المذيع وظيفة تتداخل فيها المواصفات والشروط، ضمن شخصية من يحترفها؛ لأنها مهنة قائمة على الموهبة الاستثنائية؛ فالاعلامي كي يشق طريقه بجدارة، لا بد أن يستوفي شروطا تعد موهبة تنبع من داخله، تنشأ من تضافر مجموعة من مواصفات، و. هـ. م.
“وهو المطلوب” في الرياضيات الهندسية، التي يصح تطبيقها على كل ميدان ومضمار ونظرية ومنهاج عمل ووظيفة.
فجمال الصوت وضبط اللغة.. نحواً ومخارجَ حروفٍ وإيقاعَ لفظٍ، مواصفات من ناحيته وشروط يتطلبها العمل منه، وهي بالمحصلة هبة من الله للعبد! وعلى الحاضنة المهنية ان تحترم الموهبة؛ بإعتبارها تنزيلا من رب رحيم.
ومن أبسط تجليات الإحترام، إلتزام آليات العمل؛ فلا يغتاظ رئيس أخبار لأن مذيعة إستخدمت ذكاءها الميداني في سد ثغرة غير محسوبة، داخل نشرة أخبار، بطرح أسئلة سر بها الضيف؛ كفرصة لتوضيح موقف يريد إصاله للناس، ولبت إستفهامات ينشد المشاهدون إجابات عنها.
برغم إيجابية الإرتجال الصائب الذي بادرت إليه المذيعة، سنفترض أنها أخفقت، فهل يليق برئيسها رفع صوته يوبخها امام الضيف، وهي في فاصل قصير.. عائدة الى البث المباشر، بكل ما يترتب على ذلك من توتر وإنهيار نفسي يظهر جليا عليها أمام الكاميرا وبالتالي يلمسه المتابعون؟ أما كان الاجدر به الإنتظار ريثما تنتهي النشرة ويحدثها بإحترام.. او لا يحدثها أصلا، إنما يفتح تحقيقا، تنال من خلاله العقاب إن ثبتت إساءة في ما أقدمت عليه، او تثاب إن كان ما بدر منها خدمة للقناة.
نتفق أصلا على أنها إجتهدت، وللمجتهد حسنتان إن أصاب وحسنة واحدة إن اخفق.. يعنى لا يعاقب في كلا الحالتين بل يثاب لمجرد محاولته توجيه الامور نحو سبيل قويم.
هذا من جهة.. ومن جهة أخرى.. قارئة الاخبار واجهة القناة الرسمية وعروستها بين المنتسبين، تستقبل بالحفاوة.. بدءا من عامل صف السيارات في الكراج.. مرورا بموظفي الإستعلامات والمصورين ومصممي ومنفذي الديكورات والاضاءة و… وإنتهاءً بمهندس المرسلات، كما يقول الخبير الاعلامي أحمد المهنا.. رحمه الله.
أين تقاليد العمل وأخلاق المهنة وإلتزامات الوظيفة، عندما يرفع مدير اخبار صوته على مذيعة.. يوبخها.. وهي في الجو، أؤكد.. إنها في الجو مثل الطائرة المحلقة فوق الغيوم.. إذا ضربتها حمامة تسقط محترقة!
فضلا عن كون الاعلام أشبه بمباراة كرة قدم، إذا وصلت “الطوبة” الى خط مرمى الخصم، لا يتردد المدافع عن تهديفها بإعتبار تلك مهمة المهاجم وليست مهمته.. فكل من يستطيع التسجيل يبادر الى هدف يحسب للفريق كله بل للبلد؛ لأنه نتاج جهد فرقي، فإذا مذيعة وجدت نفسها مهملة من المعد أكثر من 15 دقيقة، بحيث صار وجودها ثغرة على نشرة الاخبار، وبادرت الى طرح سؤالين أبلغ من أسلئة المعد؛ المفروض بالتلفزيون تشجيعها بإعتبار مبادرتها ذكاءً ميدانياً، هذا ما تقتضيه المهنة.