كيف يعبدُ الإنسانُ صنمًا صنعتهُ يديه! وكيف يُصبحُ الحجرُ الذي لا يَضرُّ ولا ينفع إلهًا مُقدْسًا!
نفسيًا: تنقادُ النفسُ نحو من تُحب، فإن كان مصدرُ هذا الإنقياد العاطفةُ والهوى كانت نتيجتُه الإنحراف والغلو فتتمادى النفسُ في تعظيم وتقديس من تهوى حتى ترى قبيحَ فِعْلِهِ جَميلًا!
ومن هذا نَعْرِف سِرَّ تقديس الكفارِ لأصنامهم على الرغم من كونها أحجارًا لا تَضرُّ ولاتنفع! وفي الحقيقة لا توجد ملازمة بين التقديس وقضية الحق فتيجانُ قومٍ عندَ قومٍ قنادرُ؛ كما يقال!
ففي الهند يُقدِّسُ ملايينُ البشرِ البقرَ! فهل هذا يعني بأنّ البقرةَ قِدِّيْسةٌ فعلًا! وأنّ الهندوسَ على حق! محال، وشتان ما بين الإنقياد الخاضع للعقل والدّليل وما بين الإنقياد التابع للعاطفة والنفس والهوى.
وفي مجتمعنا_الشيعي_ نَسَبَ عوام الشيعة القداسة لكل ما يُصَوِّرُهُ المستأكلين على أنه مقدس! فظهرت [الشجرة المقدّسة والتركتر المقدس والتيل المقدس!]
حتى إذا ما رَسَخَت الفكرة في النفوس واستحوذت على قلوب السذّج، تحوّلت هذه المقدسات إلى مشاريع تجارية تدرّ الملايين!!
أما قصة تقديس السلوكيين للصدر فتختلف! لأنّ السلوكيين قد عَبَرُوا كُلّ الخطوط والمحذورات وتجاوزوا سيرة العقلاء والمتشرعة وجميع الأعراف..!
فالصدر أستاذُ السلوكيين وشيخهم الأوحد! وهو القائل[ أنا أوجدتُ العرفان والتسليك وقد سرى في الناس سريان النار في الهشيم..] على حدِّ قوله! سرعان ما أحسَّ بخطأه وحاول تدراك الأمر، ولكنها كانت محاولة يائسة ومتأخرة فعلًا، فقد أحكم السلوكيون قبضتهم على مرجعيته وصاروا يتحكمون بكل صغيرة وكبيرة فيها.. مُلوْحين بأساليبَ القتل والترهيب لمن يعارضهم وحتى الصدر نفسُه لم يسلم من بطشهم فتآمروا مع إيران وبتواطئ من نظام صدام فقتلوه!
ولكي يكتمل مشروعهم السلوكي كان لابد لهم من شمّاعة يعلقون عليها قبيح أفعالهم، فكانت [عصمة الصدر]، فرفعوه إلى منزلة المعصومين ونسبوا له الكرامات والمعجزات، فمن قائل يقول بأنّه رسولُ الله! وآخرُ يقول: سبحانَ الله ما هذا بشرٌ إنْ هذا إلا مَلَكٌ كريم قد رأى اللهَ في عرشه فتحوّلَ نورُ الله إلى شَعْرِهِ فصار أبيضًا!
وآخرين اِدَّعَوا بأنّه قد ظهر لهم عدّة مرات في الماء وفي الجدران وفي القمر وفي السماء!! وفي الحقيقة كل هذه خزعبلات وسخافات من افتراءات التيار السلوكي المنحرف لا تخرج في النهاية عن دائرة التقديس المُزيّف والمغالاة.
ولو نفع الغلو والتقديس أحدًا لنفع الذين غالَوا بأميرِ المؤمنين_عليه السلام_من قبلُ لكنهم قد ذاقوا حرارة نار الدنيا قبل نار الآخرة بما كسبت أيديهم وما ربُّك بضلام للعبيد.
إلى لحضة كتابة المقال؛ قد أحصيتُ عدد الأخطاء والهفوات والعثرات التي سجّلها سيدنا الأستاذ الصرخي على السيد الصدر فتجاوَزت السبعين تقديرًا لا حصرًا وما زال البحث مفتوحًا، فأين العصمة وأين القداسة وأين العرفان!
في الثلاثاء، ١٦ نيسان، ٢٠١٩ ٧:٥٦ م أنور سعد <[email protected]> كتب:
القضية الحسينية الخالدة وتكليف الأعلم المعاصر ..المحقق الصرخي مدافعًا
بقلم: انور سعد
يقال بأن عدد الذين خرجوا مع الإمام الحسين-عليه السلام- عند خروجه من مكة قاصدًا العراق قد تجاوز ٥٠٠٠ رجلًا على أقل التقادير من غير من التحق به من الأعراب خلال المسير ..!! غير أنهم وبعد سماع خبر استشهاد مسلم بن عقيل وهاني بن عروة تفرّقوا عنه تفرقًا عجيبًا ولم يبقَ معه سوى أهل بيته ونفر قليل من أصحابه…!!
أتعلمون كم كان الناس في عصر الحسين-عليه السلام- يحبون الحسين بل كانوا أشد منا حبًا للحسين !! وأكثر منا معرفة بحقه وبمنزلته من رسول الله ؟!!
ألم يقل قائلهم: نقاتلك ونحن نعلم بأنك ابن بنت رسول الله.!!
ألم ينشد سنان ابن انس بين يدي ابن زياد:
أنا قتلتُ السيد المحجبا ..قتلتُ خير الناس أمًا وأبًا
وهذه حقيقة لا غبار عليها حيث يرى الحاضر ما لا يرى الغائب مع ذلك لم ينتصر للحسين-عليه السلام- ولمنهج الحق الذي مثله الحسين إلا عدد الأصابع من بين آلاف الموالين..!!
والأنكى من ذلك حين خرج أكثرهم شاهرًا سيفه بوجه ابن بنت رسول الله!! وبالأمس كانوا شاهرين سيوفهم يجاهدون بين يدي أبيه أمير المؤمنين-عليه السلام- فيالها من مفارقة عجيبة!!
صدقوني أكثر من خرج لمقاتلة الحسين بن علي كانوا على يقين تام بأن يزيد لا يساوي غرزة في نعل الحسين-سلام الله عليه- ولكن هم على علم تام أيضا بأن الحسين لا يحمل معه سوى الموت!! أما يزيد فعنده الدنيا عنده الجاه والأموال والمناصب، هذه هي المعادلة التي جعلت كفة أنصار يزيد تتضاعف بينما تتبخر وتتلاشى كفة أنصار الحسين.!!
نحن نعلم بأن النهج الذي سار عليه الحسين بن علي-عليه السلام-هو نفس النهج الذي سار عليه رسول الله-صلوت الله عليه وآله- وهو نفس النهج الذي سار عليه آدم أبو البشر من قبل والأنبياء والمرسلون من بعده .. فالحق واحد منذ قامت السموات والأرض والأديان السماوية كلها تسعى لبلوغ هدف واحد، وإنما جهل الناس وعنادهم هو من زرع الاختلاف و الفرقة والتنازع بينهم.
وما دمنا نعلم ونتيقن ذلك.. فمالذي يجعلنا نكرر نفس أخطاء آبائنا الأولين؟!!لماذا لا نحكّم عقولنا ولا نميز الحق عن الباطل ونلتحق بركب الحق وننتصر للحق وأهله؟!! يقول أحد الباحثين: عجبت لمن يميّز الحق ولا يمتاز فيه!! وفعلًا الكثير منا يدركون الحقيقة ويميزون الحق ولكن ليس لهم الاستعداد الكافي لتحمل حرارة جمرة الحق اللاذعة!
فنفس المحنة والمأساة تتكرر اليوم في عصرنا فالتاريخ يعيد نفسه كما يقال وهذه من سنن الله في خلقه والتي لا تبديل لها ولا تغيير..أقول نفس المحنة تتكرر ولكن مع تغيّر الأدوار فمن قبل مثّل جبهة الحق الأنبياء والمرسلون ومن بعدهم الأئمة المعصومون-سلام الله عليهم- واليوم يمثلها وعلى نفس الهدف والمنهاج القويم ورثة الأنبياء وأمناء الله على عباده العلماء الربانيون العاملون .
فعندما نسمع محمد باقر الصدر ينادي: بأن القيادة لا تصلح لغير الأعلم. ويجب تقليد الأعلم .. فسنكون حتمًا كصاحب الحمار الذي آثَر الحمار والشعير على نصرة إمامه إن نحن أغفلنا نداء محمد باقر الصدر وتركنا الدليل والأعلمية وهرولنا خلف السمعة والشهرة والواجهة والدعاية!!
وعندما نسمع السيد الشهيد الصدر الثاني يقول: عمل العامي بلا تقليد باطل..وحذارِ أن يكون تقليدكم الجديد بدون دليل ولا حجة شرعية..قوموا تقليدكم يرحمكم الله.. ومن لا أصول له أعزلوه كائنًا من كان..!!
ويقول سيأتي من طلبتي من هو أعلم مني..فعندها يجب الرجوع له قيادة وتقليدًا..!! فعندما نسمع ونعي كل هذه الحقائق الناصعة ثم نسوّف القضية ونتبع العاطفة وهوى النفس ونترك الدليل والأثر العلمي فحتمًا سنكون في عداد من وقف بوجه الحسين ..!!
وعندما يقرع أسماعنا نداء المرجع والعالم الأستاذ الصرخي الحسني وهو عالم رباني عامل مستعمل لعلمه في عصر ظهور الفتن والشبهات و له مئات البحوث والمؤلفات الأصولية والعقائدية والفقهية وغيرها..وهو ينادي حتى بح صوته: أنا الأعلم..أنا صاحب البحوث الاصولية..أنا صاحب الآثار العلمية..أنا أعلم طلبة السيد الشهيد الصدر.. وبالدليل العلمي الشرعي الرصين…أنا صاحب منهج الاعتدال والوسطية منهج النبي المختار وآله الأطهار-صلوات الله عليهم-.
عندما نسمع كل ذلك ثم لا نلتحق بركبه وننتصر لمنهج الحق الذي يدعو له بل ننصب له العداء ونجاهر بسبه وشتمه علنًا فاعلموا بأن التاريخ يعيد نفسه …فلا داعي لتكرار ياليتنا كنا معكم. فها أنتم تخذلون الحق وتقفون بوجه الحسين مرة أخرى ..!!