لم يقم السيد الكاظمي خلال ١٠٠ يوم من تسنمه منصب رئيس مجلس الوزراء العراقي بتغييرات كثيرة ومؤثرة على مختلف الصعد، وسار على نهج أسلافه السابقين. إنّ التغيير الوحيد و الملفت للنظر الذي قام به، هو أنه عيّن شخصيات إعلامية جديدة في شبكة الإعلام العراقي، والمتحدث الإعلامي الخاص به، والحديث هنا عن الإعلاميين ملا أحمد طلال ونبيل جاسم، وآخرين جرى زجهم في شبكة الإعلام العراقي. ربما لكونه كان إعلاميا، قبل تسنمه منصب رئيس مجلس الوزراء، شرع في إحداث تغيير في هذا الركن من الدولة، لكن حتى هذا التغيير لا يهدف إلى الاصلاح بقدر ما يهدف إلى كسب ود الشارع الذي انتفض على رئيس الوزراء السابق عبدالمهدي، لا سيما إذا ما علمنا أن الإعلاميين المذكورين آنفا كانا قد ركبا موجة الاحتجاجات التي اندلعت في تشرين. و على ذات الأساس أعاد عبد الوهاب الساعدي إلى وظيفته.
أما بالنسبة لتعامله مع ملف إقليم كردستان، فإنه لم يقم بمعالجة أي ملف عالق بين بغداد وأربيل، واكتفى كأسلافه بترحيل المشكلات، أو معالجتها بالمسكنات. حتى أن الاتفاق الأخير مع الإقليم كان هدفه ترحيل المشاكل إلى ما بعد زيارته لواشنطن، فهو لا يريد سماع انتقادات وشكاوى الجانب الكردي في واشنطن، أي أن الرجل كان ذكيا في هذه النقطة، حيث قام بمناورة سياسية تحسب له، وبالمقابل تعري سذاجة المفاوض والدبلوماسي الكردي، الذي لم يعد يملك أوراق رابحة كثيرة بين يديه..!
كذلك فشل في معالجة معضلة السلاح المنفلت والميليشيات المتطرفة التي تسرح وتمرح في الساحة العراقية، فكثرت الاغتيالات والصواريخ التي تسقط في المنطقة الخضراء ليلا نهارا ، ولا سيما فوق السفارة الأميركية، هذا بالإضافة إلى خطف وتهديد الصحفيين الأجانب، بمعنى أنّه لم يهيء المناخ الآمن لإجراء انتخابات مبكرة، وهي المهمة الأساسية التي كلف بها!
خارجيا، لم يتمكن من كسر القاعدة التي سار عليها أسلافه، حيث بدأ زيارته الخارجية بإيران، ولم يزر السعودية بحجة أن الملك السعودي تعرض إلى وعكة صحيّة، وكالعادة أكتفى هو وفريق عمله بالشعارات الرنانة بخصوص الانفتاح على العالم العربي من دون أي إجراءات عملية تترجم تلك الشعارات المجلجلة على أرض الواقع. ويبدو أنه سيكون ساعي بريد بين واشنطن وطهران.