18 ديسمبر، 2024 11:29 م

إلى مجلس محافظة بغداد وأمانة العاصمة..فوضى وتهالك البنى التحتية في بغداد

إلى مجلس محافظة بغداد وأمانة العاصمة..فوضى وتهالك البنى التحتية في بغداد

مِنْ نافلةِ القول إنَّ الإيغالَ فِي فعاليةِ البناءِ غير المستند عَلَى قواعدِ التخطيط الحضري، فضلاً عَنْ التمددِ العشوائي للأحياء السكنية فِي مختلفِ مناطق العاصمة بغدادَ، أفضى إلى سلب المدينة التاريخية هويتها الحضرية والمعمارية والثقافية، إذ لَمْ تُعَد قناديل السعادة تتراقص في لياليِها مثلما توحي اليه العوامل المرتبطة بعمق تشكيلها. وَلعلَّ مِنْ بَيْن أهم العوامل المساهمة فِي تشويه صورة بغداد الحضرية والعمرانية هو تهالك بنيتها التحتية، إلى جانبِ تراجع الخدمات البلدية والاجتماعية فِي غالبيةِ مناطقها؛ بالنظرِ لغيابِ أثر الفعاليات التنموية المرتكزة عَلَى التخطيط بفعلِ تداخلِ الكثير مِنْ العواملِ الموضوعية وتشابك مفرداتها، ولاسيَّما مشكلة التقاطع الواضح فِي عملِ الجهات الحكومية، وَالَّتِي ما تزال أغلب إجراءاتها التنفيذية بحاجةٍ ماسة إلى إقرارِ تشريعات قانونية مِنْ شأنها تحديد المهام الوظيفية، وإيضاح الصلاحيات بقصدِ عدم تداخلها.

منذ تأسيسها فِي النصف الثاني مِنْ القرن السابع الميلادي وحتى يومنا هذا، تُعد مدينة بغداد الَّتِي يصل عدد سكانها إلى ما يقرب مِنْ ثمانيةِ ملايين نسمة – بحسبِ أحدث التخمينات الرسمية – مِنْ أكبرِ مدن البلاد وأهمها، بوصفِها عاصِمة العراق الَّتِي تشكل مِنْ ناحيةِ عدد السكان أكبر المدن فِي منطقةِ الشرق الأوسط وَثاني أكبر مدينة فِي البلدانِ العربية بعد العاصمةِ المصرية القاهرة، بالإضافةِ إلى تميز هويتِها الحضارية والثقافية، وَالمتأتية مِنْ عمقِها التاريخي وَرصيدها الفكري وَالحضاري والثقافي، إلى جانبِ أهميتها العلمية والاِقْتِصادية المتمثلة فِي جامعاتِها وآثارها وعراقة مكتباتها ومؤسساتها الإدارية والحُكُومية. مِنْ نافلةِ القولِ إنَّ مهمةَ إعمار العاصمةِ بغداد وإعادة البريق إلى فضاءاتها البائسة، يفرض عَلَى الجهاتِ ذات العلاقة التحلي بالرغبةِ والإصرار والصبر لأجلِ الارتقاء بأعمالِها إلى مستوى مطامح أهالي المدينة فِي رؤيةِ مشروعات عمرانية كبرى تتجاوز فِي أهدافها سياسة الحكومة المحلية المتمثلة فِي التمدد بإنشاءِ الأسواق (المولات) والمطاعم ومحلات الصيرفة وإغفال القطاعات الحيوية الأخرى، إذ أضحى مِنْ الضروري والواجب التخطيط لتداركِ خرابها الَّذِي وصل إلى حد تداخل المحلات التجارية والخدمية والصناعية مع المباني السكنية ومنازل المواطنين، فضلاً عَنْ بشاعةِ صورة مسار أسلاك توصيل دور المستهلكين مع المولدات الأهلية، الاضافة إلى ما استقر مِنْ هذه المولدات فِي الجزرات الوسطية للشوارع أو بمحاذاتها، وَالَّتِي تعكس مِنْ دونِ أدنى شك إخفاق إدارة بغداد المحلية فِي معالجتها.

وهو الأمر الَّذِي يفرض عَلَى جميع الجهات ذات العلاقة الابتعاد عَنْ جميع السبل الرامية إلى التهدئة عبر استنزافِ الزمن بأحاديثٍ إنشائية حول إعداد برامج وهمية لإقامةِ مشروعات استراتيجية لتحسينِ واقع المدينة، مثلما حصل فِي طروحات كثيرة، لعلَّ ابرزها مترو بغداد وقطارها الَّذِي ما يزال معلقاً فِي متن إحدى حكايات ألف ليلة وليلة. لا رَيْبَ أَنَّ مدينة بغداد تعكس فِي حاضرِها ما يؤكد افتقارها إلى ملامحِ التصميم الحضري جراء التشوهات، الَّتِي سببها التدهور الَذي لحق ببيئتِها العمرانية والبلدية، إذ أضحتْ مدينة غارقة بفوضى التخطيط والعمران، فضلاً عَنْ معاناة أهليها مِنْ مُشْكِلاتٍ كثيرة، مثل نقص الخدمات البلدية والاجتماعية، إذ أنَّ بعض أحياء العاصمة تغص بالنفاياتِ بفعلِ إهمال الوزارات المعنية والدوائر البلدية، فيما يرزح أغلبها، وبخاصة المناطق القديمة مِنْ فضاءاتِها تحت سطوة مشكلات مياه الشرب وشبكات المجاري ومياه الأمطار، إلى جانبِ تنامي ظاهرة جزر وبيع الأغنام عَلَى أرصفةِ شوارعها مِنْ دونِ مراعاة الضوابط الصحية الخاصة بجزرِ المواشي، ولاسيَّما ضمان خلوها مِنْ الأمراضِ قبل ذبحها، بالإضافة إلى انتهاء الأعمار الافتراضية للقسمِ الأعظم مِنْ شوارعِها،

وَالَّذِي جعلها مليئة بالحفر والمطبات وَتفشي ظاهرة تخسف الكثير منها عَلَى غرارِ تخسف الأنابيب الناقلة لمياه الشرب ومياه المجاري، وَالَّتِي أفضتْ إلى جعلِها أشبه بطرقٍ غير معبدة. ويضاف إلى ما تقدم تزايد التجاوزات التجارية والصِناعيَّة والسكنية علَى شوارع المدينة وأزقتها مِنْ دونِ شروع الجهات المعنية بإجراءاتٍ رادعة، ساهمت جميعاً بفقدِها هيبتها، وبالتالي المساهمة بانحسارِ ألق المدينة، الَّتِي تأتي مِنْ ناحيةِ الكثافة السكانية بالمرتبةِ السادسة عشر عالمياً… فِي أمانِ الله.

نقلا عن صحيفة التآخي