17 نوفمبر، 2024 4:31 م
Search
Close this search box.

التدخلات الايرانية التركية في المنطقة العربية وضرورات المواجهة

التدخلات الايرانية التركية في المنطقة العربية وضرورات المواجهة

نتيجة التطلعات الشعبية العربية في التخلص من الديكتاتوريات والانظمة العسكرية ، تسللت حركة الاخوان المسلمين الى التظاهرات والانتفاضات التي سميت بالربيع العربي ، ودخلت بمساعدة قوى دولية واقليمية لقطع الطريق امام اي نهوض عربي فاعل قد يكون خطرا على هذه القوى .
وبعد تخلص مصر من حكم الاخوان الذي وجد اساسا ليكون نموذجا لحكومات عربية اخرى وبديلا عن اي توجه يساري او قومي عربي . تم ملء الفراغ في المحيط العربي بمشاريع اقليمية ايرانية وتركية ، في ظل تشتت الدول العربية وانشغالاتها المحلية ، وهكذا تمددت ايران الى العراق وسوريا ولبنان واليمن ، من خلال مشروعها التوسعي الطائفي .
وبعد تنفيذ مهماتها في تدمير البنية التحتية لهذه الدول والقضاء على اي توجه عربي مستقبلي ، طلب منها العودة الى حدودها الدولية السابقة . ولكن ايران مازالت مصرة على الاحتفاظ بمواقعها ولو الى حين . . ثم جاء دور تركيا لتنفيذ المهمة بمخططات جديدة لاتختلف كثيرا عن الدور الايراني ولكن بمنهج اخواني تركي قطري ، فتم تمددها في سوريا والعراق ، مع تهديد مصر من الغرب من خلال تدخلها السافر في الصراع الليبي ، تحت ذريعة حماية الاخوان المسلمين والحركات الاسلامية الراديكالية .
وكل هذه المحاولات تجري لتشكيل نظام اقليمي جديد تسود فيه إسرائيل وإيران وتركيا على حساب التاثير او النفوذ العربي ، واستبعاد اي محاولة للم الشمل العربي ، بالعمل على مزيد من الفرقة والاختلاف بين الدول العربية ، وتاجيج الصراعات الداخلية للاستحواذ على مواردها الطبيعية من النفط والغاز ، اضافة الى الاستفادة من موقعها الاستراتيجي وعقد المواصلات المهمة لكونها تقع في مركز العالم ، وكثرة منافذها البرية والبحرية والجوية .
وفي الآونة الاخيرة تصاعد النفوذ التركي الاردوغاني واحلامه في اعادة الحكم العثماني ، في ظل سكوت ايراني عن ذلك نتيجة تبادل الادوار وتقاسم الاطماع لنهش الجسم العربي .
ورغم تشكّيل التحالف العربي من مصر والسعودية والإمارات لحفظ ماتبقى من التنسيق العربي ، الا انه لم يفلح كثيرا في تدهور الوضع على الارض العربية .

جاء التدخل التركي في ليبيا لاستكمال المخطط ، من خلال دعم حكومة الوفاق بالاسلحة والمرتزقة وتعضيد دور القاعدة وميليشيات الإخوان المسلمين المؤيدة لها ، بهدف الوصول الى الحدود المصرية في محاولة جديدة من جانب تركيا لإعادة الحياة في المشروع الإخواني للسيطرة على مقدرات الشعوب العربية من البوابة الليبية هذه المرة .

ولايران مصلحة ايضا في وجود حكومة ليبية اسلامية لتفتح علاقات جديدة معها على غرار ماتم مع حماس والجهاد الاسلامي ، لضمان التمدد الإيراني الى شمال أفريقيا من نفس البوابة الليبية .

ان مغامرة اردوغان في تدخله السافر في ليبيا يلعب نفس اللعبة الايرانية في العراق وسوريا عندما اصبحت مخلب قط لتنفيذ المخطط الفوضوي فيهما .

وهكذا نجد التناغم في الوجود التركي وقبله الايراني في المنطقة تحركهم قوى دولية ذات مصالح نفعية فيها وعلى الاخص امريكا وروسيا ودول اخرى من خلف الستار .

ان استلاب روح المواطنة للشعوب العربية واحلال مفاهيم وسلوكيات طائفية باسم الدين بشقيه الشيعي والسني ، كانت من اهم اسباب نكوص الانتفاضات العربية وارتدادها نحو افكار وتطلعات متخلفة بدل التقدم الى الامام بمشروع حضاري يجدد النهضة العربية بسمات القرن الحادي والعشرين ، وقد ادى ذلك الى احلال انظمة طائفية محل سلطة الدولة الوطنية الجامعة لكل الاديان والاطياف المتعايشة .

لقد عانت الشعوب العربية كثيرا من التدخلات التركية والايرانية في شؤونهم الداخلية اضافة الى الوجود الامريكي والروسي .
وان الوضع العربي المتردي الحالي سوف لن يستقيم مالم ينهض العراق من كبوته وينهي الاحتلال الامريكي الايراني المزدوج واعادته الى الحاضنة العربية التي يتقوى بها ويقويها . اضافة الى عودة مصر العروبة الى دورها التاريخي في تاطير العمل العربي المشترك . ووضع حد للصراع العبثي في سوريا من خلال طرد كل العناصر الاجنبية والراديكالية الاسلامية من ارضها ، واقامة نظام سياسي جديد ينهي كل اشكال الاستحواذ الديكتاتوري على مقدرات شعبها العربي المناضل .
ان مسيرة النهوض من الكبوة بدأت من العراق ولبنان في وجه النفوذ الايراني ، وستستكمل بوقوف مصر في وجه التغلغل التركي في ليبيا .
وبذلك فان قاعدة الارتكاز العربية المستندة على القيم الانسانية العليا والسلوك المتحضر ، وليس على التعصب الديني او الطائفي ، هو الحل الوحيد للتخلص من الهيمنة التركية الايرانية ، والزامهما باحترام مبادئ حسن الجوار ، والكف عن تهديد الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة العربية .

أحدث المقالات