لا خلاف ان مسؤولية الحكومات النهوض بالملفات المطروحة على الأصعدة الداخلية والخارجية ، فالحكومة المنتخبة في الأنظمة الديمقراطية مطلقة الصلاحية بتخويل شعبي بالتعامل مع كافة الملفات دون استثناء وبالعودة الى البرلمان تارة ووفقا لبرنامجها الحكومي المعلن تارة اخرى.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل الحكومة الانتقالية المؤقتة حالها حال الحكومة المنتخبة الدائمة ام انها محددة الصلاحيات بسبب طبيعة مهامها التي عادة ما تكون مكلفة بملفات داخلية وحل إشكالات معينة ومحددة؛ والتهيئة للانتقال الى مرحلة جديدة تمهد الارضية لحكومة شرعية دائميه منتخبة بعد ان اهتزت ثقة الجمهور بالحكومة الماضية والبرلمان الحالي… فهل التزمت حكومة الكاظمي بمهام الحكومة الانتقالية ؟ ام انها تتصرف وفقا للمعطيات المطروحة دون التقيد بمهامها المرسومة والمفترضة خصوصا بالملف الخارجي!!!.
منذ ثلاث حكومات مضن ونحن نشهد تحركات مكوكية لرؤساء مجلس الوزراء السابقين المالكي والعبادي وعبد المهدي بين عواصم المنطقة والعالم عموما والولايات المتحدة خصوصا ، وان كانت تلك التحركات طبيعية ومن ضمن مهام رئيس الوزراء في الملف الخارجي وفقا للقانون والدستور فأنها لم تأتي بجديد للعراق بل حولته الى ساحة للصراعات وتصفية الحسابات بين خصوم الاقليم والقوى الكبرى ، وذلك دليل على عدم نجاح العراق في النهوض بدوره الخارجي وفي حماية سيادته وهناك اسباب كثيرة تداخلت في ذلك منها: الاحتلال الامريكي والارهاب الدولي وداعش اولا؛ والصراعات الداخلية ثانيا؛ وضعف الأداء السياسي ثالثا؛ والانحياز الطائفي رابعا؛ وضعف الولاء الوطني خامسا… وتلك مرحلة نتمنى ان تكون قد مضت ولا عودة اليها.
واذا كانت الحكومات الانتقالية تتشكل بعد سقوط نظام سياسي اما بسبب انقلاب او ثورة أو احتلال او فشل حكومة معينة في اداء مهامها او الرفض الشعبي والجماهيري لها ، فإنها تتشكل إلى حين انتهاء الفترة الانتقالية ، وتنتهي مهامها بانتهائها واكتمال النظام السياسي الجديد عبر بوابة الديمقراطية والانتخابات . واليوم ينهض السيد الكاظمي بالملف الخارجي مع عظم التحديات الداخلية المطروحة عبر حكومته الانتقالية المعينة والمحددة المدة والمهام. فهل من الصحيح التركيز على الملف الخارجي من قبل حكومة انتقالية جاءت لفترة محدودة مهمتها الاساسية التهيئة لانتخابات مبكرة وفك الكثير من المشاكل الداخلية المتراكمة والمعقدة؟