عندما يقرأ المتابع لبعض الكتابات والمقالات يجد فيها الكثير من الفهم الخاطئ للحرية وطريقة الاستفادة منها والتعبير عنها فعلى سبيل المثال صرح رئيس الوزراء بأنه يدعم مطالب المتظاهرين الذين خرجوا للتعبير عن حق مشروع في إلغاء الرواتب التقاعدية لأعضاء البرلمان والرئاسات الثلاث والوزراء والمستشارين والدرجات الخاصة ، مقابل هذا التصريح خرجت بعض الأقلام لتكتب وتنتقد دولة رئيس الوزراء وعدت هذه التصريح بأنه تناقض واستغفال وتسويف للرأي العام ثم ربطت هذا التصريح بما حصل من تجاوزات على بعض المتظاهرين من خلال الإعلان أن هناك قتلى قد سقطوا فضلا عن مئات المعتقلين ناهيك عن السحل الجماعي للمتظاهرين ، وهذا الخطاب لا يفهم منه إلا استغلال لحرية الإعلام في نقل الأحداث وبشكل مباشر الذي قد يستغل من البعض لتشويه النظام السياسي الجديد . فالجميع يعلم أن هناك تجاوزات من قبل القوات الأمنية بيد أن لا ضحايا وقتل وسحل جماعي للمتظاهرين وهنا ليس دفاعا عن القوات الأمنية وان الدفاع لابد منه لاتهم أباءنا وإخواننا وأبناءنا ولابد أن تكون العلاقة طيبة مع قواتنا المسلحة ، فهؤلاء جاءوا لحماية المتظاهرين والدفاع عنهم وبالتالي لابد من الموضوعية والحقيقة في الكتابة ونقل الأحداث .
يضاف الى ذلك ما دخل المتظاهرين بسكان اشرف لكي تتهم الحكومة بأنها تنفذ أجندات إيرانية هذا الخطاب شبيه بالخطاب الأمريكي الصهيوني الذي يتهم الجمهورية الإسلامية وحزب الله بكل ما يحدث في سوريا ، فالمعارضة السورية هي من بدأت بقتال النظام السوري وهي قضية داخلية لماذا هذا الإقحام لدول في هذا الشأن ، ثم هناك مظاهرات واحتجاجات في موضوع محدد في العراق ما دخل إيران فيها ولماذا هذا الخطاب الطائفي ، في الوقت العراق بحاجة إلى بناء بلده بعيد عن التدخلات نجد كتابات تربط العراق وحكومته بإيران وهذا الخطاب لا يبتعد عن خطاب النظام السابق الذي يحاول نقل مشاكله الداخلية إلى الخارج .
اليوم قد عرف المواطن من يريد أن يلغي الرواتب التقاعدية ومن أعلن بصراحة انه لن يصوت على إلغاء هذه الرواتب ، إذ أن دولة القانون سبق الجميع في إعلانه عن إلغاء هذه الرواتب منذ أكثر من سبعة أشهر من خلال طلب تقدم به أعضائه ضم 113 عضو برلمان وكان هذا استجابة لمطالبات المراجع الدينية العليا الشيعية والسنية والايزيدية والكردية والتركمانية والمسيحية التي أكدت على ضرورة إلغاء هذه التقاعد ليقل التمييز بين أبناء البلد الواحد ، وهكذا أعلن التحالف الوطني بكل أطيافه من المجلس الأعلى والتيار الصدري والفضيلة القبول بالتصويت على القانون في حالة عرضه على البرلمان العراقي . فيما أعلنت القائمة العراقية والتحالف الكردستاني رفضهم التصويت على مقترح قانون إلغاء التقاعد البرلمانية وعدت هذه القوائم أن الإعلان عن رفض التقاعد هو دعاية انتخابية ومزايدة سياسية .
من هنا الخروج بالتظاهرات والمطالبة الشرعية لا يخرج عن الفهم الصحيح للحرية الحقيقية التي يراد منها بناء بلد ديمقراطي فهؤلاء المتظاهرين لم يطالبوا بإسقاط النظام أو إلغاء العملية السياسية أو اعتصموا حتى يركب موجة مطالباتهم المخطط الإقليمي السعودي القطري التركي الرامي لتمزيق البلد ، خرج هؤلاء الطيبون من النخب الأكاديمية والثقافية والشباب الواعي لا تحويل البلد إلى فوضى وعدم استقرار بل خرج هؤلاء المبدعون ليؤسسوا إلى ثقافة التظاهر السلمي ، نعم هناك تجاوزات من القوات الأمنية على المتظاهرين لكن هذه التجاوزات لم تكن مرتبطة بمعسكر اشرف ولا بإيران ولا بقطر ولا بالسعودية ، هناك مظاهرات سلمية خرجت ولم تكن مجيرة لأحد من السياسيين أو الأحزاب ، والقوات الأمنية قامت بواجبها في حماية التظاهرات وأي مسيء منهم لابد من محاسبته ومعاقبته ، وهكذا لابد أن نؤسس لثقافة التظاهر السلمي في ظل النظام السياسي الديمقراطي الجديد .
وحسناً فعلت الحكومة ودولة رئيس الوزراء القبول السريع بمطالب المتظاهرين وتشكيل لجنة صاغت قانون التقاعد الموحد واليوم البرلمان مطالب بتشريع هذا القانون وفي حالة قصور في فقراته لابد من الخروج مجدداً للتظاهر والاحتجاج وهذا هو الفهم الصحيح للحرية التي لا تعني الارتباط بالخارج الرامي إلى تمزيق البلد فالبعض يحاول تشويه أي انجاز للحكومة من خلال التقليل من الايجابيات ، وعليه مجلس الوزراء وافق على قانون التقاعد الموحد والملعب في كرة البرلمان .