطلاعا ونشاطا، تزداد أعدادهم على نطاق أوسع من أي وقت مضى.
يشكّل الشباب دون سن الـ 25 سنة حوالي 42٪ من سكان العالم، فيما 25٪ هم تحت سن الـ 15، و يبلغ متوسط العمر،
19 عامًا فقط في جنوب شرق آسيا وأفريقيا، جنوب الصحراء الكبرى، وبلدان الشرق الأوسط مقارنة بـ 38 عامًا في أمريكا، فيما الشيخوخة وبمتوسط 45 عامًا، تسيطر على ألمانيا وإيطاليا وأجزاء أخرى من أوروبا.
لا يُستثنى العراق من التفاؤل الساحق في هذا الجيش العملاق من الشباب الذين يبرهنون على انهم الأكثر انغماسا سياسياً واجتماعياً، وبيئيًا من الأجيال السابقة، وأقل تكييفًا مع الأيديولوجيات، وعلى الرغم من الفكرة الشائعة بأن أي شخص تحت سن 35 هو مهووس او مراهق او غير مكترث، فان العكس هو المتحقق على ارض الواقع، حيث المسؤولية العالمية يقودها الشباب، الذين يسعون الى استلام الراية من الزعماء السياسيين التقليديين.
في العراق والكثير من دول العالم، ومنها دول الربيع العربي، وجدت الشعوب أنفسها منساقة إلى حركات احتجاج واسعة يقودها شباب يشعر بالإحباط من الأوضاع العالمية، وغاضب من السياسيين غير الأكفاء، ومن المؤسسات المحلية والدولية غير الخاضعة للمساءلة، وناقم على التخريب البيئي.
المتوقع، تصاعد حركة الاحتجاج العالمية ضد تغيّر المناخ، والمطالبة بالعدالة الاجتماعية والحرية، وسباق التسلح، وإنهاء الفقر والظلم الاقتصادي، على أيدي شباب يمتلك القوة الدافعة وراء أهم حركتين اجتماعيتين سياسيتين في السنوات الأخيرة هما الربيع العربي ودعوات التغيير والإصلاح في أوربا .
وفي حين كانت صناديق الاقتراع في أوربا تعوّل على الأجيال الأكبر سنا في التصويت، والنشاطات الحزبية، والسياسية،
فان الشباب بدأوا يمسكون بزمام الموقف، ومن ذلك ان ما يزيد على نصف مليون شاب، انضم الى حزب العمل في بريطانيا، بينهم اكثر من مائة الف تحت سن الـ 25.
تقنيات التواصل غير التقليدية تتيح التفاعل، لجيل الألفية، مع سياسات الأحزاب والقرارات الحكومية، فيما نجح هذا الجيل بسرعة قصوى من تشكيل موقف منها عبر لوبي ضغط سواء بالرفض او الايجاب.
صعود أجيال شبابية الى قيادة أوربا، والعالم، ظاهرة تفخر بها الشعوب، ففي العام ٢٠١٧ برز النمساوي سيباستيان كورز، 31 عامًا، سياسيا لامعا، قاد برامج التغيير. وتصدّرت النيوزيلندية جاسيندا أرديرن 37 سنة، الانتخابات الوطنية في بلادها .
ووُلد من رحم الرغبة في التغيير والتجديد، قادة في الثلاثينيات من العمر، صنعوا الأحداث السياسية في فرنسا وإيرلندا.
وأدت الظاهرة الشبابية في القيادة الى انحسار شعبية تيريزا ماي (59 عامًا) رئيسة وزراء المملكة المتحدة البالغة من العمر 59 عامًا، ومن المتوقع للشعب الأمريكي ان يختار رئيسا شابا بعد الرئيس الأمريكي باراك أوباما البالغ من العمر 55 عامًا، وقت كان رئيسا، و دونالد ترامب، 72 عامًا.
وصعد الى الرئاسة في فرنسا، إيمانويل ماكرون، 39 سنة بعد فوزه على مارين لوبان.
وفي سان مارينو، فاجأ ماتيو فيوريني، 39 عامًا، السياسيين الكهلة، بشعبيته الساحقة.
وأصبح راتاس 39 سنة، زعيما لإستونيا، متفوّقا على شيوخ السياسة المخضرمين.
وتولى فارادكار، 38 سنة، الزعامة في إيرلندا، العام 2017 عندما استقال سلفه.
وخيسار، 37 سنة، هو رابع “ملوك التنين” والحاكم المطلق لبوتان، وهي دولة في جبال الهيمالايا المحاذية للهند والصين.
وأصبح أرديرن 37 سنة، زعيم حزب العمال النيوزيلندي، رئيسًا للوزراء بعد انتخابات هزم فيها الكهول ثم ارتقى بسرعة استثنائية الى أعلى منصب في البلاد، بعد أقل من عام من دخول البرلمان.
على هذا النحو، تتجدّد القيادة والسياسة في العالم.