لبنان ذلك البلد الذي أنهك شعبه الجوع، لبنان ذلك البلد الذي يتدافع أبنائه من أجل رغيف الخبز، لبنان هو البلد المنهوب الذي مازال يفاوض البنك الدولي منذ أشهر لإقراضه قرضاً يسد به رمق وجوع شعبه.
خيوط القدر لاتريد أن تنهي هذه الكوميديا السوداء إلا بنهاية تكشف المستور وتوضح الصورة، إنفجار هائل في مرفأ بيروت سببه وجود مواد شديدة الإنفجار يسبب إنفجارها دماراً هائلاً يحيل نصف بيروت الى أنقاض وركام. هذه الكميات الهائلة من هذا المخزون المخيف والذي تتحدث عنه الأجهزة الأمنية اللبنانية أنه كان مخزوناً منذ عام 2014 كان يمكن مصادرتها وبيعها في الأسواق السوداء والبيضاء وتوفير رغيف الخبز على الأقل بثمنها لهذا الشعب المنكوب، لكن إرادة اللصوص وقطاع الطرق وتجار المخدرات أبت إلا أن يُقتل ويُحرق هذا الشعب بليلة ظلماء.
لم يختلف ليل بيروت المعتم الذي خيّم على أهله عن ظلام بغداد الدامس فلا زال العراقيون الذين يحتفظون بذاكرة غير مثقوبة يتذكرون إنفجارات وزارات المالية والخارجية والعدل والكرادة بحيث أطلقوا عليها أيام الأربعاء الأسود والأحد الأسود بل وجميع أيام الأسبوع السوداء، أما الذين حكموا العراق فتتشابه صورهم مع حكام بيروت فطوال سبعة عشر عاماً من حكمهم الأسود إزداد العراقيون فقراً وجوعاً جعل الأب يحرق أطفاله والأم تبيع فلذات كبدها في بلد يطفو على بحور من النفط وموازنات انفجارية، ليأتي أخيراً من يقول لهذا الشعب أن إيرادات المنافذ الحدودية وحدها تبلغ (72) مليار دينار شهرياً وبمعادلة حسابية بسيطة طوال هذه السنين كان يمكن لهذه الإيرادات أن لا تُبقي فقيراً أو مُعدماً واحداً في العراق.
إنفجار كبير في بيروت حوّل نصفها الى ركام و(أطلال) وإحترقت معه مخازن القمح وضاع رغيف الخبز بين الرماد وأمضى اللبنانيون ليلتهم في العراء يحيطهم الظلام.
من بغداد إلى بيروت يتشابه اللصوص والسُراق والعاهرون ويتطابق نفس السيناريو وتتشابه خيوط اللعبة بأنتظار فصل جديد وأدوار جديدة دون أن يكون لها نهاية وسلاماً من أهل بغداد الى أهل بيروت.