يبدو ان صديقي قد نفر وانزعج من الخطاب الديني، الشائع، او مل منه. ويعتقد انه لا يرتقي بالانسان. او لا يلبي تطلعاته. لذلك، انشد الى الخطاب المادي، وجعله بديلا، يامل فيه الموضوعية، والواقعية، وفيه الحل لمعاناته، او للبشرية…
وهذا طبعا حسب فهمه.
ثم صار لا منتميا.. وينتقدني..
فقلت:
◾يا صديقي..
يمكن ان تتصور الدين بيننا، مثل سيارة وقعت بايدي قبيلة في مجاهيل الامازون. قتلوا سائقها… ثم فكوا مكونات سيارته، وتَفَصَّلَتْ أَجْزَاؤُهَا..
وتوزعت بينهم. فمنهم من حصل على اطار (تاير)… واخر اخذ المقود..
اما كبيرهم، فقد حصل على مقعد منها وجلس متباهيا، لانه اكتشف فائدة من تلك السيارة. ومنحه المقعد القدسية بين قومه.
بينما بقي الاخرون، يتطلعون في اطار السيارة، محاولين ان يجدوا منه نفعا، فعملوا منه ارجوحة، يلعب بها الفتيان.
كذلك، احدهم حصل على مصباح، فكر طويلا للاستفادة منه، فجعله وعاءا للطعام.. وهكذا..
◾وهذا المشهد المبكي.. او المضحك، هو اهون من حقيقة تعامل البشرية مع الرسالات السماوية…
◾والشيء الاهم هنا،،،
اولا. ان الرسالة، حصل لها تفكيك، كالعادة. ونحتاج اعادة تجميع للاجزاء، لنكتمل الصورة… ولنفهم المطلوب منها…
ثانيا. هل نحن قادرون، كبشر، ان نصل الى معرفة الهدف الكلي، والاعلى..
اي ماذا بريد الخالق منا؟ والى اين؟
ويبقى السؤال..
◾لماذا سارت الامور بهذه الطريقة؟
اي لماذا وصلت لنا الرسالة، مثلما وصلت السيارة إلى قبيلة في مجاهيل الامازون.
◾ويمكن القول..
لو بقيت أجزاء السيارة، زمنا طويلا، حتى ترتقي القبيلة، وتجمع الاجزاء، وتفهم كيفية الاداء، سوف تنحل الاجزاء المبعثرة عندهم،. كذلك، تنحل مشكلة فهمنا للرسائل، ويمكننا، حينها، الاستفادة منها.
◾اي ان المشكلة، حاليا، هي..
تفكيك الدين، من قبل البشرية. ومحاولتنا لحل مشاكل فردية، بعيدا عن فهم النظام الكلي، والتخطيط العام.
◾لذلك، يبدو ان البشرية قد تحتاج ، عقودا، وقرونا طويلة، ليتراكم الفهم، وتكتمل الصورة.
ولكن يبقى السؤال في الذهن..
◾ماهو الاساس النظري، والمعلوماتي، الذي تستند عليه البشرية، لتصل الى تلك المرحلة من الفهم والاستيعاب، للتخطيط الالهي العام.
والجواب…
◾يمكن القول، انه العقل.
وان العقل البشري، مستمر بالتطور. وهذا الضامن الاول، لحل المشكلة.
ثانيا.
الرسالات، الموجودة، والمتواترة. ◾اي تلك النصوص التي تضع النقاط على الحروف..
خذ مثلا.
فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (76 الانعام).
وما علاقة هذه الاية بالموضوع..!
◾يمكن القول، ان ما ورد من ايات حول ابراهيم، عليه السلام، تكشف قدرة العقل البشري، على الوصول إلى الحقيقة، وفهم النظام الكوني، المادي، والمعنوي…
اي، عقلا دون الوحي، في المرحلة الابراهيمية الأولى..
يعني، العقل، قادر على التعرف على عدد مهم من الصفات الالهية، فضلا عن بعض الضروريات.
◾كذلك..
العقل قادر على استقراء ومراجعة ما مضى، وصولا لفهم الهدف… او وصولا لتصور التخطيط الالهي العام…
وذلك، ممكن للقارئ اللبيب..
وللحديث بقية.