يؤكد علماء البايلوجي ، والمعنيون بالطب البشري وعلم النفس الإنساني، أن “الفيروسات” وآخرها فايروس كورونا ، تعد المصدر الرئيسي للأمراض التي عادة ما تُصيب الإنسان والحيوان على السواء ، في وقت تعد نخب ثقافية عراقية من الزمن الرديء، وبحسب باحثين ، هي الوسط الناقل لفيروس آخر لايقل شأنا عن الفيروسات البايولوجية في الفتك والتدمير ، وهو ” فايروس الطائفية “”بعد إن شجعت ” نخب ثقافية ” أو محسوبة على أوساطها، على توطينه وانتشاره، واذا به يصيبهم انفسهم وينتشر كالنار في الهشيم بين بسطائهم وغالبيتهم الشعبية المعدمة قبل غيرهم!!
ويؤكد باحثون بايلوجيون أن فايروسات مثل الطاعون والجدري والملاريا وانفلونزا الطيور والبقر والتهاب الكبد الفيروسي وآخرها فيروس كورونا او ” كوفيد 19 ” أن لديها القدرة على التبلور أكثر من مرّة دون فقدان قدرتها على التطفل, ولا يستمر في العمليات الاستقلابية والتكاثر إلا ضمن وجوده داخل خلايا حية يطلق عليها (المضيف الحي) .
والفيروسات ، كما هو معروف، هي من أنواع الطفيليّات التي تعتمد على خلايا الكائنات الأخرى للحصول على ما تَحتاجه من أحماض نووية وبروتينات، وتنتقل الى الكائنات الحيّة الأخرى عن طريق الماء والغذاء أو بالاقتراب والتلامس وغيرها. ويُطلق على عمليّة تكاثر الفيروسات عملية “التناسخ” . واهم الفيروسات التي تصيب الانسان فيروسات الجدري والإنفلونزا والتهاب الكبد الفيروسي وفقدان المناعة المكتسبة ( الأيدز) وغيرها .
في حين يعد باحثون مختصون بالشأن النفسي والاجتماعي أن الطائفية هي وباء يفتك بالبشر هو الاخر ، ولا يقل فتكا عن كل الفيروسات التي تعارفنا عليها عبر الازمان وآخرها ” فيروس كورونا ” : فهى أي ” الطائفية النخبوية ” أي هي من تديرها نحب ثقافية وادبية ، عاشت على ثقافة الحقد والضغائن وكل ما هو ” باطني” لايظهر الى العلن، الا بعد تنفيسه، ليسير في نسق ونهج اقصائي خطير يشمل كل دعوة صريحة او ضمنية الى ارهاب وتهميش وتخوين وتكفير وتشويه الاخر المختلف مذهبيا ودينيا , او هي” كل عملية تحريض على قتل وتهجير واعتقال الاخر وتغييبه وسبي الاخر واقصائه عن الاداة والحكم والممارسة السياسية في البلاد “.
والتعريف العلمي والموضوعي للطائفية تناولته دراسات اجتماعية ونفسية ، ومنهم الدكتور علي الوردي وسيار الجميل وآخرون، وهم يشيرون الى ان ” ثقافة الطائفية ” غالبا ما تنتشر بين الأقليات التي تشعر بالظلم حسب اعتقادها منذ عقود عدة، وهي من خارج انتمائها العراقي، وجاءت مهاجرة مع اقوام أخرى ، في فترة غزوات المغول والتتار والصفويين ، وما ان سنحت لها الظروف للظهور والاستقواء بالسلطة ، حتى أشاعت ثقافة الاقصاء والتهميش والالغاء للآخر التي تشعر بأنه استعبدها طوال عقود أو هكذا تتوهم ، وبقي الحقد ينخر داخل نفسها وبين محيطها، غير أنها لاتستطيع التعبير عنه صراحة، الا في عهود انفتحت امامها وجدت فيها ارضيتها الخصبة للانتشار، وهي أشد فتكا من وباء كورونا، بل هو من سهل انتشاره في اوساطهم بعد ان وجدت الأرضية الملائمة لانتشاره، في أوساط عراقية كثيرة، وفئاتهم الشعبية هي من نقلته، وساعدت نخب ثقافية على ترويج وبائه النفسي الحاقد على كل ما هو عروبي عراقي اصيل، لتدخلة في ” عدوها اللدود” كـ “خصم” تاريخي” ينبغي محاربته وتوجيه الشتائم والاتهامات وتلفيق حملات من الافتراء والتشويه للتاريخ العربي للنيل منهم ومن تاريخهم، وما أشادوه على طول مسيرة التاريخ الإنساني من شواهد وشواهق، ما تزال تذكرها الإنسانية جمعاء بالخير والتقدير ، وكيف لا والعراق بلد الحضارات وبلد العطاء الثقافي والمعرفي الإنساني الثر على مر العصور، وهو اول من علم الانسان الكتابة على وجه الخليقة!!
ويؤكد علماء النفس ان الطائفية وباء أشد فتكا من الأمراض البايولوجية واكثر خطرا ، وهو أي الطائفية أشبه بـ “مرض نفسي – اجتماعي “يطلق عليه الباحثون المختصون بالشأن النفسي الاجتماعي “الرغبة بتدمير الذات”!!
ويؤكد الباحثون ان الأوبئة غالبا ماتكون عبارة عن “متلازمة” تصيب الانسان الذي يشعر بـ ” الدونية ” و” الانحطاط و ” تدني المنزلة والقيمة الاجتماعية ” وهو يشعر في داخله ان الالام والاحباطات والانتكاسات التي تصيبه تحتاج الى ” إفراغات” على الآخر باتجاه الانتقام منه وتحطيم ارادته على الصمود والمقاومة للتحديات، فيجد في وباء الطائفية المرض الخبيث الذي يحقق مبتغاه في “الانتقام” إرضاء لشهوات دفينة متأصلة في داخل قطاعه الشعبي والنخبوي، وما ان تتوفر لها فرصة الانفجار حتى تخرج الى العلن ، وهو مايحدث حاليا في عراق اليوم!!
الباحث النفساني الدكتور ايمن الرفاعي يغوص بعيدا في أعماق تلك الظاهرة ويحلل ابعادها بعمق وموضوعية ، لهذا فهو يؤكد ” أن الشخص المريض بمتلازمة (تخريب الذات) يسعى إلى هدم أي نجاح يحققه المجتمع للارتقاء بنفسه ، وهو يشعر بالدونية والانحطاط وتدني مستوى ارتباطه الجمعي، لهذا يتحدر باتجاه العمل على ” تخريب الذات” للايقاع بالاخرين ممن يراهم ” عدوا ” من وجهة نظره!!
وهنا يؤكد أحد باحثي الطائفية وهو يشير الى فضح ما هو مخبء منها في داخله، دون ان يدري ، الى ان ” الطائفي ” يشعر بـ ” الهزيمة الذاتية والمعرفية والجبن والتخاذل “وان هناك من النخب الثقافية الموغلة بالطائفية من يعانون من “عقدة الخصاء ” و ” الاقصاء ” ولديهم احساس بالعجز والدونية والنقص امام الآخر المختلف بالثقافة والتوجه , ولايكون بمقدورهم الرد على الآخر الذي يجدونه انه عدوهم اللدود ، الذي ينبغي ان تتم محاربته، حتى وان احتضنهم وسهل عليهم مقدرات العيش، وانقذهم من الضلالات الى نور الهدى!!
وهنا يعود الباحث المتطفل والمتناقض مع نفسه ، وهو من غلاة الطائفية ومن عرابها ودهاقنتها الموبوئين بلظاها، ليؤكد ” ان فايروس الطائفية (الكامن) او (الخامل) هو في الاصل مضمر عند الكثير من المثقفين العراقيين ،وان هذا الفايروس إنبعث من جديد بعد ان وجد (المضيف الحي) والبيئة الملائمة , والمتمثل بتغيير المعادلة الطائفية السابقة في الادارة والحكم في العراق عام 2003″ كما يقول.
من هذا نخلص الى نتيجة مؤداها ان ” فيروس الطائفية ” هو الأشد فتكا من وباء كورونا وفيروساته الفتاكة، وهو يسايرها من حيث الرغبة والاهتمام، ويجد الطائفيون في أدوائه فرصتهم، لإظهار ” الرغبة في الانتقام” ، وهم من ينشرون ” ثقافة تسقيط الآخر” والعمل على الحط” منه، كلما سنحت له الفرصة للانتشار!!