18 ديسمبر، 2024 11:01 م

السيف الذي صدأ !

السيف الذي صدأ !

طرد من منزله مع عائلته و حرم من راتبه و عاش على الإحسان من زملائه و سجن هو و زوجته بسبب آرائه السياسية و بقي يعاني إلى أن تم إحتلال بلده و بعد الإحتلال إعيد إلى منصبه و طرد منه مرة أخرى لأنه رأى أن مواطنيه متساوون مع القوات المحتلة و يجب أن يعاملوا بصورة أفضل .
قام بتأسيس حزب يوحد طائفتان دينيتان في بلده و ساهم في صياغة دستور جديد و طالب بعدم محاسبة مطارديه قبل الإحتلال و في غضون مدة لم تصل إلى العقدين و تحت قيادته عاد بلده ينهض من جديد ليصبح فيما بعد عملاقاً إقتصادياً لا يمكن إغفاله في الحسابات الدولية .
سيداتي سادتي أقدم لكم أول مستشار،رئيس وزراء، ألمانيا الغربية السيد كونراد أديناور ، الذي كان له دوراً محورياً في تاريخ ألمانيا الحديث و خاصة بعد الحرب العالمية الثانية .
لم يجلس هذا الرجل مكتوف اليدين و يرى بلده محتلاً من قبل أربعة دول بعد هزيمة نكراء و لم نراه يخرج مطالباً بتعويض مادي عن إضطهاده و مطادرته من قبل النازيين ، لا بل عمل جاهداً لإستعادة مكانة ألمانيا في أوروبا و طوي صفحة الماضي و التطلع قدماً نحو المستقبل . و هو من إبتكر سياسة المغناطيس تجاه الشق الآخر من بلده ، ألمانيا الشرقية ، التي كانت تحت سيطرة الشيوعية و قال أن الحرية و التقدم الإقتصادي هما اللتان ستجذبان ابناء البلد الآخر و في النهاية تحقق ما تنبأ به .
نأتي إلى بلد كان يعاني من سلطة شمولية و قمع سياسي و ترهيب إجتماعي الا و هو العراق تحت قيادة البعث و خصوصاً تحت قيادة ” صدام حسين ” الذي لم يفرق بين الصديق و العدو و أعدم بلا رحمة ابناء شعبه بلا وخز للضمير ، قاد العراق إلى حرب أخرجته مديوناً و أخرى مهزوماً و ختاماً محتلاً و ليطل علينا هذه المرة طبقة سياسية لا تعرف من السياسة سوى التسلط .
قادت البلد إلى حرب أهلية و خراب إقتصادي و قمع إجتماعي لنجد أنفسنا تحت التهديد و المشكلة أن التهديد في كل مرة مختلف بحيث عجزت بوصلتنا عن تحديد مصدره و نوعه كأنها في حقل مغناطيسي !
و هولاء القادة الجدد من متضرري النظام السابق الذين فهموا أن السياسة هي إكتناز المال و ليذهب هذا الشعب إلى الجحيم طالما أنني في السليم و باتوا لا يختلفون عن مُضطهدِم من قيادة فاشلة و قمع سياسي و ترهيب إجتماعي بحيث أصبح الشعب يترحم على ماضي الأيام عندما كان يقمع هولاء !
و بالنسبة للتعويضات التي دفعتها ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية و بصورة دورية كرواتب شهرية للمتضررين من النازية كانت للكيان الصهيوني و تحديداً لليهود الناجيين من المحرقة النازية و الطريف في الموضوع أن اليمين المتطرف من الصهيانة رفض هذا التعويض لانها إهداراً لكرامة الضحايا!
لم يملك متضرري النظام السابق أي مشاعر تضامن مع ابناء شعبهم في ظل الأزمة الحالية ، و الأزمات التي ستأتي ، ليتنازلوا عن رواتبهم و يسمو بإخلاقهم تجاه الشعب الذي ناضلوا من أجله ليحكم عليهم الشعب هذه المرة بأن سيوفهم التي شهرت تجاه الظلم سابقاً قد أتى عليه الصدأ لتشهر بوجه السلطة التي ناضلوا و بشروا من أجلها لكن بدافع مختلف هذه المرة : المال !!!!
هذه المقالة ليست حكماً بحقهم لكن في النهاية التاريخ سيحكم و معروف عنه أنه لا يرحم أحداً .