23 ديسمبر، 2024 7:55 م

المطالبُ المشروعة والحربُ المفتوحة

المطالبُ المشروعة والحربُ المفتوحة

تواجه الحكومة اليوم تحديين كبيرين لابُد لها من اجتيازهما و الانتصار بهما وتحقيق احدهما والقضاءُ على الأخر وإلا واجهة الفشل الذريع و الهزيمةُ التي لا تُحمدُ عقباها وهما مطالب المتظاهرين المشروعة والحرب على الإرهاب المفتوحة والتي أعلنت عنها إنها حربٌ مستمرة حتى القضاء على أخر معقلٍ ووكرٍ لتنظيم القاعدة الإرهابي ,ففي الوقت الذي تخوض فيه القوات الأمنية الحكومية حربا على القاعدة في معركة أطلقت عليها اسم (ثأر الشهداء) نتيجةً لما اقترفه التنظيم خلال الأشهر الماضية  من عمليات إرهابية إجرامية على المواطنين العزل وهجماتٍ نوعية على السجون ومؤسسات الدولة هي الأعنف والأكبر منذُ عشر سنوات  تدُل على تنامي هذا التنظيم وتطور قدراته وتزايد دعمه الخارجي والداخلي ,خرج المواطنون في جميع محافظات العراق في الـ 31 من شهر أب الماضي بمظاهرات سلمية طالبو فيها بإلغاء الرواتب التقاعدية والامتيازات الشخصية للرئاسات الثلاث ولأعضاء مجلس النواب الذين تبوءوا مقاعدهم ومناصبهم بأصوات الشعب الذي تظاهر عليهم اليوم بعد إن لم يجد فيهم ما كان يرجو ويأمل من شعاراتهم وبرامجهم الخدمية التي رفعوها وقت الانتخابات والتي سرعان ما تغيرت إلى مصالح ومنافع شخصية حال فوزهم ليتركوا المواطن الفقير ينأى بحاله البائس والمعدم ,الشعب الذي ساندَ حكومته المنتخبة طوال العشر سنوات الماضية والتي كان يرجو منها أن تعوضه عن سنوات الفقر و الحرمان والاضطهاد التي عاشها  وقضاها أبان فترة النظام السابق لم يعد اليوم صابراً على الوضع الذي يعيشه بعد إن تقطعت به السبل ومليء صدره غيضاً و ألماً وهو يرى التمايز والتفاوت الطبقي الكبير والواضح  بين الفئة السياسية والفئة الشعبية وتردي الواقع الخدمي والأمني  لعشر سنوات ماضية أنفقت فيها ميزانيات باهظة الثمن تحلم بمثلها كثيرا من الدول  والتي لو استغلت بالشكل الصحيح  لأصبح العراق واحد من أهم الدول المتطورة والمتقدمة ولكن كان للفساد المالي والإداري حصة الأسد من تلك الميزانيات  فأحبط  ذلك المواطن وذهبت أحلامه أدراج الريح من أولئك السياسيين الذين أصبحوا في قمة الثراء والرخاء على حسابه وقوته وحقه.
اليوم وبعد إصرار المتظاهرين على مطالبهم المشروعة وتأكيدهم على الاستمرار بها وتحويلها إلى ثورة سلمية مطالبة بالخدمات وتحسين الواقع المعيشي وتقليل الفوارق الطبقية بين الفئات المختلفة لم تجد الحكومة  التي تخوض حرباً على الإرهاب  إلا الاستجابة لتلك  المطالب والمناداة بها وكانت بداية تلك الاستجابة هي إعداد قانون التقاعد العام وقانون سلم الرواتب الجديد وإرسالهما إلى مجلس النواب للتصويت عليهما واللذان لم يقران منذُ عشر سنوات على الرغم من المطالبة الشعبية المستمرة بهما  في حين يُقر قانون مجلس النواب ذو المنافع الشخصية وميزانيته الخيالية بساعات قليلة جدا  !!!
والسؤال الذي يُطرح إذا كانت الفترة الباقية من عمر الحكومة الحالية قصيرة جدا لا تتجاوز بضعة اشهر والتحديات التي تواجهها كبيرة جدا وهي المطالب المشروعة المتمثلة بنقص الخدمات والحرب المفتوحة على الإرهاب فهل ستنجح الحكومة بتجاوز هذين التحديين وتحقيق ما ينشده المتظاهرون والناس وهل سيصوت النواب على إلغاء رواتبهم التقاعدية ومنافعهم الشخصية! أم سيبقى الحال على ما هو عليه ليستفيد من ذلك من يتربص سوءا بالعراق وهو الإرهاب المدعوم إقليميا ودوليا  . والذي يتطلب من السياسيين اليوم أن يقفوا وقفة جادة مع أنفسهم ليراجعوا حساباتهم ويتخلوا عن منافعهم وامتيازاتهم الفردية لصالح الوطن والمواطن وليدركوا أن العراق وأهله فوق كل شيء حتى تتوحد بذلك الجهود جميعها لدحر العدو الكبر والأول وهو الإرهاب الأعمى الذي لا يمكن القضاء عليه إلا من خلال القضاء على الفساد المالي والإداري المستشري في مؤسساتنا الحكومية .