الْفَقْر الْأَسْبَاب وَالنَّتَائِج
يَعُد الْفَقْر مِنْ أَهُمْ الظَّوَاهِر الْاِجْتِمَاعِيَّة السَّيِّئَة الَّتِي تُصِيب الْكَثِير مِنَ الْمُجْتَمَعَات وَهُوَ عَدَم تَوَفُّر الْحَدّ الْاِدَّنَى مِنْ مُتَطَلِّبَات الْحَيَاة وَالْمَعِيشَة لِلْأَفْرَاد أَوْ الْأَسْر وَالْفَقْر يَنْتَشِر وَ يَكْثُر فِي الْمُجْتَمَعَات الَّتِي عَانَت وَيْلَات حُروب أَوْ كَوَارِث طَبِيعِيَّة او فِي الدُّوَل الَّتِي تُعَانِي مِنْ قِلَّة الثَّرْوَاتُ الطَّبِيعِيَّة اِخْتِلَاَف النَّاس بِمِقْدَار أَرْزَاقهمْ بِاِخْتِلَاَف طَرِيقَة تَعْلِيمهمْ او افكارهم او اِسْتِغْلَاَل الْفُرَص وَاِسْتِثْمَارهَا هِي سُنَّة الله الَّتِي حَكَمَت الْبَشَرِيَّة لَكِنَّ هُنَاكَ أَسْبَاب تَزِيد فِي اِنْتِشَار الْفَقْر وَالْمجَاعَة فِي الْمُجْتَمَعَات أَسَبَّابهَا بَشَرِيَّة يَمّكُنَّ السَّيْطَرَة عَلَيْهَا أَوْ تَقْليلهَا وَتَحْسِين مِنْ حَيَاة النَّاس فَالتَّوْزِيع الْعَادِل للثروات يُخَفِّف الْأَعْبَاء عَلَى الْفُقَرَاء وإيجاد فَرَصّ عَمَل وَتَوْسِيع بَرَامِج الْحِمَايَة الْاِجْتِمَاعِيَّة وَتَحْدِيد حَدّ اِدَّنَى لِلْأُجُور فَالْفَقْر لَيْسَ فَقَطُّ عَدَم وُجُود مَصْدَر دَخْل لِلْفَرْد وَإِنَّمَا قَدْ يَكُون مَصْدَر الدَّخْل غَيْر كَافِّيِّ للإيفاء بِمُتَطَلِّبَات الْحَيَاة الْفَقْر مُشَكَّلَة بِحَدّ ذاته لَكِنَّ الْمُشَكَّلَة الْأكْبَر بِمَا يُنْتِج عَنِ الْفَقْر مِنْ تَغْيِير بِالْأَفْكَار وَالسُّلُوكِيَات وَالْأَعْمَال وَمَا يُحْدِث مِنْ مَشَاكِل وآفات لَا تَسْتَطِيع أَكْثَر الدُّوَل اِسْتِقْرَارَا السَّيْطَرَة عَلَيْهَا مِنْ تَفَكُّك أُسْرِيِّ فِي الْمُجْتَمَعَات وَاِنْتِشَار الْجَرَائِم وَالْأَمْرَاض النَّفْسِيَّة مِنَ اِكْتِئَاب وَغَيْرهَا فَالْفَقِير يُشْعِر بِفُقْدَان ثِقَته بِالْمُجْتَمَع عُمُوما وَالدَّوْلَة خُصُوصًا وَلَا يُشْعِر بَعْدَ بِالْاِنْتِمَاء او الْمُوَاطِنَة لِلدَّوْلَة وَالْمُجْتَمَع الَّذِي يتركه يُعَانِي وَيُوَاجِه مَصِيرَة لِوَحْدَة وَلَا يَكْتَرِث بِأَمْوَال الآخرين الَّتِي بِنَظَرَة سَتَكُون مُبَاحَة لَمَّا يُعَانِيهِ مِنْ مَشَاكِل وَعَدَم اِهْتِمَام الآخرين بِحَالَة الاملاك الْعَامَة بِنَظَرَة سَتَكُون هَدَف لِجَرَائِمه لِأَنَّهَا لَمْ تَكُن يَوْمَا لمساعدتة وَلَمْ يَسْتَفِد مِنْهَا ابداً لَا يَهْتَمّ بِمَا يُعَانِيهِ الآخرين وَفُقْدَان الرَّغْبَة فِي الْحَيَاة خُصُوصًا بَعْدَ أَنْ تُغْلِق جَمِيع الْأَبْوَاب فِي وَجْهه وَ يَتَخَلَّى الْجَمِيعُ عَنْ مساعدتة وَعَدَم اِهْتِمَام الدَّوْلَة بِحَالَة عَنْ طَرِيق تَحْسِين وَضْعه وَمُسَاعَدَته وإيجاد فَرَصّ عَمَل لَهُ الْقَضَاء عَلَى الْفَقْر لَا يُتْم عَنْ طَرِيق كَثْرَة الْكَلَاَم وَالْبَرَامِج الَّتِي لَا تُنْتِج شَيْء لِصَالِح الْفُقَرَاء الْقَضَاء عَلَى الْفَقْر يَتِمّ عَنْ طَرِيق خَطْوَات كَثِيرَة تَكَوُّن الدَّوْلَة بِالْأَسَاس هِي الْمَسْؤُولَة عَنْهَا وَالْمَعْنِيَّة بِمُتَابَعَتهَا اِبْتِدَاءً مِنْ وَضْع قَاعِدَة بَيَانَات صَحِيحَة لِكُلّ مُوَاطِنِيهَا وَمِقْدَار دَخْلهمْ السَّنَوِيّ وَالشَّهْرِيِّ وَنَوْعِيَّة سَكَنهمْ وَتَعْلِيمهمْ ثُمَّ الشُّرُوع بإيجاد مَصْدَر دَخْل كَافِّيِّ عَنْ طَرِيق شَبَكَة الْحِمَايَة الْاِجْتِمَاعِيَّة تَحْفَظ كَرَامَة الْفَقِير ثُمَّ الْاِتِّجَاه لإيجاد فَرَصّ عَمَل مُنَاسَبَة لِلْأَشْخَاص تَتَوَافَق مَعَ تَعْلِيمهمْ واعمارهم ايضاً يَجِب أَنْ يَكُون هُنَاكَ تَوْزِيع عَادِل للثروات تَضَمُّن أَنْ تُقَلِّل الْفَوَارِق بَيْنَ الْمُوَاطِنِينَ وإيلاء الْاِهْتِمَام الْأكْبَر عَوَائِل الايتام وَكَبَارّ السِّنّ وَالْأَسْر الَّتِي تُعِيلهَا النِّسَاء الْقَضَاء ايضا عَلَى عُمَالَة الْأَطْفَال وَدَمَج هَؤُلَاءِ الْأَطْفَال فِي الْمُدَارِس لِيَكُونُوا أفْضَل حَالَا عِنْدَ الْكِبَر ان اِهْم الاسباب لِلْقَضَاء عَلَى الْفَقْر هُوَ الْعَمَل وَالنُّهُوض مِنْ تَحْتَ الرُّكَام وَتَرْك نَاتِج الْعَمَل هُوَ الَّذِي يَتَكَلَّم فَالْيَابَانَ وألمانيا مِثْلا خَرَجَتَا مَهْزُومَتَيْنِ مِنَ الْحَرْب الْعَالَمِيَّة الثَّانِيَة وَمُدَمِّرَتَيْنِ لَكِنَّ التَّخْطِيط السَّلِيم وَتَرْك الْخِلَاَفَات جَانِبا وَالْاِتِّجَاه إِلَى الْعَمَل جَعَلَهُمَا مِنْ أَقْوَى اِقْتِصَادَات الْعَالَم وَمَا تَمْتَلِكهُ الْبُلْدَان الْعَرَبِيَّة وَاِخْص بِالذِّكْر الْعِرَاق يَفْوَق مَا تَمْتَلِكهُ الْيَابَانُ او المانيا مِنْ ثَرْوَاتُ طَبِيعِيَّة وَعُقُول مُفَكِّرَة كَثِيرَة وَاِيدِي عَامِلَة شَابَّة لَهَا رَغْبَة كَبِيرَة فِي الْعَمَل تَجْعَل الْفُرْصَة سَانِحَة لِلتَّطَوُّر سَرِيعَا فِي حَال وُجُود الارادة الشَّعْبِيَّة وَالسِّيَاسِيَّة الَّتِي تُسَاعِد عَلَى ذَلِكَ .