17 نوفمبر، 2024 4:34 م
Search
Close this search box.

مستقبل العراق مفترق طرق أمّا الدولة أو اللا دولة ؟!!

مستقبل العراق مفترق طرق أمّا الدولة أو اللا دولة ؟!!

بالتأكيد أنّ ملّف حصر السلاح بيد الدولة هو واحد من أخطر الملّفات التي تواجه حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي , بل هو من أخطر الملّفات التي تواجه الدولة العراقية برّمتها .. خطورة هذا الملّف وتعقيداته تأتي من كونه يدار ويوّجه من خارج الحدود وخارج الإرادة الوطنية العراقية , من هنا يمارس الكاظمي في الوقت الحاضر لعبة كبيرة لا يتوقّف عليها مستقبله السياسي فحسب، بل يتوقّف عليها أيضا مستقبل العراق وموقعه في المنطقة,,حيث تدخل حكومة مصطفى الكاظمي ويدخل معها العراق منعطفا في غاية الأهمّية في ضوء المواجهة القائمة مع ميليشيات تابعة لإيران تريد أن تكون دولة داخل الدولة العراقية وتحويل العراق “ساحة” مواجهة أميركية – إيرانية
الأمر الخطير ان احزاب سياسية تشترك في الحكومة , وهي ترفع شعار المقاومة كتبرير لوجودها المسلّح غير القانوني .. وبسبب امتلاك هذه الأحزاب لهذه التشكيلات المسلّحة , أصبحت تمارس البلطجة السياسية وتفرض إرادتها على الحكومة بالقوّة من أجل الحصول على أكبر المكاسب والمغانم السياسية .. حتى أصبحت بعض هذه الأحزاب السياسية تمتلك تنظيمات عسكرية تهدّد وتقوّض كيان الدولة وأمنها واستقرارها .. وحين يتصدّى الوطنيون لهذا الملّف الخطير ويطالبون بضرورة سحب السلاح من هذه التشكيلات العسكرية غير القانونية , باعتبارها تقوّض أمن البلد واستقراره وتفرض واقعا يدفع بالدولة إلى الانهيار , ينبري المنافقون والمعتاشون على هذه التنظيمات المسلّحة بالدفاع عن شرعية وجود هذه التشكيلات المسلّحة باعتبارها فصائل مقاومة ولا بدّ من وجودها لإخراج المحتل الأمريكي من البلد
من الواضح أن الكاظمي الذي شكّل حكومته في السابع من أيّار – مايو الماضي يعرف تماما ماذا يعني أن يكون العراق مجرّد “ساحة”، على غرار ما هو عليه لبنان الذي بات مصيره على المحكّ وفي مهبّ الريح. إنّه يمارس في الوقت الحاضر لعبة كبيرة لا يتوقّف عليها مستقبله السياسي فحسب، بل يتوقّف عليها أيضا مستقبل العراق وموقعه في المنطقة أولا.
ليس اعتقال جهاز مكافحة الإرهاب العراقي 13 عنصرا من “كتائب حزب الله” في الدورة، جنوب بغداد، سوى إشارة إلى نية حكومة الكاظمي أن تكون السلطة الوحيدة في البلد. اعتقل الجهاز هؤلاء، وهم ينتمون إلى ميليشيا تابعة لإيران، فيما كانوا يحاولون إطلاق صواريخ في اتجاه أهداف أميركية. جرت العادة في الأشهر الثمانية الأخيرة أن تطلق ميليشيات من نوع “كتائب حزب الله” صواريخ تلبية لرغبات إيرانية. تفعل ذلك من أجل أن تؤكّد “الجمهورية الإسلامية” أنّها تستطيع التحرّك بحرّية في العراق وأن لا عودة عن المكاسب التي حققتها منذ سلمتها إدارة جورج بوش الابن العراق على صحن من فضّة في نيسان – أبريل من العام 2003.
سيتضح في الأسابيع المقبلة إلى أيّ حدّ تغيّر العراق وإلى أيّ حدّ يستطيع مصطفى الكاظمي أن يكون رجل التغيير في بلد وصل فيه النظام القائم منذ العام 2003 إلى طريق مسدود. يمرّ العراق حاليا بامتحان مهمّ يتجاوز شخص مصطفى الكاظمي ومستقبله السياسي ,,لم يعد في الإمكان الاكتفاء بالرهان على إثارة الغرائز المذهبية كي تبقى إيران في العراق بالصورة التي كانت في الماضي وكي تعمل في المنطقة على إقامة أنظمة شبيهة بـ”الجمهورية الإسلامية” حيث الدور الأول لـ”الحرس الثوري”.
ثمّة من يعتقد أن مصطفى الكاظمي لا يمكن أن يذهب بعيدا في محاولة السيطرة على الميليشيات المذهبية وتقليص دورها. لكنّ ما يشير إلى أنّه لا يمكن إلّا أن يسير في اتجاه تأكيد سلطة الدولة العراقية غياب أيّ خيار آخر أمامه. لديه حاجة إلى تحقيق انتصار في هذا الاتجاه الذي يصبّ في إعادة الحياة إلى مؤسسات الدولة بما يؤكد أن العراق هو العراق وإيران هي إيران.
لماذا لا خيار آخر أمامه؟ هذا عائد إلى أن سوء الوضع الاقتصادي العراقي لا يترك لمصطفى الكاظمي، في حال يريد تفادي سقوط حكومته وإسكات الشارع، سوى تحقيق انتصار في مكان آخر. مثل هذا الانتصار لا يكون سوى بإعادة الحياة إلى الدولة ومؤسساتها الشرعية بدل أن يكون العراق دولة الميليشيات التابعة لإيران.
الثابت أن معركة مصطفى الكاظمي من أجل استرداد الدولة العراقية لن تكون سهلة على الرغم من الدعم الأميركي وعلى الرغم من دخول حكومته في مفاوضات استراتيجية مع الولايات المتحدة في شأن مستقبل وجودها في العراق. ستقاتل إيران بكل ما بقي لديها من إمكانات كي تبقى في العراق، خصوصا أن النظام فيها يعرف أن مستقبله مرتبط إلى حدّ كبير بإمكان تصدير ثورته إلى خارج حدوده.. إلى العراق تحديدا
ونحن على يقين حتى لو خرج الأمريكي من العراق , فإنّ هذه التنظيمات المسلّحة لن تنزع سلاحها الذي تستخدمه لفرض إرادتها السياسية على الحكومة , وستجد ألف مبرّر لاستمرار حملها للسلاح خارج القانون والشرعية .. في الختام .. لا بديل ولا تراجع عن حصر السلاح بيد الدولة .. ولا عنوان للمقاومة والجهاد أشرف من عنوان الحشد الشعبي المقدّس والقوات المسلّحة الوطنية العراقية .. ومهمة تنفيذ قرار مجلس النواب العراقي بإخراج كافة القوات الأجنبية من العراق , هي مهمة الحكومة حصرا , وليس مهمة الجماعات المسلّحة الخارجة عن القانون … عراقنا على مفترق طرق , أمّا الدولة أو اللا دولة– ونشدّد على ضرورة “بناء دولة مستندة إلى الدستور تمنع ظهور الاستبداد وتضبط السلاح المنفلت وتخدم شعبها في سلام وأمان، وتتعامل مع العالم والمنطقة بوصفها دولا صديقة لا عدوة ولا متحكمة، ويكون فيها القانون هو الفيصل,

أحدث المقالات