22 نوفمبر، 2024 10:30 م
Search
Close this search box.

الدواء الروسي.. إيقونة الموت في العراق

الدواء الروسي.. إيقونة الموت في العراق

نشرت جريدة “الصباح” الرسمية، مانشيتا عريضا على الصفحة الثانية.. محليات.. يوم الاحد 5 تموز الحالي، بعنوان “مجلس النواب يحسم قضية الدواء الروسي الاسبوع المقبل” إشارة الى دواء كورونا الذي شهدت تفاصيل إستيراده ملابسات جعلت الشركة المصدرة تتوقف عن التعامل مع العراق!

تسبب فساد النواب بتأخير وصول الدواء أشهر، بينما العراقيون يموتون.. بالعشرات يوميا، والآن.. بهدوء رخي، قرروا أن يجتمعوا لأجل الدواء الروسي الاسبوع المقبل.. يا شعب لا مجير له…

النواب يتطفلون على قضية ليست تشريعية، إنما إجرائية، ونحن نعرف أن مجالس نواب دول الكرة الارضية والمريخ والكواكب والمجرات كلها.. تشريعية، لا علاقة لها بشأن تنفيذي ما لم يتقدم عضو بأدلة تثبت شبهة فساد، حينها يفاتح مجلس النواب نظيره التنفيذي.. مجلس الوزراء؛ كي يوعز الى الجهة المعنية، بإيقاف الصفقة، ريثما يتحقق النواب من أدلة زميلهم بالطريقة القانونية المثلى التي يرتأون.

لكن أن يتطفل مجلس النواب على الصفقة منذ البدء، ومن دون ان يتقدم أحد بالاشارة الى شبهة فساد.. حال شروع وزارة الصحة بالتحقق طبيا من الدواء، موعزين الى معمل “دباغة جلود وخياطة أحذية” بتحويل تصنيفه الصناعي الى مصنع أدوية، وإبلاغ وزارة الصحة بتسليم تفاصيل الصفقة الى “معمل الدباغة الدوائي” على شكل حق إمتياز وليس إستيراد الدواء جاهزا للمستهلك كما هو الاتفاق الأولي مع الروس.

شاء مجلس النواب، وبيع العلبة الواحدة من هذا الدواء بـ 300 دولار في حين كلفتها 5 دولارات والمنشأ يشترط بيعها بـ 7 دولارات بعد حساب كلفة النقل؛ لذلك قرر المصنع الروسي إيقاف التعامل مع العراق؛ موضحا أن فسادا نيابيا صارخا وليست شبهات فساد، تحيط الصفقة.

و”ما كعدوا النواب.. مصرين” قالوا العقار أصلا ياباني، وتصنيعه روسي؛ متصلين باليابانيين الذين سدوا الباب بوجههم؛ مجيبين بأنهم باعوا الإختراع الى المعمل الروسي ولا حق قانوني او أخلاقي بتسريب تركيبته منهم الى العراقيين! لذلك عادوا يجتمعون الاسبوع المقبل لبحث سبل التعامل مع الروس بعد أن قطعوا الحوار مع العراق بهذا الشأن.. كل هذا ودولاب “كورونا” يطوي الأرواح.

الموت في العراق مهرجان، منذ فجر الارض يلبس العراقي خوذة المحارب، باحثا عن معركة… فما دخل السلطة التشريعية بتفاصيل إجرائية هي من شأن وزارة الصحة تحديدا… وللأمر مقدمات، إذ سبق أن تداول الناس على الواتساب فيديو لمدير عام الدائرة الدوائية في وزارة الصحة، لا يعترض فيها على كون إحدى الكتل في مجلس النواب تلزمه بتمرير عقود إستيراد الادوية عليها.. من دون تكييف قانوني.. وتتقاضى نسبة 70% من قيمة كل عقد، تضيفها على المبلغ الإجمالي، إنما إعتراضه على إرتفاع النسبة التي تتخطى ثلثي مبلغ العقد… أقالوه بعد ذلك الفيديو، وربما قتلوه او لاذ بالفرار!

وهذا يعلل سبب إلتياص حكومة مصطفى الكاظمي في إنتشال وزارة الصحة من بئر الفساد، التي سقطت فيها صفقة الدواء الروسي، إذ رجح مجلس النواب مصالح أفراد على حياة شعب؛ فالـ 300 دولار تساوي 45 ضعفا عن الـ 7 دولارات، يعني في كل علبة سيربح مجلس النواب 293 دولارا، مضروبة في ملايين العلب؛ ما يعني رقما خياليا أعجز عن حسابه، سيتقاضاه المجلس الموقر من موت الابرياء.

ولندع الفاسدين ينتفعون، لكن كيف ينتج معمل دباغة جلود دواءً بدقة تركيب لقاح “كورونا” الذي ما زال يوقف علماء الكون على “تك رجل” يرقصون في مختبرات عملاقة تأفل عاجزة أمام الجائحة.

أحدث المقالات