نترات الأمونيوم NH4NO3 نوع من الأسمدة المعروفة بإسم سماد اليوريا ، متداول بكثرة ولا يخلو منه أي منزل يحتوي على حديقة ، مفيد جدا كسماد نتروجيني خصوصا (الثيّل) ، تحول بعد تفجير لبنان المأساوي إلى بعبع يتخوّف منه الجميع ، ويسعون إلى التخلص منه رغم خزنه في الصوامع لسنوات عدة ، بالرغم من قدم إنتاجه وفعّاليته في تغذية النبات ، وربما لن نحصل عليه بعد الآن للحفاظ على منظر الأشجار الباسقة أو لأجل زيادة إنتاج الغلال الزراعية ، وكل مادة تحتوي على جذر النترات (NO3) ، تعتبر خطيرة ولكن ليس للدرجة التي نتصورها كونها مادة مستقرة لا تتحول إلى متفجرات إلا بعد خلطها بمواد أخرى وبنسب معينة لأنها تعتبر مادة مؤكسدة ، ونحن العراقيون جرّبنا كل أدوات القتل والإبادة التي مرّت أو لم تمر على كل البشر ، فقد أستُخدمت نترات الأمونيوم بعد معاملتها بمواد حارقة أخرى ووضعها داخل خزان للماء بواسطة الإرهابيين في تفجير وزارة المالية فوق جسر محمد القاسم منذ عدة سنوات ، وأدى الإنفجار إلى سقوط واجهة وزارة المالية وسقوط باع (Span) كامل من الجسر .
المادة الخطيرة حقا هي ملح البارود (نترات البوتاسيوم Gun Powder,KNO3) ، وهي بالمناسبة من الممكن تناولها كملح عند عدم توفر ملح المائدة (كلوريد الصوديوم) ، فجذر النترات (NO3) يعطي خاصية ملحية لأي عنصر يتصل به ، هذا الملح يشكل نسبة عالية من حشوة ظرف رصاص البندقية أو المسدس ، ويوجد في الطبيعة على شكل صخور .
في نهاية السبعينيات كنت طالبا في الإعدادية ، وكان بيتنا لا يخلو من هذه المادة (سماد اليوريا) ، دفعني الفضول إلى حرق مقدار قليل منه بقدر ملعقة طعام على صفيحة ساخنة فوق لهب الطباخ ، لأني قرأت أو سمعت أن نترات الأمونيوم تتحلل بالحرارة الشديدة إلى غاز (الأمونيا NH3) ، فأنبعثت رائحة الأمونيا الكريهة التي ملأت المنزل ، لا زلت أتذكرها كلما زرت معملا للثلج لغرض الصيانة ، لأن غاز التبريد المستخدم في هذه المعامل هو الأمونيا .
مادة سُكّر القصب (C12H22O11) ، وهو السكّر العادي ، يعتبر من أفضل المواد المؤكسدة لوفرة الأوكسجين في هذا المركّب ، لصنع محركات الصواريخ الصغيرة ذات الوقود الصلب التي يستعملها الهواة بعد خلط نسبة منه مع مواد أخرى ، وموقع (اليوتيوب) يطفح بالمواقع التي تُعلّم تصنيع المحركات الدافعة خطوة بخطوة .
بعد ملاحظتي لشكل الإنفجار من خلال عشرات اللقطات ، توقعت صراحة أنه إنفجار نووي لشدّته وبشاعته وحجمه ، فبعد أجزاء من الثانية للإنفجار الثاني ، تكوّنت حوله غيمة بيضاء كروية هائلة ، أعلم إنها ليست جزءا من الإنفجار ، ولكن بسبب موجة الصدمة الناتجة عن الإنفجار والتي بلغت أضعاف مضاعفة لسرعة الصوت ، بحيث أدّت إلى تكثيف رطوبة هواء البحر بسبب الضغط الشديد وتحويله إلى غيمة ، سرعان ما تلاشت في السماء بعد زوال الضغط ، وبقي الدخان الأحمر الناتج عن الإنفجار ، هذه الظاهرة من الممكن ملاحظتها عندما تخترق طائرة حربية لحاجز الصوت (أكثر من 340 م/ثا( ، خصوصا في المناطق الرطبة ، فتتكثف الرطوبة ويتكون مخروط أبيض كالغيمة ، يحيط بجسم الطائرة بسبب ضغط الهواء الشديد .
وقُبيل الإنفجار الثاني ، كانت هنالك سلسلة من الإنفجارات الصغيرة تُعتبر مثار تساؤل كبير ، خلاصة القول، أن هذه المادة خاملة وكان يتم تداولها سابقا بأسوأ الظروف وبدون أي عناية ولم تسبب أي حادث ، وتجربتي الخاصة خير مثال ، لا يمكن تفعيل هذه المادة إلا بعد عمل طويل ، وتلاعب مُتعمّد بالمكونات يستغرق وقتا طويلا ، لجعل هذه المادة التي طالما أكلنا من خيرها ، أن تتحول إلى قنبلة بقوة تعادل خُمس قنبلة هيروشيما ، وصمة عار أمريكا إلى أبد الآبدين ، نسأل الله أن يحفظ بلدنا ويحفظ لبنان الجميل ، منبر الثقافة العالية والفن الرفيع بأناسه الراقين ، وأن يجعل الله من هذه الحادثة ، خاتمة كل سوء .