منذ يومينِ مضيا , بهدوءٍ او نصف هدوءٍ مرَّ خبر قيام السيد رافع العيساوي ” نائب رئيس الوزراء السابق ووزير المالية في زمن المالكي , وهو من قياديي قائمة العراقية التي يترأسها اياد علاّوي ” بتسليم نفسه للقضاء بغية اعادة محاكمته حضورياً وفق القانون , بعد صدور حكمٍ غيابيٍ سابق بأتهامه بالفساد المالي والإرهاب , وكان من وراء اصدار قرار الحكم السيد المالكي عندما كان العيساوي خارج العراق وفق ما انتشر من اخبار آنذاك , وقد اشيع حينها أنّ اهدافاً سياسية تقف وراء ذلك.. يوم امس , وبأخراجٍ صحفيٍ غرّدَ النائب ” عدنان فيحان ” من كتلة ” صادقون ” والقيادي في حركة عصائب اهل الحق , بأنّ الأحكام التي صدرت بحقّ العيساوي غيابياً إمّا كانت سياسية او كانت صحيحة فعلا , ولماذا لم يقدّم المتهم ادلةً تثبت براءته في حينها , وعلامَ تقديمها الآن وبحضوره شخصياً ! مضيفاً أنّ القضاء والنزاهة الآن على المحك .. وفي الواقع فأنّ قضية صدور هكذا احكامٍ قضائيةٍ لم تقتصر على العيساوي , فقد تكررت او سبقتها احكامٌ مماثلة حينما كان نائب رئيس الجمهورية السابق طارق الهاشمي داخل الطائرة مغادرا بغداد وصدر مثل هذا الحكم الغيابي , وحدث ذلك ايضاً للسيد ” سنان الشبيبي ” محافظ البنك المركزي السابق اثناء حضوره مؤتمرا خارج العراق , وجميع تلك الأحكام قد صدرت في حقبة دورتي السيد المالكي في الحكم , وهنا إذ لسنا بصدد الإسترسال في احكام القضاء ولا في دهاليز السياسة ولعبة الحُكم , فقطعاً ومنعاً للشكّ والتشكيكِ من ايٍ من الأطراف , فلا نرى أنّ هنالك من يعترض او يحتج لو تجري اعادة المحاكمات السابقة على شاشة التلفزيون وبالبث المباشر , وليكون الشعب على بيّنة من حقائق الأمور, وبالصددِ هذا ايضاً فأنّ الكثيرين من الأجيال الحديثة قد لا تعلم او لم تتابع أنّ محكمة المهداوي السيئة الصيت والمسماة بمحكمة الشعب في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم , قد كانت المحاكمات تجري فيها بالبثّ التلفزيوني المباشر , وكانت تسمح وتتيح للمتهمين السياسيين للوقوف داخل قفص الإتهام وهم بكامل أناقتهم لشخصية ويمتلكون حرية الرّد والكلام بالرغم من بذاءة لسان رئيس المحكمة آنذاك العقيد فاضل عباس المهداوي , وبغضّ النظر من أنّ الأحكام كانت تصدر اساساً من الرئيس قاسم , وإذ شتّانَ بين الأمس واليوم , فنجزم ايضاً بعد امكانية اعادة المحاكمات علناً وجهاراً نهاراً , وليس بسبب اعتراض القضاء , لكنما اطرافاً سياسيةً ما سترمي بكامل ثقلها لتحول دون قيام ذلك وبأيٍ من الأثمان والأسعار .!