اتصل بي وهو يبكي دماً وليس دموعاً وقال لي .. يا صديقي .. هل ترى وتسمع ما يحدث للمدينة التي أحب .. قلت له ومن هي ؟ أجاب .. من حقّك أن تنساها كما نسيها غيرك .. ألححت عليه .. أفصح يا رجل وقل لي ماذا تقصد ؟ ردّ عليّ بصوته المبحوح .. إنها مدينة الطوز خورماتو الشهيدة وهل لي غيرها بعد العراق .. هنا أجبته وقلت له .. يا صديقي أنا ومن خلال هذا المنبر أو غيره لم أدخّر وسعاً بالتعريف بمصاب آل(طوز خورماتو) لأني أشعر بكوني منهم وهم مني ولا يفرّقني عنهم سوى المسافة لأني أسكن بغداد وغالباً ما أترك قلبي هناك ، لكوني أعاني معاناتهم وأحزن لحزنهم الذي طال ولم نرى من يخفف عنه أو يزيله لتنعم هذه المدينة المتعددة القوميات (المسلمة) بكل من فيها بالأمن والأمان الذي خاصمها أو الأحرى فرض ليكون هشّاً ويتم التلاعب به من قبل أناس كفرة ، راحوا يستبيحون أرواح الجميع بدأً من الطفولة البريئة وصولاً إلى الكهولة التي يجب أن تحترم وتكرّم في أخريات حياة من يعيشونها ممن أصبحوا يتمنون الموت في بيوتهم كأجساد متكاملة يعرف من هو صاحبها وليس أشلاءً ممزّقة يصعب التعرّف على هويات أصحابها .. سألت محدّثي ومعاتبي وقلت له .. أين هم من صعدوا على أكتاف أهل هذه المدينة مما يجري ولماذا هم بعيدون وحتى عطلاتهم يقضونها ليس خارج الطوز خورماتو فحسب وإنما خارج العراق ولا نراهم أو نسمع عنهم إلا حين يشعرون أنّهم بحاجة إلى أصواتكم التي خدعوها لتتحوّل لصالحهم وهم لا يستحقونها ، لكونهم لم يشعروا أو يتألموا لألمكم وإلا لكانوا اليوم (هم) معكم يعانون ما تعانون أو يجدون لكم الحل للتخفيف من مسلسل الجرائم التي تطال الأبرياء بدون وجه حق .. وجدته لم يجب وكأنّه اختنق بالعبرات ، لأنه يعلم بصدق ما نقول ، ثم عرّجت على زيارات المسؤولين من رئيس مجلس النواب وصولاً إلى نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وسألته ألم تتغيّر الأمور إلى الأفضل .. كان البكاء يرتفع صوته وهو يردد .. لقد اشتدت الأمور علينا وبات لا يأتي يوم إلا و الإنفجارات تحصد الأرواح وتلحقها بحبيبها الحسين سيد شهداء أهل الجنة عليه السلام وهو الوحيد الذي يشعر بالذين يعانون منه اليوم أهل مدينة الطوز الذين أصابتهم البلوى بعد البلوى وهم صابرون ولكنهم قطعاً لن يسكتون على عمليات القتل البشعة التي أصبحت تجري وفق أجندة واضحة ، كان يجب أن يلتفت إليها من يديرون الشأن الأمني في مدينتهم المرتبطة إدارياً بمحافظة صلاح الدين بعد أن سبق وتم شطرها عن معقلها الأساسي محافظة كركوك. هل هي لعبة لامتحان صبر (شيعة) الطوز خورماتو الذين لم يجدوا من يخفف عنهم ويواسيهم ، باستثناء ما ذكرنا وهو لن يغني بشيء ولن يعيد لنا من سقطوا من الشهداء الذين وصلت أعدادهم بالمئات وإذا بقي الحال على ما نراه من قلّة الاهتمام ، ستصل الأعداد بالآلاف وهو ما لا يجب أن يكون ، لأنّ الكارثة ساعتها من ستحلّ بالطوز التي كان ولا زال يضرب بها المثل من كونها مدينة التعايش الأولى ، لأن الموت الذي يسوقه القتلة من الكفار لا يميّز بين هذا أو ذاك ومن أي الطوائف أو القوميات هو المغدور ولكن تبقى الأكثرية لشيعة عليّ كرّم الله وجهه إلى يوم يبعثون وهذا ما ينذر بالخطر ، لكون الحسينيات التي تنزف دم المسلمين بدأت هي من ترفع أكف جدرانها لتسأل ربها بأي ذنبت حطّمت وهو ما يسأله الشهداء رحمهم الله ويكرروا من عليين ، بأي ذنب قتلنا ومن المستفيد من جراء قتلنا ، ألا لعنة الله على القتلة المجرمين وكل من يهمل شأن مدينة الطوز خورماتو التي تتحمّل الحكومة مسؤولية ما يحدث لها .. فهل من مغيث ؟!.