لقد ابصر قانون العقوبات “قيصر” النور بعد عدة محاولات فاشلة, فقد مرر المشروع في مجلس النواب الامريكي عدة مرات ولكن كان يتم رفضه من قبل مجلس الشيوخ, والمعروف ان اي قانون يصدر يجب ان يوافق عليه المجلسين ويوقع عليه الرئيس الامريكي.
لقد عمل وجاهد العديد من الشخصيات السورية المعارضيين, على دعم اصدار “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين” من قبل الادارة الامريكية, بغرض فرض العقوبات الاقتصادية على النظام السوري ومن في حكمه, و كل الذين يقدمون له الدعم العسكري والاقتصادي والتقني سواء أكانوا أفرادا او منظمات أو شركات او مؤسسات أو دول , اعتقادا منهم بان ذلك قد يزيد من الضغط على النظام, والتعامل بشكل اكثر جدية مع الحلول السياسية المقترحة من قبل المجتمع الدولي, والامتثال للإرادة الدولية ولقرارات مؤتمرات جنيف الخاصة بسوريا.
ان قانون قيصر او سيزركما يحلو للبعض تسميته, بدون ضمانات اقتصادية لعامة الشعب في الداخل السوري, لن يكون الا سيفا على رقاب الفقراء منهم, اولئك الذين هم بالاصل باتوا بعد اكثر من تسع سنوات على الحرب الاهلية في عداد الاحياء الاموات, فهل فكر اولئك السوريين الذين جاهدوا وناضلوا في سبيل اصدار هذا القانون باهلهم في سورية ؟
الا يدرك اولئك ان هكذا قرارات بدون ضمانات او ثوابت اقتصادية لا تصب في مصلحة عامة الشعب؟ وان ابناء الفئة الحاكمة لن ينقص من مظاهرترفهم شيء, ولن يصعب عليهم ممارسة الرياضة في الهواء الطلق؟؟؟؟؟؟
لقد اصبح الوضع الاقتصادي لعامة الشعب اكثر مأساوية بعد الانهيار الكبير للعملة السورية, حيث اصبح المواطن السوري بحاجة الى معجزة لتأمين مستلزمات عائلته اليومية, او لربما لنصف تلك المستلزمات فقط, وخاصة بعد تخطي قيمة الدولارالامريكي الواحد حاجز الثلاثة آلاف ليرة سورية, وهذا يعني ان اصحاب الدخل المحدود لن يتجاوز راتبهم العشرين دولار شهريا, هذا عداك عن الطبقة التي تكسب قوتها بشكل يومي.
لذلك فاننا لا نستبعد حدوث كارثة انسانية واخلاقية في الايام القليلة القادمة, نتيجة لتردي الوضع المعيشي للناس, وربما ازدياد معدل الجريمة وانهيارالمنظومة الاخلاقية للمجتمع برمته.
إن الاحداث في سوريا وتداعياتها الاقتصادية تجعلنا نستذكر ما حصل في العراق إبان حرب الخليج والغزو العراقي للكويت, عندما فرض مجلس الامن العقوبات الاقتصادية على العراق واصدر قانون “النفط مقابل الغذاء”, حيث كان ثمن صادرات النفط العراقيه, يوضع في صندوق تديره الامم المتحدة لتأمين المستلزمات الاساسية والضرورية وتوزعها على شكل سلل غذائية لكل الشعب العراقي مجانا, ورغم ان ذلك لم يسعف الشعب العراقي وينهي محنته مع النظام الحاكم, لكنه منح للمواطن العراقي شيء من الطمأنينة والارتياح الاقتصادي, وبالمقابل خفض من مستوى الدعم الاقتصادي للنظام العراقي, و بالتالي سهل من تفكيك آلته العسكرية.
لقد كان على اولئك السعداء بسيزرالعمل على اقناع الولايات المتحدة باصدار قانون مماثل لقانون النفط مقابل الغذاء اوانشاء صندوق مساعدات دولية تديرها الامم المتحدة تحت حماية مجلس الامن للتخفيف من المعاناة الاقتصادية للناس.
ان من يعتقد ان المجتمع الدولي جدي في تغيير النظام السوري فهو واهم, وقد اثبتت سنوات الحرب في سوريا ان المجتمعات الاقتصادية ليس لديها الرغبة الكافية في تغيير النظام واستبداله بنظام سياسي واقتصادي آخر, وانما فقط يعبثون بمصير الشعوب الضعيفة لترسيخ عبوديتها وتبعيتها للمجتمعات الاقتصادية الضخمة, والاستمرار في تشغيل آلات المعامل في تلك المجتمعات الصناعية.