تأتي زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الى امريكا ، والتي سيلتقي خلالها الرئيس الامريكي دونالد ترامب المثير للجدل ، في ظروف يعاني العراق فيها العديد من الازمات في مجال الاقتصاد والطاقة والتحديات الامنية ناهيك عن تزايد الاصابات واعداد الوفيات بفيروس كورونا فضلا عن ملف السلاح المنفلت وموعد الانتخابات الذي يشهد مزايدات الغاية منها كسب ود الشارع الملتهب رغم ارتفاع حرارة آب اللهاب والانقطاع الطويل للكهرباء والنقص الحاد في مختلف الخدمات ، ناهيك عن كونها تأتي عقب زيارته الى ايران والتي لم تؤتِ ثمارها كما كان مخططا لها ولذلك وصفها أحد أعضاء الوفد العراقي في تصريحات صحفية وصفاً اختصر رحلتها بالقول “رحابة استقبال بلا نتائج ملموسة لما جاء به الوفد العراقي، واستعجال إيراني في ابرام أو تفعيل اتفاقيات اقتصادية وتجارية وقعت في حكومة عبد المهدي” ، لتأتي هذه الزيارة المرتقبة التي ستجيب على كافة التساؤلات المطروحة حول دلالاتها والمكاسب التي ستجلبها ومدى تأثيرها على مستقبل علاقات العراق مع دول الجوار ..!!!
المتابع لتحركات الكاظمي يجدها برغم كونها بطيئة نسبياً لكنها مدروسة ومحسوبة تماما على الرغم من كون الرجل كان قد اعلنها صراحة انه ليس طامحا بمنصب، وأن حكومته ستعمل على إجراء انتخابات مبكرة ، لكنه يعمل بوتيرة متصاعدة من اجل ارجاع هيبة الدولة وتنظيم علاقات متوازنة مع دول العالم ولاننسى حديثه خلال زيارته لايران حيث قالها بالحرف الواحد ” أقول لإخواننا وأشقائنا في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إن الشعب العراقي محبّ وتوّاق للتعاون الثنائي والمتميز، وفق الخصوصية التي يمتاز بها كل بلد، ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية” واليوم تأتي هذه الزيارة التي فتحت الباب على مصراعيه امام التكهنات بشأن الخطوة المقبلة واحتمالات بدء صراعات جديدة على السلطة خاصة وان الكاظمي قد انهى “١٠٠” يوم من عمر حكومته تلك المدة التي اصبحت “سانية ” وضعها السياسيين في تقييم اداء عمل الحكومة ومدى نجاحها ، ومن هذا المنطلق ربما ستسهم هذه الزيارة بتحديد مصير هذه الحكومة خاصة وان العراق بحاجة لعلاقات جيدة ومتينة واستراتيجية ومميزة مع أمريكا ، ولكن على مبدأ الندية والمعاملة بالمثل، لا أن يكون العراق خاضعاً لإرداتها ورؤيتها وهذه الزيارة التي هي محط انظار الجميع ربما ستضع النقاط على الحروف وتحدد مستقبل مسار العلاقات العراقية – الامريكية …؟؟؟
على الرغم من اهميتها كونها الزيارة الرسمية الاولى للكاظمي لكنه لم يحشد لها اعلاميا كما هو مطلوب بل اكتفى مكتب رئيس الوزراء باصدار بيان حول الزيارة مؤكدا “انها ستشمل بحث ملفات العلاقات الثنائية بين العراق والولايات المتحدة، والقضايا ذات الاهتمام المشترك، والتعاون المشترك في مجالات الأمن والطاقة والصحة والاقتصاد والاستثمار، وسبل تعزيزها، بالإضافة الى ملف التصدي لجائحة كورونا، والتعاون الثنائي بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين “، بينما كان التحشيد الصاروخي اكثر تأثيرا حيث ارتفع منسوب الهجمات العسكرية ضد القوات الأمريكية في العراق ، الأمر الذي أثار تساؤلات عن الرسائل المراد إيصالها من خلال هذه الضربات قبل اللقاء المرتقب، والتي ربما يكون مفادها رفض الوجود الامريكي برمته فضلا عن وجود شعور لدى بعض الفصائل ان هناك عقوبات ربما ستطالها عقب هذه الزيارة ولذلك فهي ترسل رسائل واضحة للوفد العراقي تعبر من خلاله عن تخوفها من تمرير ملفات تسهم في بقاء القوات الامريكية مدة اطول ، ناهيك عن ان القوى السياسية القريبة من إيران تبدي تخوفها ايضا من اجندة رئيس الوزراء التي ربما قد تغير من اتجاهات بوصلة العراق تجاه حليفه الاستراتيجي ايران… ونبقى امام تساؤلات عدة تطرح نفسها هل سيعود الكاظمي منتصرا للعراق أم مكبلا بقرارات لايستطيع تنفيذها أم يعود بخفي حنين ، وان غداً لناظره قريب …!!!