عرضت مسرحية “مدرسة المشاغبين” تاليف علي سالم واخراج جلال الشرقاوي، يوم 16 أيار 1973، وهي من بطولة الراحلين سعيد صالح ويونس شلبي واحمد زكي وحسن مصطفى، والفنانين عادل امام وهادي الجيار وسهير المرشدي.. أطال الله في أعمارهم.
المسرحية تسخر من المعلم والإدارة التعليمية، حاطة قيمتها من العلياء الى المسخرة، حيث يظهر المدير مراهق جبان والاساتذة بين مجنون ومخترق الكرامة يمكن ان يهان بسهولة ولا يملك قدرة على التصدي لحرمة التعليم ورفعة المعلم الذي كاد ان يكون رسولا.
لا أريد الخضوع لسطوة نظرية المؤامرة، لكن “مدرسة المشاغبين” إنتهت بالمعلم في مصر، الى ما تؤديه مؤامرة ناجحة بإمتياز، إذ بعد بضعة أيام من العرض، شهدت مديريات التربية في مصر ستين حالة إعتداء من طالب على معلم!
وما زلنا لا نؤمن بنظرية المؤامرة، لكن رقابيا هل فات المعنيين أن نجاح الممثل في إضحاك الجمهور، يسيء الى رسالة المعلم، وتصبح الخسارة القيمية أكبر من الربح المالي المهول الذي جنته “مدرسة المشاغبين” وخسرت مدارس مصر كلها.
ولنخرج من قاعة عرض المسرحية، متأملين بالفنون والآداب وحتى اللألعاب الرياضية.. ما يصنف في علم الاجتماع – السوسيولوجيا، بـ “القوى الناعمة” كم من هذه وتلك، إتخذت وسيلة لإختراق مديات راقية وآفاق رفيعة!؟
بل وإستحدثت وسائل لهو بريء، شغلت شرائح شابة عن براءتها، متخلين عن إلتزاماتهم تفرغا لهذا اللهو “البريء!” الطالب رسب والمتزوج طلق والمشتغل تخلف عن العمل تبع شغفه باللهو البريء.. “إنهجمت بيوت” وسابت عوائل، وما زال هذا اللهو بريئا.
إذن تلك النواعم، في حقيقتها معاول لتهديم القيم، تنهار بنية المجتمع كاملة بزوالها، مثل طابوقة سنمار.
الحكومة تصدار تشريعا بمنع المحرم، لكنها لا تتابع تنفيذ المنع، او “تثرد بصف اللكن” إذ أن مفارز الشرطة تلاحق الابرياء وتتحاشى الشرسين.
أما غير المحرم فلا تشريع يمنعه، في حين نرى ركام الهشيم ولا نرى المعول.. نلمس النتائج ولا ندرك السبب.
تسريحة شعر ممثلة واحدة، كافية لدخول مديرات مدارس البنات في عشرات المشادات مع طالباتهن في الإصطفاف الصباحي، أما عروض الازياء الجامعية؛ فلا تبقي حرما ولا تذر مكانة لأستاذ حين ينتظم الطلبة في الكافتريا، تاركين قاعة المحاضرات شبه خالية.
بهذا الطرح لا أدعو لتشريعات تمنع جمال الازياء والمظهر، كما يروي لنا كبار السن عن قرارات منع “الميني جوب” و”الجارلس” و”الخنافس” في العراق إبان السبعينيات والثمانينيات، لكن أتمنى التوعية المكثفة، بقوة تفوق زخم الاغراء في ما يتداعى من قيم لصالح فكرة التجديد الاهوج.. غير المستند الى ضوابط ناظمة تجعل الشباب شخصيات تأملية تسبر روح الموسيقى الداخلية بدل الصخب!