استنبول ، يا أستانبولي
يقولون أن البؤس فيك
يفوق كل وصف
ويقولون أن المجاعة تحصد الناس
ويقولون أنهم يذوون بالسل
أخبار سيئة من مدينتي البعيدة
مدينة الشرفاء والكادحين و الفقراء
ناظم حكمت
تركيا العثمانية كانت قد سيطرت على المنطقة في القرن الثامن عشر على بلاد الشام وفلسطين والعراق ومصر وحكمت هذه البلدان ضمن الخلافة العثمانية متمسكة بالدين الإسلامي ، ومكملة للخلافة الإسلامية باستمراريتها ، ولم تقدم لهذه البلدان وشعوبها سوى التخلف بعيدا عن العلوم و الحضارة ، واستثمار ثروات الشعوب لمصلحتها ، لنأخذ التدخلات ضمن الصراع بين الامبراطوريتين الفارسية والعثمانية ، فقد كتب الكاتب البريطاني المستر ستيفن هيمسلي لونكريك في كتابة أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث ترجمة جعفر الخياط ، يتحدث فيه عن تاريخ العراق في العصور المظلمة ، وهو كتاب مهم للباحثين في تاريخ الشأن العراقي ، كتب عن ما كان يحدث في العراق يقول ان العراق كان يتعرض لغزوات من الشرق يأتي الفرس لغزوا العراق ويقوموا بقتل السنة ويأتون الاتراك من الشمال لقتل السنة وهكذا كان العراق يعاني من التطرف الطائفي الذي يأتي من الجارتين ، والعراقيين كما هو معروف عنهم لم يكونوا طائفيين بل كانوا يتعايشون مع كل المذاهب الدينية والأقليات القومية الساكنة على ارض الرافدين ، ومن منطلق المواطنة والكل شركاء في الوطن . وهذه التدخلات استمرت حتى الوقت الحاضر ، ونحن الان في الحديث عن التدخل التركي ، وبعد مجيئ كمال اتاتورك عام 1923 ميلادية ورسم سياسة جديدة للجمهورية التركية معتمدا على النهج العلماني و الحضاري ومتخليا عن نهج العثمانيين وترك الحروف العربية مستبدلا أيها بالحروف الاتينية و وضع الأسس الحديثة للمجتمع التركي ، ولم يمس بالتراث للديانات المسحية بل ابقى أيا صوفيا متحف تاريخي لكن ما جرى في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة الطيب رجب أورد وغان في تحويلها الى مسجد حاليا ، وهنا نربط هذا الحدث تعدي يذكرنا بمجازر (سيفو ) بحق الأرمن والمسحيين ، و اليوم ما يجري من سياسة الحزب التركي الحاكم في قطع المياه عن البلدين سوريا والعراق و إقامة السدود على نهري دجلة والفرات للتحكم بمصير الشعبين السوري والعراقي ، واليوم يقوم الجيش التركي بالدخول الى الأراضي العراقية مسافة 25 كيلو متر واحتلال أراضي عراقية في سنجار وقصبا أخرى بحجة وجود الحزب التركي الكردي (بككه ) وسقوط عدد غير قليل من المدنيين العراقيين نتيجة القصف اليومي لهذه المدن ، هذه الغطرسة والعربدة التركية مستغلة ضعف العراق بعد الاحتلال وانتقاص لسيادته الوطنية وانتقاص لقرارات الأمم المتحدة بالحفاظ على سيادة الدول .
وفي البلد العربي الشقيقة سوريا كما حدث في عام 2011 من احداث داخلية استغلت من قبل اطراف عربية ممولة لحزب العدالة والتنمية ب لأموال من اجل اسقاط النظام كما أشار الى ذلك رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم حيث صرح بانهم دفعوا أموال تقدر ب 50 مليار دولار من اجل اسقاط نظام الأسد وها هو الأسد باقي وسوريا لن تركع ، وعند التدخل التركي بالمال والسلاح لمن يسمون انفسهم الجيش الوطني السوري ومنهم منشقون عن الجيش والتحقوا بمخطط الاتراك ، لتدمير بلدهم سوريا وليعطوا فرصة لنهب المدينة الصناعية العريقة حلب حيث، فككوا الاتراك المصانع ونقلوها سرقتا الى تركيا ، ناهيك عن احتلال مدينة ادلب المتاخمة للحدود التركية وتجميع المرتزقة فيها والانطلاق منها لضرب الامن السلمي للشعب السوري .اما التدخل التركي الفض في الشأن الليبي وبمساعدة حكومة فايز السراج أقدمت الحكومة التركية بإرسال عدد من المرتزقة السوريين وتزويدهم بالسلاح والمال والدافع للتدخل هو الهيمنة على الشمال الافريقي والاستفادة من النفط الليبي في مدينة سرت و المسمى بالمثلث النفطي ، وإيجاد قواعد عسكرية في ليبيا ، ولم ينصاع الطيب رجب إلى الرأي العام العالمي للكف عن التدخل بالشأن الوطني وتركه للمواطنين في ليبيا لتقرير مصيرهم واختيار الحكم الذي يريدونه.
ولا يمكن ان ننسى الدور الذي لعبه حزب العدالة والتنمية التركي في تقسيم الجزيرة الصغيرة قبرص والذي كان يتعايش فيها اليونانيين والأتراك وعمل من اجل تقسيمها الى قبرص التركية وقبرص اليونانية ، وتحريك أسلحته البحرية في البحر الأبيض المتوسط لغرض تهديد دولة اليونان والتي هي عضو فعال في الاتحاد الأوربي وعضو في الناتو وتركيا هي عضو في حلف الناتو ولديها قاعدة عسكرية للحلف في مدينة أنجرنينك التركية ، وتركيا لم تقبل لحد الان في الاتحاد الأوربي لأنها ستكون اول بلد مسلم في الاتحاد الأوربي ، وكل هذه السياسات المتخبطة من قبل المسؤول لأول لحزب العدالة والتنمية جرت الحزب الى الانقسامات في داخله وقد اصبح رفيق دربه السابق احمد داود أغلو الند له وشكل حزب وجمع العديد من المؤيدين لسياسته وهو صاحب نظرية صفر مشاكل وكذلك غادر الحزب الرئيس عبد الله غول ، وتخبطه في عدم حل المشكلة الكردية و بقاء قائد الحزب الكردي التركي عبد الله أوجلان معتقل في احدى الجزر في وضع مزري ولا أنساني والمتوقع ان اردوغان سوف يخسر في الانتخابات القادمة نتيجة سياسته التوسعية والهادفة الى بناء منظومة أخوان المسلمين الدولية .