5 نوفمبر، 2024 9:57 ص
Search
Close this search box.

ازمة المنبر المعاصر

هناك نقطة يدور عليها المتدينون وغيرهم. المثقفون والاميون, هي ان يتحدث الخطباء الحسينيون عن اهداف الثورة الحسينية , وكيف خطط الامام الحسين (ع) لتنفيذ ثورته الاصلاحية ..؟ فهل فشل الخطباء واصحاب المأتم في ابراز معالم ثورة كربلاء خلال الف وثلاثمائة وثمانون عام.؟ وهل كانت ثورة كربلاء مبهمة رغم وضوحها ووضوح شخوصها , غير معروفة للجمهور الحسيني وغيره ..؟

لا بد من معرفة السبب يتحمله طرفان هما ( الخطيب , والمستمع ) لان شعار الحسين(ع) الذي رفعه عنوانا لثورته الاصلاحية, والمواقف التي سعى لها معه اهل بيته واصحابه(ع) .. هنا جميع المتابعين يعرفون ان كتاب التاريخ تمكنوا من تشويه وادخال بعض الروايات الغير حقيقية في الثورة الحسينية المباركة,

اذا كان كل هذا معروفا , فماذا يريد المتابعون من معرفة حركة الحسين وغاياته .؟ الجواب: ان سبب عدم وضوح الخط الثوري الذي سار عليه الجمهور هو ابتعاد الجميع في جيل ( القرن العشرين) هو اقتصار الخطابة على جانب النعي والقصص فقط وعدم التطرق لقوانين القران . فحين يقول الامام الحسين(ع) انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي . للآمر بالمعروف وانهى عن المنكر, اقول يجب معرفة المعروف والمنكر من خلال القران , وليس حسب اجتهاد الخطيب وجمهور المستمعين .لان لكل منطقة عرف معين .

ان معرفة بعض المسلمين لحقيقة التدين جاءت من خلال الشيخين احمد الوائلي ومحمد متولي الشعراوي , اللذان قادا اكبر ثورة ثقافية علمية في تفسير القران, وحين ماتا توقفت الدروس القرآنية والتفسير والبحث ومعرفة الاحكام , فتحولت البرامج الدينية من حالة العلم والمعرفة , الى حالة استعطاف, او تحريض ضد البعض , وعرض برامج في بعض الفضائيات تحرض على العنف وتسقيط الاخر , اصبح للسياسة دور واضح في برامج الدين ,واستخدمت بعض آيات القران سياسيا في برامج واجندات للقتل والتفخيخ وقتل الناس , تمت الاساءة لكلام الله من خلال تفسير غير دقيق لبعض الآيات التي نزلت في موارد خاصة .

هنا تحولت المنابر الى استعراض الاصوات واستدرار الدمعة , وتحول جمهور المستمعين الى شعائر اللطم وتفنن الشعراء والهاويل , في استدرار الدمعة فقط.

لذا عزف اغلب الشباب عن الحضور في المجالس او الاستماع الى المحاضرات ,وحين يقدم أي خطيب برنامجا خطابيا على المنبر في شرح قوانين تمس حياة الناس , يطالبه صاحب المجلس وبعض الجالسين ( شيخنا نريد تبجينه) في حين جيل النصف الثاني من القرن العشرين . كانوا يحاسبون الخطيب عن مفردة وردت بشكل لا تتلائم مع منطوق القران الكريم.

كان الشباب في الثمانيات والتسعينات كانوا يطالبون ان يتكلم لهم الخطيب بمواضيع يبين دور النبوة وصفاتها, وكيفية تنصيب الامام في الفكر الاسلامي وموارد السجون , واحكام القتل , وحكم الفاسد, وآداب الجلوس في القران ,وتربية الطفل, ويطالبون كثيرا ان نتحدث عن الفكرة المهدوية , وبعد انتهاء المجلس يناقشون كل مفردة تكلم بها الخطيب.

كان الجمهور يصغي للخطيب حين يطرح موضوع الحجاب , والميراث وقانون الطلاق والزواج . والحدود ,كلها من خلال القران وان نطرح اراء المذاهب الاسلامية ومناقشتها علميا واسباب الخلاف بين الفقهاء وكيفية الوصول الى الدليل.

ولكن لا يعني ان جميع الخطباء بهذا المستوى, لان فيهم من لا يعرف الا بعض النصوص المطبوعة في كتب قديمة تباع بالمكتبات جاهزة, قرات على اباءنا واجدادنا , وكررها الخطباء على جيلهم مائة مرة , حتى اصبحت معروفة من كثرة اعادتها .

وختاما لا يمكن ان ينهض الخطباء بدورهم مجرد اعتمادهم على حلاوة الصوت وكثرة النعي والونين , وكذلك اصحاب المجالس ان يعوا دورهم في تعويم العقل الجماهيري. وهذا لا يتم الا بالاعتماد على معرفة كتاب الله . والاحكام الواردة في مجمل الايات والمعاني التي انطلق منها الحسين (ع) لتأدية رسالته التصحيحية .

والا ستاتي اجيال لا تعرف من القران الا مخارج الحروف وحلاوة الاداء ( يتحول التراث الديني من علم ومعرفة الى صوت حلو يؤديه أي كان صوت بدون علم ولا دراية .

أحدث المقالات

أحدث المقالات