كان لترشيحكم من قبل الاحزاب التي تطبق على عنق العراق والعراقيين منذ سبعة عشر سنة عبر التزوير والسلاح ، مدعاة للترقب والحذر الشديد مع بعض اليأس لاحداث تغيير في المنظومة الفاسدة التي تختلف مكوناتها في كل شيء لكنها تتوحد في موضوعة الفساد وتحمي بعضها البعض ، فسقوط ايا منهما سيكون مدعاة لسقوط الاخرين كحجر الدومنيو الذي يتكأ بعضه على الاخر ، لكن خطواتكم التي خالفت اسلافكم في اتخاذ قرارات ازالت بعض الترقب وبقي بعض الحذر ،نتيجة شعور قطاع واسع باليأس من الاصلاخ حيث كانت التظاهرات الرافضة لممارسات النظام السياسي الجديد تتجدد سنويا واخرها تظاهرات تشرين التي اعطت تضحيات جسيمة تجاوزت ارقامها المعقول من حيث عدد الشهداء والجرحى والمعوقين ، الا ان الذين ينظرون الى النصف المملوء من الكأس يعتبرونها خطوات جريئة لانها كسرت البروتوكول السياسي او العقد السياسي الذي ابرم بين الفرقاء في جعل المصالح الحزبية وحفظ المغانم خطوطا حمراء مما جعل الحاجز النفسي بين الشعب والسلطة قويا، وزاد من عظمة هذا الحاجز هو اصرار الطبقة السياسية على تعزيز العيش في منطقة معزولة جغرافيا واجتماعيا ونعني بها المنطقة الخضراء ذات الخدمات المتميزة ورفض المسؤول السياسي لمبدأ الأختلاط مع عامة الجمهور مما ادى الى عجز تلك الطبقة عن فهم بل رفض فهم ما يعانيه الناس من صعوبات اقتصادية ،
الا ان التغيير في طريقة التعاطي مع قضايا الشعب والتواجد بين ابناءه ربما يخفف الى حد ما من الترقب الحذر من قبل البعض الذي لا يزال ينظر الى خطوات الحكومة على انها اجراءات خجولة او فيها شيء من المجاملة للاحزاب والشخصيات التي لا تزال توحي بانها هي من تملك زمام المبادرة في ادارة الدولة ، ولكي تتعزز الثقة اكثر بالحكومة ويزال الحذر والترقب ، لا بد من اجراءات الصدمة التي سوف تسرع من وتيرة الاصلاحات وتنهي صراع الاحزاب على المناصب الحكومية التي ادت الى هذا الكم الهائل من الخراب والفساد وسوء الادارة والذي ان استمر سوف يؤدي الى زوال العراق من خارطة العالم وسيكون الشعب هو الخاسر الوحيد وسيذهب السراق محملين بأموال السحت الحرام مع سكوت دولي على ما يحدث للعراق وللعراقيين ،
وبما ان امانة بغداد هي ساحة حرب مكشوفة بين كل الاحزاب والشخصيات طيلة السبعة عشر سنة التي مضت حيث تولت ادارتها وعلى مراحل زمنية بشكل مطلق جميع الاحزاب ، والنتيجة كانت خراب وفساد وضياع مدينة حفرت اسمها بحروف من ذهب عبر مختلف الحقب التاريخية لتنتهي بهذا الشكل القبيح والمفزع والفوضى العارمة التي انعكست على راحة المواطن وصحته واستطيع ان اقدم احصائية تؤكد جسامة الخراب والتاثير السلبي لهذه الفوضى سواءا عبر خسائر ملموسة او فرص تقدم ضائعة وان كانت هذه النتائج تراكمية تمتد الى ايام النظام السابق ، لكن تم اقترافه بعد عام 2003 يدمي القلب ويحزن المخلص ، والخراب هذا كفيل بان ترد اعتراضات الاحزاب والكتل على انه تمت تجربة ممثليكم جميعا لادارة هذا المرافق وفشلوا في تقديم الخدمة المطلوية
فهنالك مدن لا تتمتع بمكانة كمكانة بغداد ، ومدن لا تمتلك مقومات التقدم الذي تمتلكه بغداد ، حيث انها عاصمة الدنيا قديما و لا تزال مرشحة لان تكون هي كذلك ، و لا اقول ان هذا الامر يفسر تكالب العديد من دول العالم لان يكون لها حضورا في هذه المدينة لحسابات مستقبلية مبنية على قراءات تاريخية ، لان الامر يحتاج الى الكثير من التوضيحات والشواهد
والاصلاح يبدأ اولا من ترتيب البيت الداخلي للامانة حيث ان وارداتها لا تشكل سوى 10% عن المردود الحقيقي ، هنالك فرص تزيد عن 50% يتم استغلالها من قبل متنفذين ومواطنين عاديين ، غياب المناطق الخضراء مما زاد من نسبة التلوث ودرجة الحرارة مما شكل ضغطا على الصحة العامة واستهلاك الطاقة نتيجة الدعايات الانتخابية والاهمال المتعمد او التواطيء في تحويل جنس الارض والاعدامات المستمرة للمزارع وخصوصا النخيل تلك الشجرة المباركة التي لا ابالغ انة قلت لها حوب كثير ،
السكن الذي يحتاج الى اعادة نظر شاملة وهنالك تجارب عالمية سهلة وبسيطة ، قد يتحجج البعض بالحاجة الى المال وان كان هذا امرا مهما ، الا ان هنالك تجارب لمدن استطاعت تمويل اغلب تخصيصات اعادة ترتيب السكن من وارداتها الخاصة ، لكن هذا الامر يتطلب المخلص والوفي لبلده في اتمام هذا الامر
لا اريد ان اطيل لان في الموضوع تفاصيل بعضها مذهل لا يمكن احتواءه في مقالة بسيطة ، لكن هنالك تلازم بين استخدامات الارض والنقل ، وهذا الموضوع يطول شرحه ، لكن هذه المتلازمة كفيلة باعدادة تخطيط المدينة لتكون صديثة للبيئة ومن ثم الانتقال الى المدينة الذكية التي احد مفرداتها النقل ، اذكر هنا فقط مثالا جعل من بوغوتا عاصمة كولومبيا المدينة التي كان يكرهها اكثر سكانها بسبب تخلفها الخدماتي والاقتصادي ووجود التمايز الطبقي الفج بين اغلبية فقيرة و غنى فاحش ، لكن رجلا مثل آنريكي بانولوزا الذي انتخب رئيسا لبلدية المدينة واستطاع في فترة زمنية لا تتعدى الثلاث سنوات من تغيير حياة سكان هذه المدينة ولو يتسع الامر لأدرجت الترجمة الكاملة للمقالة (Lesson from elsewhere: Bogotá) التي توضح ما فعله هذا الرجل من جعل المدينة قابلة للعيش ورفضه لمبدأ الاقتراض من البنك الدولي وغيره لتطوير النق والمدينة واعتبره أهدار للمال العام ومضيعة للوقت وظلم تجاه اغلبية سكان المدينة الذين يفتقدون وسائل مواصلات كريمة ومرافق هامة كالصرف الصحي ومياه الشرب اضافة الى المدارس والمستشفيات وعرف كيف يتعامل مع العشوائيات التي زاد روادها في مدننا بسبب الدعاية الانتخابية للبعض ، واقر خطة وحلول مستدامة ومجمعات سكنية كتلك التي اقترحناها سابقا ونشرت في صحيقة الدستور عام 2008 والتي تصرف بها امين بغداد الاسبق صابر العيساوي دون فهم لفكرتنا فاهدر الملايين من الدولارات في غير موضعها ، واقام نظام نقل صار محط اعجاب جميع المهتمين بالنقل وصارت بوغوتا محجا لخبراء النقل ، المتمثل بانشاء منظومات نقل منخقضة الكلفة لتتلائم والوفرة المالية للمدينة وتقترب من كفاءة المترو ذا الكلف العالية جدا ، حتى ان مدنا اميرؤكية ومدن عالمية اخرى استنسخت تلك التجربة ، في حين نحن نناقش مشاريع فاشلة وولدت ميتة مثل القطار المعلق الذي سنكتب عنه لاحقا ذي الكلفة العالية ، ولأبداعات الرجل آنريكي بانولوزا فقد استقطبته احدى المعاهد الاميركية المعروفةInstituet for Transportan and Development Polciy والتي يقال لها اختصارا ITDP ( معهد سياسات النقل والتنمية وهو منظمة غير حكومية وغير ربحية مهمتها تطوير انظمة النقل السريع ) والتي لها خدمات حول العالم بدءا من الصين مرورا بافريقيا وانتهاءا بالاميركيتين المهتمة بدراسات النقل لان يكون رئيسها
لذلك اجد ان طريقة الصدمة في ترشيح امين بغداد بعيد عن الاحزاب وتأثيراتها هو الخطوة الاولى الحاسمة لكف ايديها عن الصراع على المناصب وبالتالي وضع اعادة البناء على السكة الصحيح لتعويض ما فات البلد من مآسي جسام ، ولكي لا تعطى فرصة الاعتراض او الطعن من قبل هذه الاحزاب على طريقة الترشيح أولا ولمنح الفرصة للجميع دون استثناء ثانيا وثالثا لجعل هذه الطريقة التي سنوضحها سياقا ثابتا لجميع المناصب الحكومية ، وتتمثل هذه الخطوة بفتح بوابة الكترونية تتوفر على حقول تغطي مهام المنصب المقصود كتلك التي اعلنت في زمن العبادي حيث توافرت فيها الاسئلة والحقول التي تعطي مفهوما مهنيا لمعلومات المتقدم ونتمنى الرجوع اليها وأستئنافها لأختيار الملائم ، لا تلك التي اطلقت في زمن الكذب والدجل زمن عادل عبالمهدي والتي كانت امرار فرض لذر الرماد في العيون
نأمل ان يكون مقترحنا بوابة نحو الاصلاح