جولةُ الحوار الستراتيجي هي الثانية بين وفد الولايات المتحدة وبين الوفد العراقي , والتي من المرشّح انعقادها نهاية شهر تموز \ يوليو الجاري , حيث سبقتها الأولى عبر دائرةٍ تلفزيونيةٍ مغلقة كما إطّلع عليها الرأي العام . ومن غير المعروف لغاية الآن اذا ما ستجري تغييرات او اضافاتٌ ما على اعضاء الوفد العراقي .
زيارة رئيس الوزراء الى العاصمة الأمريكية تبدو بشكلٍ او بآخر بأنها اكثر ستراتيجيةً من الحوار الستراتيجي القادم .! , كما يبدو أنّ ما يمنح هذه الزيارة ديناميةً وحيويةً هو تصريح الجنرال ” كينيث مكنزي ” قائد القيادة المركزية الأمريكية ” بعد مغادرته العراق ” حول تقارب وجهات النظر بين البلدين وخصوصاً في مسألة تحجيم دور الفصائل المسلحة حسب تعبيره , أمّا عن عدم الإعلان المسبق عن زيارة الجنرال , فيترآى انها كانت لأسبابٍ أمنيّة ولعدم تعريضهِ لإزعاجاتٍ كاتيوشيّة مفترضة .!
وإذ تبدو بعض القواسم المشتركة بين مجريات الجولة القادمة للحوار مع الأمريكان , وبين زيارة السيد الكاظمي للولايات المتحدة , فتلك القواسم ليست مطلقة وتندرج ضمن المفهوم النسبي , وهي ايضا خارج نطاق ايّ مستجداتٍ محتملة من الأطراف المعارضة للتواجد الأمريكي في العراق حتى لو كان جندياً واحداً فقط , مجازاً .! , والأمر بمجمله يرتبط بالتفاهمات والنتائج التي ستفرزها زيارة الكاظمي , والتي هي غير منفصلة بتاتاً عن زيارته الأخرى الى طهران , والتي لابدّ أن تلقي بظلالٍ ما على اوضاع الفصائل المسلحة في العراق . وبالمناسبةِ هذه , فزيارة وزير الخارجية الفرنسي ” لودريان ” الى بغداد يوم امس , فلا علاقة فعلية لها بكورونا وداعش حسبما ذكره الإعلام , فهي لدعم الموقف الأمريكي ودعم الكاظمي في فرض السيادة الفعلية للدولة على الأطراف المسلحة .
وإذ , واذا كان متوقعاً مسبقاً نجاح لقاء رئيس الوزراء بالرئيس الأمريكي , فأنّ الحوار الستراتيجي المرتقب سوف يتمحور بالدرجة الأولى حول البحث عن آليّةٍ جديدة لطريقة جدولة او اعادة جدولة سحب القوات الأمريكية ودونما انسحاب كامل او مطلق , وسوف تتركّز المحاور الأخرى حول المساعدات الأقتصاية والمالية والتقنية – الأمريكية الى العراق وانتشال خزينته المفلسة من الغرق , مع أخذٍ بالأعتبار السوبر – ستراتيجي بأنّ وارادت العراق المالية من مبيعات النفط تمرّ عبر البنك الفدرالي الأمريكي , وبمقدور الأدارة الأمريكية إطفاء الضوء الأخضر لإيصال الواردات المالية الى العراق اذا ما تطلّب الأمر , او اذا ما اصرّت الفصائل المسلحة على موقفها في ضرب او التعرّض للمصالح الأمريكية في العراق , والأمر بالطبع غير مرتبطٍ بها بشكلٍ ذاتيٍ ومباشرٍ .
بالمجمل , يمكن القول أنّ الوضع السياسي الحالي للعراق او للحكومة العراقية هو مُعلّق , ولكن الى أمدٍ قصير ! , حتى تتّضح قسماته وملامحه بشكلٍ اكثر وضوحاً , ولابدّ من الأخذ بنظر الإعتبار أنّ الأمريكان يهيّئون الأرضية المناسبة ” في الشأن العراقي ” بما يخدم متطلبات الأنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة , والتي ستتضح نتائجها في شهر تشرين 2 – نوفمبر القادم , والأمريكان لديهم من القدرات في تأدية هذه المتطلبات اكثر بكثيرٍ من الجانب المقابل ” الإيراني ” والذي يمسى ويضحى العراق مسرحاً في الهواء الطلق ! لهذا الصراع او النزاع , ودونما ايّ اعتبارٍ لأحزاب السلطة وفصائلها من أنّ القوة الجوية العراقية سوف تحال الى التقاعد , وإنّ الدبابات الأمريكية في المعسكرات العراقية سوف تكون خارج نطاق الخدمة ” رغم عددها المحدود ” , فضلاً عن عدم ضمان استمرارية دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين المعرّضة لعدم ديمومتها والإبقاء عليها للشهور المقبلة .. ويببدو ممّا يبدو بجلاء أنّ الإنعطاف بأتجاه الموقف الأمريكي , فكأنه احلى الخيارات المُرّة , ودونَ تجاهلٍ ونسيان لما فعلته امريكا في العراق , وما يترتب عليها في التعويض عن ذلك وفق طبيعة الدبلوماسية المفترضة التي ينبغي على العراق ممارستها , ولعلّ من المثير للطرافة , أنّ الأمريكان بدأوا بممارسة ما يترتب عليهم ” او بعضه ” ولكن من زاوية اخرى .!