19 ديسمبر، 2024 1:51 ص

قراءة في … التمايز والتصنيف الفوقي في الموروث الأسلامي

قراءة في … التمايز والتصنيف الفوقي في الموروث الأسلامي

المقدمة :
المطلع الجيد على الموروث الاسلامي ، يحصل على نتيجة لا تقبل النقاش أو الجدل ، مفادها أن هذا الموروث وفي الكثير من مفاصله ، يتصف بطبقية وفوقية جلية وواضحة عن غيره . في هذا البحث المختصر ، سأبحث في هذا المسار ، معتمدا على عينات من الموروث الأسلامي / نصوص وأحاديث وسنن و.. ، أخذت على سبيل المثال وليس الحصر ، مقرونة بقراءتي الخاصة ، ثم منهيا البحث بخاتمة .

النص :
* المحور الأول – في جانب تصنيف الأديان ، وتفضيل الأسلام على غيره من الأديان ، كان للموروث الكثير من النصوص منها النص القرأني التالي : ( أنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ / 19 سورة أل عمران ) ، وجاء في تفسير الأية وفق موقع quran.ksu.edu.sa ما يلي (( وقوله: إن الدين عند الله الإسلام ، إخبار من الله تعالى بأنه لا دين عنده يقبله من أحد سوى الإسلام ، وهو اتباع الرسل فيما بعثهم الله به في كل حين ، حتى ختموا بمحمد ، الذي سد جميع الطرق إليه إلا من جهة محمد ، فمن لقي الله بعد بعثته محمدا بدين على غير شريعته ، فليس بمتقبل . كما قال تعالى : ” ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ، وهو في الآخرة من الخاسرين ” / آل عمران : 85 ” ، وقال في هذه الآية مخبرا بانحصار الدين المتقبل عنده في الإسلام : إن الدين عند الله الإسلام . وذكر ابن جرير أن ابن عباس قرأ : شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم إن الدين عند الله الإسلام .. )) .
القراءة :
ليس من المنطق والعقلانية ، ان يكون هكذا نص مصدره ” ألهي ” ، وسبب ذلك : أن الله لا تصدر عنه هكذا معلومة ، وكان الأحرى به / الله ، أن لا يوجد الأديان قبل الأسلام أصلا ، مادام هناك أفضلية للأسلام كدين ، هذا أولا ، وأذا كان النص القراني ألهي ، فلم لم ترد نصوص مماثلة توراتية أو انجيلية أو .. ، تشير الى ظهور دين جديد بعد كذا قرن ، يدعى الأسلام ، هذا ثانيا ، ولم يكون الأسلام هو ” الدين عند الله الإسلام ” ، أجاء الأسلام مثلا : بالمحبة والتعايش والألفة والمساوات والأخاء ، أم جاء بالسيف !! هذا ثالثا ، ولم هذا التصنيف والأفضلية والتمييز لدى الله بالنسبة للاديان ، هذا رابعا ، وأخيرا ، هل لله دين يمايزه على الأخر مادام كل الأديان تتعبده ، هذا خامسا .

* المحور الثاني – وصف الرسول بأعظم الأوصاف تمييزا عن غيره ! ، فقد جاء في موقع / الأسلام سؤال وجواب التالي (( وردت في فضائل النبي وخصائصه أدلة كثيرة جدا ، ولم يرد – فيما نعلم – دليل صريح فيه النص صراحةً على أن النبي أفضل الخلق ، والذي ورد النص عليه : أنه أفضل البشر وسيد ولد آدم .روى مسلم ( 4223 ) عن أبي هريرة قال : قال الرسول : أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ ، وقد فهم العلماء من هذا النص وغيره من النصوص الواردة في فضائل نبينا أنه أفضل الخلق )) .، وكذلك ورد على أن الرسول خاتم المرسلين ، فقد جاء في موقع / طريق الأسلام ، التالي (( ” مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا / الأحزاب:40 ” ، فمحمد خاتم النبيين وبالأولى خاتم المرسلين ، فلقد ختم به النبوة فطبع عليها فلا تفتح لأحد بعده إلى قيام الساعة وختم به النبوة ، لأنه شرع له من الشرائع ما ينطبق على مصالح الناس في كل زمان وكل مكان ، لأن القرآن ما ترك أما من أمهات المصالح إلا جلاها ولا مكرمة من أصول الفضائل إلا أحياها فتمت الرسالات برسالته إلى الناس أجمعين .. ، قال العلامة ابن كثير : ” وقد أخبر الله في كتابه ورسوله في السنة المتواترة عنه أنه لا نبي بعده ليعلموا أن كل من ادعى هذا بعده فهو كذاب دجال ضال مضل “. ، أما الأحاديث فمنها :ـ وعن أبي هريرة قال: قال الرسول : « لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريبا من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله / رواه البخاري ومسلم . وفي زيادة صحيحة : وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي/ سنن الترمذي )) .

القراءة : ليس من الحقيقة بشئ أن يكون الرسول أعظم الخلق ، وكل الصفات المقدسة كانت قد أجتمعت قبله للمسيح ، وبشهادة القرأن ، هذا أولا ، حيث أن النص القراني وصف المسيح بالكثير من الصفات العظيمة منها ، ” إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه / سورة النساء171 ” ، ” إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۖ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ / سورة أل عمران 55 ” ، وغيرها من النصوص ، هذا ثانيا ، وبموقع أخر ، كالموقع التالي im-muslim.blogspot.com يبين الكثير من العجائب والمعجزات التي ليس لبشر أن يقوم بها ، وبشهادة الموروث الأسلامي منها / المعجزات التي أيّده الله بها ، كالتالي (( كلم الناس في المهد بإذن الله . ” لم تذكر بالكتاب المقدس مع انها المعجزة التي برأت العذراء عليها السلام “. . تنزيل المائدة من السماء . .)) هذا ثالثا ، وهناك عدة خوارق للمسيح منها التي وردت في الموقع التالي ، نقلت بتصرف alkalema.net/masihinkuran.htm (( منها : الولادة العجيبة للمسيح ومن غير دنس . ألقاب المسيح الالهية / كلمة الله دُعي المسيح ( كلمة الله ) في القرآن ، لقد لقب المسيح بالوجيه في الدنيا والآخرة ، كما في سورة آل عمران 45 . معجزات المسيح ، ومنها : الخلق : ” ياعيسي ابن مريم اذكر نعمتي عليك… اذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والانجيل واذ تخلق من الطين كهيئة الطير فتنفخ فيه فتكون طيرا بإذني ” سورة المائدة 110 ، احياء الموتي وابراء الاكمه والأبرص : يقول القرآن بلسان المسيح : ” وابرئ الاكمه والابرص واحيي الموتي بإذن الله ” سورة آل عمران 49 . العلم بالغيب : وهذه صفة لا تتوفر الا عند الله عز وجل ولكن القرآن نسبها للمسيح حيث قال القرآن بلسان المسيح : ” وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ” سورة آل عمران 49 . عصمة المسيح عن الخطيئة ، حيث يشهد القرآن ان لكل الانبياء والرسل خطايا معينة .. ))

* المحور الثالث – الموروث الأسلامي يصنف البشر ، ويعتبر أن كل غير المسلمين هم كفرة ، وقد زاد في ذلك بتصنيف الكفار الى طبقات ، فقد جاء في موقع / صيد الفوائد ، ما يلي (( أقسام الكافرين : فالكفار على أربعة أقسام ، القسم الأول : الكافر المحارب ، الذي اجتمعنا معه في معامع القتال ومواقع النزال . الثاني : الذمي ، وهو من يدفع الجزية لولي أمر المسلمين كل عام . الثالث : المعاهد ، وهو من كان بيننا وبينه عهد لمدة معينة أو مطلقة ، كالذين عاهدهم النبي من المشركين بصلح الحديبية .الرابع : المستأمِن الذي أُعطي أماناً من مسلم )) ، ومن حيث دم المسلم ودم الكافر ، ووجوب قتل الكفار ، فقد جاء في موقع حراس العقيدة ، التالي (( “.. فهؤلاء يجوز قتلهم في مكان المعركة ” ، أي الكفار ، وهذا القول هو مخالف لكثير من الآيات التي امرت بقتل المشركين ، وإلا فهذا تقييد منك لا دليل عليه ، كالنص التالي ” وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أخرجوكم وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ / 191 سورة البقرة ” )) .

القراءة :
ليس من دين له هذه النزعة الفوقية و الأستعلائية في تصنيف البشر كالأسلام ، فهو حتى يصنف الكافر الى أقسام ، هذا أولا ، وليس من المنطق ، أن غير المؤمنين بالأسلام ورسوله كلهم كفرة ! ، هذا ثانيا ، وأذا كان الرسول لا يتكلم من نفسه ، بل بأمر ألهي ، كما ورد بالنص التالي ” {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى} (3) {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (4) سورة النجم ” ، فنكون هنا أمام معضلة أنسانية وعقائدية ، بالموروث الأسلامي في تصنيف البشر وفي كيفية وسبل قتلهم ، حيث أن كل ماورد هو أنما وحي يوحى به ، أي كل القتل هو بأمر من الله ، وهذه معضلة دينية وألهية بنفس الوقت ، هذا ثالثا ، وهل من المعقول أن يأمر الله بقتل عباده لمجرد كونهم غير مسلمين ، هذا رابعا .

* المحور الرابع – أستحداث تصنيف وتمييز للنساء ، ووضع العذراء مريم فوق كل نساء ، فقد جاء في موقع / أسلام ويب ، التالي (( فإن ظاهر القرآن والأحاديث يقتضي أن مريم أفضل من جميع نساء العالم من حواء إلى آخر امرأة تقوم عليها الساعة ، وذلك لما اختصت به من مكالمة الملائكة ، قال تعالى : ” إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ / أل عمران : 42 ” ، فبهذه المكالمة والاصطفاء والبشارة من الملائكة استدل بعض العلماء على نبوتها عليها السلام. وعلى كلٍ فهي أفضل من كل النساء ثم تأتي بعدها في الفضيلة ( فاطمة ثم خديجة ثم آسية ) ، وذلك لما رواه موسى بن عقبة عن كريب عن ابن عباس قال : قال الرسول : سيدة نساء العالمين مريم ثم فاطمه ثم خديجه ثم آسية. وقد ذهب المحقق النووي أن الذي عليه الجمهور هو أن مريم صديقة وليست نبية . وعلى كل فإن أغلب العلماء ذهبوا إلى أنها وإن كانت صديقة فهي تبقى أفضل النساء جميعا ، والدليل قوله تعالى : ” وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ / آل عمران: 42 “. ثم لما حباها الله تعالى به حيث أعطاها ما لم يعطه أحداً من النساء ، وذلك أن روح القدس كلمها وظهر لها ونفخ في درعها فليس هذا لأحد من النساء ، وصدقت بكلمات ربها ولم تشك عندما بشرت بعيسى عليه السلام ، ولذلك سماها الله صديقه فقال : ” وَأُمُّهُ صِدِّيقَة / المائدة : 75 ” )) .

القراءة :
في هذا المحور أرى أن الموروث الأسلامي وضع معادلة غير متوازنة بالنسبة لأعظم نساء العالمين ، فالحقائق تؤكد عظمة العذراء مريم ، وهذا أمر مفروغ منه بدلالة المسيحية والأسلام ، حيث جاء في موقع / كنيسة سانت تكلا (( الإشارات المقتضبة إلى العذراء مريم في الكتب المقدسة تصورها لنا في كونها المباركة من النساء والمنعم عليها عظمى ( لو 1: 28 ) . وكذلك يقدمها لنا الكتاب المقدس كمثل أعلى للأمهات وللنساء قاطبة ( لو 2: 27 و33 و41 و48 و 3 : 23 ) . )) ، بينما النساء الباقيات نساء عاديات حسب المفهوم البشري لم يكن لهن كرامات ولا أمور خارقة كمريم العذراء ، التي ولدت المسيح دون أي دنس ، هذا أولا ، كما أن العذراء مريم هي والدة المسيح ، كلمة الله ومن روحه ، بينما نرى في الجانب الأخر ، أن خديجة أحدى زوجات الرسول ، وفاطمة أبنته ، أما أسية ، فهي (( آسية بنت مزاحم امرأة فرعون . التي تلقت النبي موسى من اليم وآمنت به وأسندت رضاعته لأمه / نقل من الويكيبديا )) ، هذا ثانيا ، العذراء مريم ، ووفق الموروث المسيحي ، أنتقلت الى السماء بسلطان أبنها المسيح ، كلمة الله ، فقد جاء في موقع / القديسة رفقا – نقل بتصرف ، التالي (( .. فرحت العذراء بحضور الرسل و قالت لهم أنه قد حان زمان إنتقالها من هذا العالم . و بعدما عزَتهم وودَعتهم حضر إليها إبنها وسيدها يسوع المسيح مع حشد من الملائكة القديسين فأسلمت روحها الطاهرة بين يديه المقدستين ورفعها الرسل ووضعوها فى التابوت و هم يرتلون و الملائكة أيضاً غير المنظورين يرتلون معهم ودفنوها فى القبر ، .. وكانت مشيئة الرب أن يرفع الجسد الطاهر الى السماء محمولاً بواسطة الملائكة .. )) ، أما النساء الأخريات دفن كما تدفن باقي النساء ! ، هذا ثالثا .
خاتمة :
نصوص الموروث الأسلامي ، التي تنهج التمييز والمفاضلة والفوقية والأستعلائية ، تضعه في موقف ضعيف بنيويا ، وذلك لأن نفس الموروث أورد نصوصا أخرى خلافا لذلك النص المذكور في الكثير من مفاصل الموروث ، وهذا مرده ضعف التواصل بين حقائق ووقائع الموروث نفسه ! والعاملين عليه ، أضافة الى فقدان النسق المعلوماتي للموروث بما أخبر المتلقي بعد قرون ، منها يمتد الى أكثر من 14 قرنا ، وأرى في بعض الأحيان ، وجود تناقض في من كتب أو نسخ أو قال أو أخبر أو دون أو أورد .. من خبر أو معلومة ، وكأن كل فرد يكتب دون الأكتراث بما كتب الأخرين من قبله ، لذا أصبح الموروث سلسلة غير منظمة وغير متسقة وغير متوافقة معلوماتيا ، بل متناقضة في بعض الأحيان .. وأنتهاءا ، أرى وفي الكثير من الحالات ، لا يمكن الركون للموروث الأسلامي ، كمصدر محايد وسليم ودقيق في حالة البحوث الرصينة !! .

أحدث المقالات

أحدث المقالات