22 نوفمبر، 2024 11:13 م
Search
Close this search box.

أوجه الشبه بين عمامة الملالي وطاقية اليهود/2

أوجه الشبه بين عمامة الملالي وطاقية اليهود/2

سياسة التدخل في الشئون الداخلية لبقية الدول
التدخل في الشؤون الداخلية لبقية الدول ولا سيما دول الجوار يُعد من الصفات المشتركة في الإستراتيجيتين الإسرائيلية والإيرانية، لكن برؤى مختلفة تماما كما سيتبين، من المعروف ان مفهوم السيادة يعني تمكن الدولة من صنع القرار وإجراء التغييرات والتعديلات في القوانين المحلية دون تدخل الخارجي، وتكييف قوانينها ودساتيرها بما لا يتعارض مع القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة والصكوك الدولية، مثل العهود الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان واتفاقية منع التمييز العنصري وحقوق الطفل وغيرها. ولابد ان تكون الدولة ذات سيادة كاملة وبمنأى عن النفوذ الأجنبي والتدخل الخارجي، بحيث تتمكن من صياغة قوانيها وانظمتها بمعزل عنهما سواء كانت التدخلات مباشرة أو غير مباشرة. ان التدخل في الشؤون الداخلية للدولة يمثل خرقا فاضحا لسيادتها واعتداءا سافرا على حقوقها السيادية كما جاء في القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لذا تضمنت جميع دساتير دول العالم فقرة تتضمن عدم تدخل الدولة في الشؤون الخارجية لبقية الدول.
ومن البديهي ان يكون التدخل أما مباشرا، كما في إحتلال الجزر العربية الثلاث من قبل النظام الإيراني، كذلك كل أنواع الإستعمار والإحتلال والإستيطان، كما جرى في فلسطين والأحواز العربية واحتلال العراق عام 2003 وغيرها. ولاشك ان الدول التي تحتل أجزاءا من دول أخرى سوف تتدخل تلقائيا في شؤون تلك الدول حسب ما يتناسب مع أجندتها للتغطية على الأحتلال، ولمحاولة فرضه كواقع جديد أو لأشغال الدول المحتلة بشئون هامشية تجعل أسبقية إنهاء الأحتلال متأخرة على أقل تقدير في الوقت الراهن.
او قد يكون غير مباشر، وهو يتمثل في بسط النفوذ على الدولة من قبل دولة أخرى دون إحتلالها، علما ان ها النوع قد يوازي الإحتلال المباشر من حيث تأثيراته السياسية والإقتصادية، وهذا ما يمكن ملاحظته في التغول الإيراني في العراق ولبنان وسوريا واليمن، علاوة على التدخل الصهيوني غير المباشر في الشئون العربية وفق قاعدة إستعمارية معروفة” فرق تسد”، لأنه أمام إرادة عربية موحدة وصلبة ومتماسكة لا يمكن للكيان المسخ أن يعيش بأمان وإستقرار وسلام، لأنها ستشكل تهديدا مباشرا لوجوده وأمنه القومي. لذلك فمنذ تأسيس الكيان الصهيوني كان دأبه الإستمرار في زرغ بذور الشقاق والتفتت والإنقسام في الدول العربية، فحصد ثمار بقائه لسبعة عقود. ومازال الكيان الصهيوني يشجع الحركات الإنفصالية في الوطن العربي من شرقه لغربه ومن شماله الى جنوبه على الإستقلال لخلق كانتونات هزيلة وضعيفة، وهذا سلوكه حتى مع الدول العربية التي عقد معها إتفاقيات سلام. لاشك ان تشجيع الحركات الأنفصالية للأكراد في شمال العرب أبرز نموذج على سياسته تلك.
غالبا ما يمارس الكيان الصهيوني إسلوب التدخل غير المباشر في الشئون الداخلية العربية في حين نجد تدخل النظام الإيراني مكشوفا وسافرا، يصل الى درجة الرعونة والتهور والوقاحة في بعض الاحيان، ففي الوقت الذي رفعت الثورة الاسلامية في بداية تسلم الخميني المقبور الحكم في ايران شعار تصحيح الإساءات التي ارتكبها نظام الشاه تجاه شعبه وبقية الشعوب سيما العراق، واعتبرته “حملا ثقيلا، ولكنها ستضطع به”، فإنها فاجئت الجميع بطرح شعارات لم يجرأ على طرحها حتى الشاه المعروف بعجرفته ونفوذه كشرطي امريكي في الخليج العربي، لذا عاشت أطماع الشاه التوسعية في منطقة الظل، لكن أطماع الملالي إنتقلت بها الى المنطقة الشمس.
إن شعار تصدير الثورة الاسلامية هو بحد ذاته تعبير واضح عن تدخل مقصود في شؤون بقية البلدان وبما يتعارض مع الدستور الأيراني نفسه من جهة، الذي أكد على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، كما انه يتعارض من الشرعية الدولية والقانون الدولي من جهة اخرى، لأنه يهدد الأمن والسلم الدوليين، وهذا ما حصل فعلا في العراق ولبنان وسوريا واليمن. ورافق شعار تصدير الثورة شعارات لا تقل بلادة وعفونة عن عقول الملالي فتارة اعتبروا تحرير القدس يمر عبر كربلاء وتارة عبر بيروت، واخرى عبر دمشق، واخرى عبر صنعاء، وانتهى بهم المطاف الى أن تحرير القدس لا يتم إلا بعد تحرير مكة المكرمة، اما تفسير هذه الموجات المتعارضة فترجع الى انهم احتلوا جميع هذه المدن بإستثناء مكة، مع هذا بقيت القدس محتلة، فغيروا البوصلة الى مكة المكرمة في تبرير ساذج لا ينطلي إلا على الجهلة والمستحمرين والذيول في المنطقة العربية.

أسباب تدخل النظام الايراني في شؤون بقية الدول
ـ أسباب تأريخية: فهم يفسرون أحيانا مطالبتهم بالبحرين والإمارات العربية إضافة الى جنوب العراق وفق نظرة تأريخية، لإعادة مجدهم الساساني كما يزعمون، ولا نعرف ما هذا المجد الذي يتمحور حول نزعة الحروب والإحتلال. إنها أطماع لا تقف عند حدود معينة. قال الخامنئي في حديث صحفي له في 7/10/2019 إن هذه الروابط بين العراق وايران” تؤكد ان العراق جزء من الإمبراطورية الفارسية وستزداد وثاقة يوماً بعد يوم”. وأن الأعداء يحاولون بث الفرقة بينهما لكنهم عاجزون عن ذلك ولن يكون لمؤامرتهم أثر بوجود الحشد الشعبي”. كما صرح (علي يونسي) أحد فقهاء حزب الدعوة ورئيس السلطة القضائية ومستشار الرئيس اﻹيراني حسن روحاني “إن بغداد عاصمة للإمبراطورية الفارسية”. وتفاخر نائب قائد الحرس الثوري الإيراني (حسين سلامي) في تصريحات له في31/10/2016 أن ” حدود إيران وصلت إلى البحر الأحمر وشرق البحر الأبيض المتوسط”. (وكالة ايسنا للطلبة الإيرانيين). قال اللواء سليماني خلال اجتماع عقدته لجنة قيادة الاقتصاد المقاوم في مدينة كرمان جنوب شرق البلاد في 9/3/2017 ” ان ايران لن تسلم العراق الى الولايات المتحدة لان العراق جزءا من التاريخ الايراني”. وصرح الجنرال الإيراني (عطا الله صالحي) أنه ” ليس من حق ‏العراق منع الإيرانيين من دخول أراضيه لأنها في الأساس أرض أجدادنا ونحن أحق بها لذا يتوجب على العراقيين معرفة هذا الحق وتجنب مجاراة الأمة الإيرانية”. انها مجرد احلام تداعب مخيلتهم المريضة، لا امبراطوريات بعد اليوم، فقد إنتهى عهدها ولا عودة اليها في ظل الظروف الحالية.
ـ أسباب أمنية: حيث يرجعون تدخلهم في شؤون المنطقة بحجة الأمن القومي الايراني، في 20/12/2015 هاجم مستشار المرشد الإيراني الأعلى ( علي أكبر ولايتي)، منتقدي تدخل طهران في العراق وسوريا، قائلاً ” إن تدخلنا في سوريا يأتي بدافع قومي، وهذا ينطبق على العراق أيضاً، حيث لو أن أميركا سيطرت على العراق لأنشئت قواعد بالقرب من حدودنا”. كما صرح الجنرال (حسين همداني) أحد قادة الحرس الثوري وقائد سابق لفيلق محمـد رسول الله في 6/5/2014 عبر العربية نت “أن بشار اﻷسد يقاتل نيابة عن إيران، وأن ايران تقاتل اليوم في سورية دفاعاً عن مصلحة ثورتها”. كما أكد القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء (محمد علي جعفري) في 6/5/2016″ أن قائد الثورة اكد لدى لقائه مع أسر الشهداء المدافعين عن المراقد، انه لولا هذا الدفاع لبلغت التهديدات الى اراضينا”. (وكالة فارس الايرانية الرسمية). كما صرح العميد مرتضى قرباني، رئيس مؤسسة متاحف الثورة الإيرانية في 1/10/2015 أن ” خطوط دفاع الثورة الإيرانية باتت اليوم في اليمن وسوريا والعراق ولبنان، ونحن على أهبة الاستعداد لتطبيق أوامر المرشد الإيراني خامنئي، للتحرك في أي مكان لأنه هو من يقود هذه البلاد والثورة ولأنه ممثل الإمام المهدي المنتظر في العالم”. وقال قائد القوة البریة للجيش الإيراني في 8/1/2015، إن خط إیران الأحمر مع تنظيم الدولة الإسلامية علی مسافة 40 کیلومترا داخل الأراضي العراقیة”. (وكالة أنباء إيران الرسمية إرنا). أما أقسى تصريح بهذا الصدد هو ما جاء على لسان الجنرال الايراني (يحيى رحيم صفوي) المستشار العسكري للمرشد الايراني خامنئي ” إن اهل العراق عبيد لنا ولهم الفخر اذ اصبحوا عبيد للفرس. ان العراق بلد في خدمة طهران وهو ارض فارسية وهومن يقاتل بالنيابة عن طهران وان هذ الامر حدث ثلاث مرات على مدى العصور الماضية حينما كان العراق تابع لنا ايام كسرى”. في الحقيقة ان حجة التدخل في شؤون بقية الدول للمحافظة على الأمن القومي تتيح لأي دولة ان تستخدم نفس الحجة فتستعمر دولة أخرى بحجة المحافظة على أمنها القومي، بل انه يعطي الحق الولايات المتحدة أن تمارسه كما فعلت في غزوالعراق، وروسيا في غزو سوريا والكيان الصهيوني في إغتصاب فلسطين، مما يهدد السلم والأمن الدوليين.

ـ اسباب جهادية بغطاء المقاومة: وفقاً لوكالة “ايسنا” الايرانية القريبة من الحرس الثوري، قال مستشار علي خامنئي، خلال كلمه له، في اجتماع لقادة القوة البحرية الإيرانية في نفس العام، والذي عقد من أجل بحث تطورات المنطقة، إن ” إيران تدخلت في سوريا والعراق بهدف الاتحاد مع الدول الإسلامية عبر محور المقاومة”. وفي تصريحات مثيرة، اعتبر الفريق يحيى رحيم صفوي، القائد السابق للحرس الثوري الإيراني والمستشار العسكري الحالي للمرشد الإيراني الأعلى، مدعيا أن ” سوريا هي البلد الوحيد الذي لم يعترف بالكيان الصهيوني، ولايزال يشكل جبهة الصمود أمامه”. حيث يعتبر النظام الايراني نفسه انه الراعي الرئيس لمحور المقاومة، ولا نعرف عن أية مقاومة يتحدثون، فمحور المقاومة عبارة عن مجموعة من الميليشيات المصنفة على قوائم الإرهاب الدولي، مثل الحرس الثوري الايراني، حزب الله اللبناني ونظيره العراقي، وميليشيات الحشد الشعبي كعصائب أهل الحق والنجباء والخراساني، وجماعة الحوثي، والميليشيات الأفغانية والباكستانية في سوريا. لاحظ كيف يتلقى محور المقاومة اسبوعيا الصفعات الإسرائيلية في سوريا (المقاومة) ومن سماء بيروت (المقاومة) دون أن يجرأ في الرد عليها، متعللا بفنظازيا (سنرد في الوقت والمكان المناسبين), انها اسطوانة مشروخة عزفها جزارا دمشق الأسد الأب والإبن منذ آخر حرب بين العرب واسرائيل، هما لم ولن يردا بالطبع، ربما النظام في إنتظار خروج المهدي ليرد!

ـ أسباب مذهبية
قال آية الله (أحمد علم الهدى)، عضو مجلس خبراء القيادة الإيرانية وممثل المرشد الإيراني علي خامنئي، في محافظة خراسان في 18/8/2017 ” إن إن حدود إيران أصبحت بالعراق والشام وسواحل المتوسط. وان القوات الإيرانية المدافعة عن حرم أهل البيت في العراق وسوريا لا تقاتل خارج حدود البلاد، بل ان هذه قوات الإمام الرضا والتي ذهبت للعراق وسوريا من أجل نشر الدين. وأن بادية العراق والشام وسواحل البحر المتوسط ليست نقاط خارج هذه الدولة، وأن قوات الدفاع عن الحرم تقاتل ضمن جبهة الاسلام”. كما أكد القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء (محمد علي جعفري) في 6/5/2016 أن اتحاد العراق وسوريا وإيران تجسيد للأمة الإسلامية الواحدة، مشيرا إلى أن بلاده مستمرة بالدفاع عن مراقد أهل البيت في العراق. قال وزير الدفاع الإيراني العميد حسين دهقان إن “إيران ستتدخل في العراق براً وجواً إذا تعرض داعش للمقدسات الشيعية هناك، من دون إذن من أحد”. وأكد دهقان، خلال مقابلة مع قناة العالم الإيرانية الناطقة بالعربية في 20/12/2014 ، أن “إيران أعلنت صراحة أن العتبات المقدسة في العراق خط أحمر بالنسبة لها.
وقد أدت هذه التصريحات الى إضطراب الأمن القوي العربي إضافة الى تدهور الأوضاع الأمنية الداخلية لعدد من الدول العربية، وبسبب محاولة الملالي إظهار أنفسهم بأنهم أوصياء آل البيت وحماة الشيعة فقد حذر الملك عبد الله الثاني من مغبة تأسيس هلال شيعي في المنطقة كما حذر الرئيس المصري حسني مبارك من ولاء الشيعة العرب لدولة الملالي. في الحقيقة لوطبقت دول العالم هذه المبدأ اي التجل في شؤون بقية الدول حماية الدين أو المذهب لأتباعها، فهذا يخلق فوضى عارمة، فيمكن لسماحة بابا الفاتيكان مثلا ان يأمر بتجييش الجيوش المسيحية لحماية المسيحيين في العراق وسوريا.

ـ أسباب استراتيجية
أوضح (حسين همداني) لوكالة مهر نيوز التابعة لمنظمة الدعوة الإسلامية الإيرانية في 22/6/2015 خلال كلمته في اجتماع أساتذة جامعات محافظة همدان غربي إيران وأعضاء ميليشيا حماة الضريح ـ تسمية إيرانية لقوات فيلق القدس المتواجدة في العراق وسوريا ـ بأن ” الحروب الدائرة في المنطقة تسببت في اتساع الثورة الإسلامية إلى خارج حدود إيران، مما يحتم تحديد تواجدكم ومكانتكم في المنطقة بشكل دقيق نظراً للتطورات الإقليمية وتحقيق أكبر قدر من الفايدة والمصلحة لإيران، من خلال الفرص المتاحة بسبب الأحداث في المنطقة، فاليوم لا تقتصر جغرافية إيران على حدود بلدهم السياسية، وإن هذه الحدود اتسعت، وإنهم يجاربون أعداء الجمهورية الإسلامية وراء الحدود”.
وفقاً لوكالة إرنا الرسمية الإيرانية، شدد ممثل المرشد الأعلى الإيراني (علي خامنئي) في الحرس الثوري علي سعيدي خلا اجتماع قادة وضباط فيلق الحرس الثوري في محافظة لرستان غربي إيران في 12/8/2015 ” أن البحرين وسوريا والعراق واليمن ولبنان وغزة تشكل عمق إيران الاستراتيجي، وأنها ضامن استمرار حياة الجمهورية الإسلامية. وأن طهران إذا خسرت عمقها الاستراتيجي في تلك الدول ستصبح دولة معزولة وبدون تأثير”.
مقارنة بين الأسباب المذكورة سنجد ان الكيان الصهيوني لا يعتمد على العامل الديني في توسعه ولا على مبررات تأريخية الا بقدر محدود للغاية، وبدأت الأسباب الدينية والتأريخية في الإفول في القنوات الاعلامية الرسمية، ما عدا بعض الحركات الدينية المتطرفة وهي ليست ذات شأن مهم، ويمكن ان نُجمل الأسباب في بوتقة واحدة وهي الأمن القومي الإسرائيلي، فالكيان الصهيوني إكتفى بتوسعه الجغرافي بما يتناسب وعدد سكانه، وان إنشاء مستوطنات اسرائيلية جديدة يتم ضمن حدود الكيان الحالية، وان عدد كبير من الأحزاب الإسرائيلية ترفض هذا التوسع كما لاحظنا في التظاهرات المستمرة. وفي هذا السياق نجد ان من أحد اسباب احتلال العراق من قبل القوات الامريكية عام 2003 كان الحفاظ على الأمن القومي الاسرائيلي بإعتراف الرئيس الامريكي بوش الإبن والرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني. كما انه لا توجد أطماع اسرائيلية في الأراضي العربية، فقد ارتبط الكيان الصهيوني بإتفاقيات سلام مع مصر والأردن ولبنان، ولم ينقض أي من هذه الإتفاقيات اويخرق أي من بنودها، على العكس من النظام الإيراني الذي ينقض اتفاقياته مع دول الجوار، والعراق شاهد حي على الخروقات التي قام بها النظام قبل وبعد الثورة الايرانية عام 1979.

أحدث المقالات