نحن مولعين بنظرية ( المؤامرة ) وثقافة (الاقصاء و الاجتثاث) وبالتأكيد هنالك علاقة مابينهما وهذا ناتج من تجارب التغيير الذي بدأت منذ انقلاب شباط .
ثقافة التنافس الشريف ما بين القوى السياسية على تقديم الافضل للشعب تكاد تكون معدومة بالرغم من ان العملية توصف باعتبارها عملية ديمقراطية وهذا يعود لعدم فهمها لروح العمل الديمقراطي .
احزاب السلطة بكل مسمياتها تستقوي بالسلاح والسطوة العشائرية وتتسلح بالمكون الطائضاربة عرض الحائط مفهوم الديمقراطية وتعتقد اي نقد بناء يستهدف وجودها السياسي والديني حتى انها لاتعير اهمية للمؤسسات العسكرية والامنية . انها تعتقد ان توجيه الانتقاد واتهامها بالفساد هو الغاء لدورها السياسي وتعتقد ايضا ان اي اشارة للفساد تعني اتهامهم بتدمير البلاد دون تقديم دراسة واقعية عما آلت اليها الامور من اسباب وتعقيدات ، فهم دائما يسعون لتخوين الراي الاخر وتتهمه بالعمالة وتسعى لتسقيطه سياسيا واجتماعيا لكي تحافظ على موقعها وامتيازاتها مع العلم ان غالبية قادة احزاب السلطة اعترفوا بفشلهم علناً في القنوات الفضائية.
الملاحظ لهذه الاحزاب انها تعترف بفشلها بادراة البلد ولكنها عاجزة عن التنحي واعطاء فرصة للراي الاخر المختلف معها لكي يكون هو البديل ، ترفض وتشجب الاصوات التي تطالب بالتغيير وتقبل وتعترف بان الفساد قد استشرى بالبلد ولكنهم مصرين على بقاؤهم !!!
انتفاضة تشرين جاءت بوعي جديد وبقوى جديدة شابة تسعى للتغيير عبر الممارسات الديمقراطية وهي على مايبدو تريد القفز على الفعل الاقصائي القسري ، مطاليب الانتفاضة هي اجراء انتخابات مبكرة بقانون انتخابي عادل وبمفوضية مستقلة وبحضور مراقبين دوليين ، الانتفاضة الشبابية عمت غالبية محافظات البلد وكانت من القوة بحيث فرضت ارادتها على المتحكمين بالبلد ، قدمت التضحيات الجسام وسفكت دماؤهم بغزارة وتعوق الاف الشباب من اجل تحقيق مطاليبهم ، سلمية الانتفاضة السمة الغالبة على المشهد الغاضب على اداء السلطة .
الغريب ان احزاب السلطة هي من استعملت العنف المفرط وليس شباب الانتفاضة اذ ان شباب الانتفاضة بمقدورها ان تستخدم العنف بقتل وحرق ولكنها تمسكت بسلميتها وهذا يحسب لها مما اكسبها احترام شعبي ودولي ولو قورنت بالاحداث الاخيرة التي اعقبت مقتل جورج فلويد في امريكا فان الانتفاضة التشرينية هي الاكثر وعياً والاكثر رُقي .
ان احزاب السلطة مصابة بفوبيا التغيير لانها تعتقد ان التغيير اقصاء واجتثاث لهم ، مْن جاء بالاقصاء والاجتثاث هم انفسهم المصابون بالفوبيا فلا غرابة اليوم انهم يعتقدون ان التغيير هو ازاحتهم من الساحة السياسية .
ان العمل الديمقراطي لايعني ازاحة او اقصاء واجتثاث حزب بل ان التنافس بالعمل هو من يحدد وهو من يخلق المقبولية لهذا الحزب او ذاك ، لايمكن تكرار احداث ٦٣ ولا ٦٨ ولا ٢٠٠٣ ابدا وهذا ماطالبت به انتفاضة تشرين وهي العودة لصناديق الانتخابات وفق ركائز صحيحة بعيدة عن التزوير والتخويف وشراء الذمم .
على مايبدو ان احزاب السلطة هي من تدفع الامور الى الهاوية من خلال الاعتداء على المنتفضين وتغييب البعض منهم بينما كل ماتطالب به الانتفاضة هي الانتخابات المبكرة فلماذا الخوف من هكذا مطاليب ، لاخوف عليكم يا احزاب السلطة فان الانتفاضة تريد ان تضع الامور بنصابها الصحيح اذا كنتم تريدون بناء عراق قوي ومستقل وذو سيادة .