عندما يعم الغضب الشعبي مدينتي البصرة وذي قار ويعلن المتظاهرون عن رفضهم وتصديهم للنفوذ والهيمنة المشبوهة للنظام الايراني في العراق والدور الخبيث الذي يوکله لأذرعه من أجل تنفيذ مخططاته التي تعمل من أجل ضمان بقاء وإستمرار هذا النفوذ، وعندما يقوم المتظاهرون في الناصرية بهدم وإحراق جميع مقار أذرع النظام الايراني فيها، فإن ذلك ليس بموقف عادي وتقليدي عابر خصوصا وإنه قد جاء بعد ساعات على الانفجار الذي إستهدف إحدى خيام الاعتصام في ساحة الحبوبي وسط الناصرية، وهو مايدل على إن المتظاهرون لم يعد بوسعهم إبقاء سياق الامور کما يريد النظام الايراني وأذرعه بل إنهم جعلوا اللعب على المکشوف وعزموا على أن يرى ويسمع العالم کله مايجري في العراق ومن الذي يقف ضد الشعب العراقي ويعمل على إبقاء الاوضاع سيئة وفي غير صالح العراق وشعبه، وهذا بحد ذاته أکثر رسالة عراقية واضحة أشد الوضوح للنظام الايراني.
الازمة الداخلية العميقة للنظام الايراني والذي حاول مرارا إلهاء الشعب الايراني بإفتعال المساکل والازمات الخارجية من أجل صرف الانظار عن أوضاعه البائسة في الداخل، هذه الازمة سوف تتعمق وتصبح أخطر مع الاحداث والتطورات المتسارعة في العراق ولبنان، والتي تسير کلها بإتجاه الرفض القاطع لنفوذ وهيمنة النظام الايراني وعملائه في هذين البلدين بشکل خاص، ولئن حاول النظام الايراني من خلال أذرعه خلق أجواء الخوف والرعب من أجل ثني المناهضين والرافضين له، لکن محاولته هذه فاشلة منذ البداية ذلك إن الرافضين والمناهضين له ليسوا طرفا أو حزب أو جماعة معينة بل إنهم الشعب بعينه، وإن ماجرى في ذي قار وفي بيروت والبصرة کان بمثابة تأکيد على إن الوسائل والاساليب القمعية لم تعد تجد نفعا ولابد للنظام الايراني وأذرعه من أن يعيد النظر في حساباته بهذا الصدد.
النظام الايراني الذي يبدو واضحا من إنه يواجه أوضاعا حساسة وخطيرة غير مسبوقة في المنطقة عموما والعراق ولبنان خصوصا، وهو يحاول جاهدا من خلال تکثيف ضغوطه على أذرعه في هذين البلدين من أن يجد له حلا ومخرجا لأن العراق ولبنان يمثلان أقوى منطقتي نفوذ له في المنطقة وإن خسارته لهما تعني إنه سيصبح وجها لوجه أمام الشعب الايراني وعليه أن يدفع ثمن کل ماتکبده وعانى منه هذا الشعب بسبب من هذه السياسة المشبوهة وهذه التدخلات السافرة التي تم فيها هدر أموال الشعب الايراني في مغامرة مجنونة غير مضمونة العواقب ولاسيما وإن هذه التدخلات کانت ضد مصالح شعوب المنطقة، ومن دون شك فإن هذه الاحداث والتطورات المناهضة للنظام الايراني والتي صارت تغطي إيران نفسها ومن ثم العراق ولبنان في وسط أجواء تزايد مشاعر الرفض والکراهية للنظام الايراني وأذرعه في المنطقة، يتخوف النظام الايراني منها کثيرا لأنه يعلم بأن الشعب الايراني الذي قام بأخطر إنتفاضتين ضده في أواخر عام 2017 و2019، حيث لايزال يعاني من آثارهما وتداعياتهما حيث لعبت منظمة مجاهدي خلق دورا قياديا فيهما، يعلم بأن إحتمال إندلاع إنتفاضة عارمة ضده قائمة وإن قيامها في هکذا ظروف وأوضاع صارت فيه تغيير النظام في إيران الشغل الشاغل ليس للشعب الايراني فقط وإنما لشعوب المنطقة والعالم، تعني النهاية الحتمية لهذا النظام.