في العراق، ليس هناك أمر غريب، فما تستهجنه اليوم ستجده غدا واقعا ملموسا، شئت ام أبيت، وذلك بسبب تفاعل مظاهر الفساد وتأسيسه وفق منظومة محكمة عملت ولا زالت تعمل على تجذير نفسها، باسماء وغطاءات متعددة، فهل يا ترى اعتدنا على الصدمات المتكررة وتأقلمنا مع الواقع المفروض؟ ام بالغنا في التسليم من تلقاء انفسنا لثلة من السياسيين للدرجة التي اصبحنا بنظرهم “سذج” او بعبارة أدق “زواج”؟، ام أن حجم تهافتهم على الفساد استنزف كل حسن الظن وأصبح المواطن العراقي لا يثق بأبسط الوعود ولو كانت مشفوعة باغلظ الأيمان؟.
ومثلما تنبء الأزمات المستمرة بالمستقبل، فإنها دون شك توضح الماضي وملابساته، وتقلب المواجع ومشاحناتها، إلى درجة الاشمئزاز، وأن غرتهم الدنيا وانستهم ما فعلته ايديهم وصراعاتهم وخطاياهم فإن اليتامى والثكالى لم ينسوا بعد مرارة كل ذلك، ومعه ومع غيره تجد هؤلاء بذات التكالب وذات التلون، الهدف واحد والاشكال والاطر والمسميات متغيرة، وآخر الحصيلة وبعد ضياع البلاد والعباد، يلبس لبوسا قشيبا جديدا تحت مسمى “تحالف المناطق المحررة” ليلعق جراح المألومين ويزيد من حجم آلامهم، ويبيع ما تبقه من قطرات حياء الجبين ويتجار بضميره إن كان لديه بقية من ضمير..
فما تحالفكم يا سادة إلا مطية لنيل الامتيازات، ولن ينسى لبيب دوركم السيء في التفريط باراضيكم، وقتالكم الداخلي، واستقواءكم على بعضكم البعض بداعش وفتنتها الطائفية، فادخلتم الاغراب، واستعنتم باجرامهم، واليوم.. تتشدقون بمظلومية العباد، وما هي الا محاولات لاستمرار استنزاف اموال اعادة الاعمار والنازحين لتصب في جيبوكم بدل ذهابها إلى مستحقيها، فأين أنتم من خدمة مناطقكم المحتلة سابقا او المحررة لاحقا..