17 نوفمبر، 2024 5:46 م
Search
Close this search box.

من بغداد لواشنطن… ماذا عن الاحتجاج؟

من بغداد لواشنطن… ماذا عن الاحتجاج؟

لم استغرب كثيرا لمواقف قادة العملية السياسية والمنتمين لها في بلادنا تجاه التظاهرات التي تشهدها العديد مِن الولايات الامريكية بعد مقتل المواطن “اسمر البشرة” جوروج فلويد بحركة وصفت بالعنصرية مِن قبل جهاز امني مسؤول عن حماية جميع المواطنين بدون استثناء، فرسائل تلك المواقف كانت محاولة لتبرئة ساحتهم مِن قتل محتجي تشرين، واظهار انفسهم وكأنهم ملائكة رحمة مِن خلال “التنديد” بسياسة الرئيس ترامب وطريقة تعامله مع المحتجين متجاهلين تصريحاتهم “المحرضة” ضد شبابنا التي كانت نتيجتها استشهاد اكثر مِن 700 متظاهر.

وانا اقلب ارشيف التصريحات التي رافقت الاحتجاجات الشعبية منذ شهر تشرين الماضي، لعلي اعثر عن طريقة الصدفة على موقف او دعوة تتشابه مع ما نسمعه بعد التظاهرات الامريكية، لكن الخيبة كانت كبيرة حينما وجدت بان جميع المواقف لا تتعدى سوى اتهامات بالخيانة والتأمر ووصف المحتجين “بالجوكر الامريكي” ولَم اجد تفسيرا مناسبا عن كيفية تحول “الجوكر” في تصريحات “جهابذة” العملية السياسية مِن “قاتل مأجور” إلى مظلوم يجب نصرته حينما خرج للاحتجاج بعيدا عن حدودنا، ليبلغنا النائب عن حركة العصائب حسن سالم، استنكاره الشديد لاستخدام “القوة المميتة المفرطة” من قبل القوات الامريكية ضد المتظاهريين السلميين في ولاية مينيسوتا، ليكمل حديثه بمطالبة الامم المتحدة ومنظمة حقوق الانسان بالتدخل لوقف “المجازر” التي ترتكبها القوات الامريكية ضد المتظاهرين السلميين المطالبين بحقوقهم من خلال نبذ التمييز العنصري ضد اصحاب البشرة السمراء.

لكن.. سيادة النائب لم يخبرنا عن اسباب مهاجمة عناصر من العصائب في اليوم الاول من شهر حزيران، منزل الناشط في الاحتجاجات الشعبية الدكتور ضرغام ماجد بمحافظة بابل، والاعتداء عليه بالضرب، ولم يكلف نفسه بالخروج علينا لتفسير اسباب الحادث او محاولة تبريره في اضعف الايمان، في وقت يستمر بمواقفه المؤيدة للتظاهرات الامريكية بازدواجية واضحة لا يمكن تفسيرها بغير “النفاق” السياسي، متجاهلا تحريض حركته التي ينتمي لها على قتل متظاهري تشرين، لانهم ببساطة كانوا يهددون الكرسي الذي يجلس عليه مع رفاقه الذين يتشاركون بقتل احلامنا، لكن تلك الحالة لم تتوقف عند “العصائب”، ليكون للتيار الصدري نصيب منها حينما دعا النائب عن تحالف سائرون صباح العكيلي الرئيس ترامب إلى حصر السلاح بيد الدولة وعدم التعدي على المتظاهرين السلميين، واكمل موقفه “الانساني” بمطالبة ترامب بالاستقالة ومعاقبة قتلة المتظاهرين، لكن السيد العكيلي لم يذكر لنا اين وصلت لجان التحقيق في قتل اصحاب القبعات الزرق للمتظاهرين في محافظة النجف، والاعتداء على المحتجين بساحة التحرير باستخدام “التواثي”، لانهم رفضوا تأييد التيار الصدري بترشيح محمد علاوي لمنصب رئيس الوزراء.

وفيما يستمر سيادة النائب بموقفه لرافض للاعتداء على المحتجين في امريكا استذكرت حادثة في احدى المجموعات على الواتساب بعد ان دخلت معه بنقاش وصلنا خلاله لمرحلة الجدال، بسبب “تخلي” زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر في وقتها عن دعم المتظاهرين وتحول انصاره من قوة مساندة للاحتجاجات إلى اداة لقمعها تلبية لرغبة بعض الاطراف، حينها “بدت علامات الغضب على السيد النائب” واكتفى بتوجيه كلمات لا ترقى لمستوى من يدعي تمثيل الشعب، ليغادر بعدها مجموعة الواتساب بشكل نهائي من دون عودة، ليثبت حقيقة واضحة بان “التمسك بالمناصب” لا يختلف في جميع بلدان المعمورة، فترامب الذي كان يدعي الحفاظ على حقوق المتظاهرين تحول لصورة طبق الاصل “للطغاة” والقتلة الذين لا يهتمون لدماء شعبهم مقابل البقاء في مناصبهم، حينما خرج بنبرة تهديد للمحتجين بان الجيش الامريكي سينزل للشوارع ويستخدم الرصاص ضدهم، كما فعلها رئيس حكومتنا المستقيل عادل عبد المهدي الذي كان “يتلذذ” بدماء شبابنا وهم يتساقطون في ساحات الاحتجاج، متجاهلا جميع الاصوات التي تطالبه بايقاف المجازر والتخلي عن السلطة.

الخلاصة… ان ماحصل في امريكا من احتجاجات غاضبة شهدت عمليات “سلب ونهب” ﻓﻲ المحال التجارية والمؤسسات الحكومية اثبتت وبالدليل القاطع ان تظاهرات تشرين كانت من انظف وارقى الاحتجاجات الشعبية، لكونها سجلت مواقف “بطولية” للشباب تمثلت بتوفير الحماية للمصارف والممتلكات الخاصة للمواطنين، لكنها كشفت ايضا بان ساستنا أنموذج لا يختلف عن “حماقة” ترامب… اخيرا… السؤال الذي لابد منه… متى يتعلم اصحاب السيادة بان كراسيهم لن تدوم؟…

أحدث المقالات