*- لما كانت القاعدة القانونية جزء من القانون الذي يتكون من مجموعها ، وخطابا موجها إلى أفراد المجتمع ، يلزمهم القبول بما يترتب عليه من نتائج معينة بسبب وقائع محددة ، بغية ضبط النظام في المجتمع وتحقيق الإنسجام بين روابطه ، ولأن علاقة الموظف بالدولة علاقة تنظيمية تحكمها القوانين والأنظمة والتعليمات ، فقد وجدنا التنبيه إلى وجوب إثبات العكس منها لغرض الإعتراض ، من غير ضجيج إعلامي أو صريخ متطفلين لا يعرفون إلا التحايل والإلتفاف على القانون ، بإستخدام وسائل وأساليب التلاعب بالألفاظ وخلط الأوراق ، لتبرير الحصول على منافع خاصة لا تدوم طويلا ، وإن إستمرت فأمدها قليل هم فيه هالكون ، ولا خير فيما سيتركونه ولا نفع منه ، ما داموا عن طريق الصدق وحسن النوايا والسرائر بعيدون . لأن إرتباط الموظف بالدولة بحكم العلاقة التنظيمية ، قاعدة عمل وإنضباط دائم وعام ، وليس إنفلات وسريان قواعد شريعة الغاب التي يتأمل بعض الشواذ إعتمادها ، لإرتكاب أبشع صور الجرائم بدون واعز مانع من ضمير أو خوف من عقاب ، كما لا يجوز الدفاع عن ذلك السلوك وتلك التصرفات بدعوى التجديد بأساليب المعارضة ، من منطلق التقليد لما جرى في أوكرانيا برمي المسؤولين في حاويات النفايات ، أو إطلاق مدة الإعتصام زمنا إلى حد إلحاق الأذى والضرر بالمتظاهرين ، بما لا يتناسب وحجم ونوع المنجز منه قياسا بالتضحيات . فنحن شعب ضحية أنظمة وأحزاب ، وتفاهات التواصل الحديثة وترديد الشعارات الجوفاء ، والتفتيش في مزابل التأريخ لتدوير نفايات أساليب ووسائل المعارضة التقليدية ، لا تبني وطنا ولا تسعد إنسان ، وقد تتذكرون كيف كان الجنود الأمريكان يرقصون على أنغام هتافات المتظاهرين الرافضين للإحتلال في أيامه الأولى ، وليس ببعيد كيف كانت صور القتل التي تعاملت بها السلطات القائمة مع أبناء الوطن الرافضين ، لإدارة البلد بنواميس الفشل والفساد الإداري والمالي والتربوي على مدى سبعة عشر سنة من بدء الإحتلال البغيض ؟!.
*- وقد تعجبون في توارث التشريعات بين سلطات أنظمة الحكم التي أنتم لها خاضعون وفرحون ، وهي المختلفة شكلا والمتفقة مضمونا على حماية رؤسائها وأنصارها فقط ، بقانون معاقبة المتآمرين على سلامة الوطن ومفسدي نظام الحكم المرقم (7) لسنة 1958 ، الصادر في عهد الزعيم الذي تمجدون وتمتدحون من غير علم ولا دراية ، بأن جعل الشعب كله متأمرا وفاسدا يستحق العقاب على يديه وعلى يد من تناوب على حكم الشعب من بعده ، بالتداول الدموي لكراسي السلطة ؟!، إذ عمل الزعيم به خمسة سنين ، وأعقبه الأخوين المشير واللواء لأخرى مثلها ، ثم عمل به المهيبين ما شاء الله من السنين ، فمن منهم أحسن وأفضل من غيره في معاقبة المعارضين ؟!. وخاصة رفاق الدرب والمصير ؟!. فهل أنتم منتهون أيها الحزبيون والسياسيون المنافقون والإنتهازيون ؟!. سيما وأنتم لا تعلمون أن في كل عهد له تصفقون ، يتم تعديل ذلك القانون بما يتلائم وتوجهات تنفيذه ، وإن كنتم كعادتكم تكذبون ، فعليكم مراجعة قوانين التعديل المرقمة (( (21) في 27/3/1963 – (4) في 5/1/1964- (180) في 9/12/1968- (6) في 28/1/1985- (50) في 26/5/1986 )) . وإن أردتم مثالا ثانيا ، فعليكم بقانون خدمة الضباط في الجيش رقم (89) لسنة 1958، الصادر في عهد الزعيم وتم تعديله (26) مرة . ومنها القانون رقم (35) لسنة1972- قانون التعديل الخامس والعشرون للقانون المذكور . الملغى بموجب قانون التقاعد العسكري رقم (1) لسنة 1975 في عهد المهيب .
*- إن الحراك المدني الشعبي المستقل ، سيكون قاصرا ما لم تتناغم نشاطاته وفعالياته مع وضوح معالم توجهاته المتدرجة ، وما لم يرفض تغلغل عناصر الأحزاب المشاركة في العملية السياسية بأي شكل أو حجم وإبعادها عن ساحة عمله ، في سبيل بناء منظومته وتمكينها من مغالبة التحديات التي تواجهها ، بتحقيق وحدته الإدارية وإضطلاعه بدور متميز في إعداد القواعد المتينة والرصينة ، الضامنة لنهضة الأجيال المتعاقبـة وتمكينها من تحمل مسؤولياتها ونيل حقوقها المشروعة ، بوعي وادراك عميقين وبأقل الأثمان ، مسترشدين بأن العمل غاية ووسيلة مرادها خدمة المواطنين وتحقيق مصالحهم طبقا للقوانين والأنظمة والتعليمات ، كونها خدمة وطنية لا ينهض بأعبائها ولا تناط مسؤولياتها الا بأهلها الأصليين ، لأن الدولة ( نظريا على الأقل ) تعبر عن الصالح العام أو الخير المشترك ، بينما السلطات في الدولة العميقة تعكس الأوجه الخفية لمصالحها ، من خلال حكوماتها القائمة على تفضيلات حزبية وأيديولوجية معينة ، ترتبط بشاغلي مناصب السلطة في وقت معين . وبذلك عرفت السلطة لغويا على إنها التسلط والسيطرة والتحكم المفروض بالقوة . وعلى المواطن أن لا يتمادى في إعلاء شأن قوته أكثر من مقومات قدرته وقابليته على الإصلاح والتغيير ، لأن السلطات الحزبية وبمختلف صفاتها المتناقضة لا تقيم وزنا لأي شخص مهما كان ، خاصة عندما يقف المواطن الحر النزيه بالضد من مصالح عناصرها بالحق ، الذي تراه قوى الضلال الحاكمة باطلا مستوجبا لمواجهته بالقمع والإرهاب المرير .
*- لقد خلصت مما يكتب وينشر على صفحات التواصل الإجتماعي ، التي أتخذت منها نواة لكتاباتي اليومية والمزعجة للمتسترين برث جلاليب وأغطية الحرك المدني الشعبي ، المعلنين عن نواياهم في الإستحواذ على السلطة وهم غير المؤهلين لإدارتها ، لعدم إمتلاكهم أساسيات النهوض بأعبائها ، العاجزين على مواجهة أنفسهم بأنهم لا يصلحون إلا للقيام بما هو أدنى منزلة ممن يدعون معارضتهم على مستوى الأداء ، وأعلى مرتبة في الجشع والطمع بالتمتع بإمتيازات السحت على حساب ثروات الوطن وحقوق الشعب المسكين ، تقليدا متوارثا أمد في عمره من نزع ثوب النزاهة ورداء الإستقامة بعد الإحتلال اللعين ، وإن كان ذلك مما لم ولن يخطر على بال وتفكير أو تصور الأوائل من النخب المنتفضة ، ولم ولن يكون ذلك مما تركوه إرثا ثقافيا في النضال والجهاد الحقيقي الذي أستشهد على طريقه المئات من المتظاهرين . عسى أن تكون النهاية الحتمية للسلطات الحزبية والسياسية غير المهنية ، هي الأمل النهائي في إمكانية رسم الصورة الجديدة لإدارة الحكم ، المستنبط من نتائج أشكال وصور إرهاصات ومقدمات الحراك المدني الشعبي الأصيل ، وليس من ضئيل ما لا يعدو كونه إلا وجها من تطلعات الوهم في التمتع بالإمتيازات على حساب سمعته والإساءة إليه ، والتي لا يمكن قبولها في ضوء المضحك المبكي مما نقرأ للبعض ، من هرطقات تتعارض مع ركائز وأركان قيام الدولة المدنية . التي إن لم نمارس ما يشد عضد تأسيسها إيمانا ومن الآن . فلا أمل ولا جدوى في أن ننتظر من أمي أو ربع أو نصف متعلم . أن يدخل مكتب عميد كلية أو رئيس جامعة أو مدير مستشفى أو رئيس محكمة . ويطلب منه ما لم يفوض القانون رئيس الحكومة أو الوزير القيام به ؟!. تطابقا مع المنهج والنهج الذي أقره قانون الأحزاب السياسية رقم (36) لسنة 2015 ، من أن الهدف يكمن خلف دوافع ونوايا الإستحواذ على السلطة ، أو الوصول إليها بكل وسائل وسبل قواعد الغاية تبرر الوسيلة ؟!. لأن ( الحزب أو التنظيم السياسي : هو مجموعة من المواطنين منضمة تحت أي مسمى على أساس مبادئ وأهداف ورؤى مشتركة ، تسعى للوصول إلى السلطة لتحقيق أهدافها بطرق ديمقراطية ، بما لا يتعارض مع أحكام الدستور والقوانين النافذة ) والإستثناء حالة نادرة ، يدفع ثمنها من قلَ وجود نظيره في التوجهات والرؤية الخالصة وطنيا . التي لا يعكر صفو ونقاء طهرها ، نقيق ونهيق النافخين في جراب مثقوبة ، من الحزبيين أو السياسيين أو مؤيديهم الهاتفين بشعارات المزايدات الرخيصة والفوضى الخلاقة ؟!. الباحثين في مزابل التأريخ مايسدون به رمقهم الحزبي أو السياسي ، من بقايا نفايات وقاذورات الأنظمة الفاشلة والفاسدة التي على أطلالها يتباكون ؟!. لأن للحراك المدني الشعبي المستقل نساء ورجال لا تسقطهم تفاهات الأقوال ، ولا يمنعهم من الإستمرار في معارضتهم إلا نيل الشعب لحقوقه بالقانون .