كل من آمن بالوراثة الجبرية والدماء الزرقاء وتوريث السلطة وتوريث الخرقة الصوفية وتوريث الامامة السياسية التي يحلو لبعضهم تسميتها بـ” الامامة الالهية ” وما هي كذلك بالمرة وكل من احتكر توريث المشيخة العشائرية وتوريث الزعامات القبلية والقيادات النقابية والاتحادية والحزبية ، بل وحتى الديمقراطية التي تتوارثها الاحزاب – حكم اميركا كلها هو عبارة عن توريث وتوارث وتبادل عضوضي للسلطة بين حزبين رئيسين (الجمهوري والديمقراطي ..بين الفيل والحمار ) فقط لاغير برغم كل الانتخابات والدعايات والجعجعات ..الحكم في بريطانيا ملكي دستوري عضوضي وراثي في قمة الهرم أما في سفحه فعضوضي بين حزبين لا أكثر ( حزب العمال والمحافظين ) وكل الانتخابات البريطانية عبارة عن دوران كحمار عن يمين وشمال قطب الرحى وحول مرشحي الحزبين الانفين لااكثر خلافا للشورى ، فقد أرسى دعائم الملك العضوض وآمن به كليا في مجاله ومحيطه وإن إختلفت عناوينهم وتبريراتهم وإدعاءاتهم ، وإن زعموا معارضتهم الشديدة لفكرة الملك الجبري العضوض واستهجانهم لها وهذا هو ديدن البشرية كلها عبر التأريخ وفي جميع الأمم من دون استثناء ،حاكم يرث السلطة عن جده وابيه بوجود واعظ سلطان يبارك لهم وله ويدعي ان سلطتهم الهية لايجوز منازعتها ولا نزعها ولا الخروج عليها مقابل فتات موائدهم .. أو حاكم متغلب يقفز الى السلطة وينتزعها انتزاعا بالقوة ليورثها لأبنائه واحفاده بوجود وعاظ سلاطين جدد وربما سابقين ايضا لن يجدوا حرجا من تكرار ما قالوه بحق اسلافهم من الحكام طمعا بفتات الموائد الجديدة .. ودائما ما كان يصطدم هذا العضوض الجبري المتسلسل بإنقطاع النسل أو صغر سن الوريث الشرعي أو ضعف عقله أو تشوه خلقته أو عدم صلاحيته بحلم العضوضيين العاضين على السلطة بنواجذهم وبالممسكين بتلابيبها بأياديهم ، أو لعدم كفاءة الوريث بوجود الطامحين الكفوئين الطامعين بتغيير عناوين العضوض هذا ونقله – من آل ، الى آل – في نهاية المطاف وهنا تنطلق قريحة – العضوضي الأول ووعاظ سلاطينه من اصحاب الفتاوى المسلفنة والجاهزة تحت الطلب – لإختراع ” السفراء والغائبين ونواب الغائبين والاوصياء والوكلاء مع استحالة وجودهم جميعا عقلا ونقلا وعرفا ” ليقدموا لنا حينئذ – تعاليم واكاذيب واساطير لاوجود لها البتة ستبنى عليها بدورها اكاذيب جديدة لتفسيرها وتبريرها وهكذا دواليك على مدى قرون ، اكاذيب تتناسل من اكاذيب ، بزعم انها جاءت على لسان المغيب او الغائب على لسان وصيه أو سفيره او نائبه او وكيله أو وليه الفقيه – طمعا بالمزايا والعوائد والنفوذ والجاه والسلطان الذي يحققه – التوريث العضوضي – كابرا عن كابر …واكرر ما سبق ان قلته مرارا من ان الحكم عبارة عن آثام وأرجاس وأدناس عموما ، وقد وعد الله تعالى بأن ينقي وينجي ويطهر آل البيت الاطهار من الرجس بمحكم التنزيل ” إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ” وبالتالي فانا شخصيا افهم ومن رحاب الاية الكريمة وظلالها الوارفة وبصرف النظر عن تفسير المفسرين لها ، لماذا لم يتول آل البيت حكما ولن يتولوه مطلقا الا في آخر الزمان منفردا ولشخص واحد منهم فحسب لن يورث من بعده أحد البتة ..لأن الحكم حتما ولزاما ان يرافقه حملات عسكرية ومعارضة بتحريض خارجي أو ضغط داخلي وسجون ومعتقلات ومراكز احتجاز واقصاء وتهميش وتجسس ومناورات ومؤامرات وخداع وحاشية لاحدود لأطماعها وبطانة مارقة وثلة لاحصر لها من المخبرين والمخبرات علاوة على قصور وخدم وحشم وعسس وميوعة وخنوثة ان لم يكن في عهد – الزعيم الاول – ففي عهد الثاني حتما وان لم يكن في عهد الثاني ففي الثالث حتما ولزاما وكل من سينازعهم الحكم سيجلس على الخازوق – خازوق الخيانة العظمى في الانظمة الرئاسية والملكية الاستبدادية – وخازوق – الكفر والزندقة والخروج على الملة في – الامامة السياسية – ولاتقل لي بأنهم سيعدلون طوال حياتهم وسني حكمهم لأن ذلك محال عقلا ونقلا ومنطقا ..ولأنني لن اقتنع بهذا الرأي المجافي للحقيقة المناقض للسنن البشرية مطلقا وقراءة التأريخ كله بتمعن تشهد على ان لاعدل بالعموم وانما حزم وشدة وقسوة وظلم بالعموم وما العدل المطلق الا فلتات من فلتات الزمان ليس إلا حدثت هنا أو هناك في زمان معين وآخر، سرعان ما ستشوبه الشوائب وتعكر صفوه النوائب وتزعزع استقراره الفتن والمحن والمصائب ، ربما لأن سنة الحياة هكذا ، اذ لو عدل الناس كلهم على مر الزمان لقلبت كما انها – اي الدنيا – لو خليت من الصلاح والصالحين والمصلحين لقلبت لأن الاصل في هذا الوجود على هذه الارض واستعمارها وتحقيق سنة الاستخلاف فيها هي سنة التدافع الازلي بين الخير والشر ،الظلمة والنور ،الحق والباطل ولذلك سألت الملائكة ربها متعجبة ” أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء؟ ” لأن سنة الحياة هكذا قائمة على التدافع والدفع بين البشر على اختلاف نحلهم ومللهم ومذاهبهم ومشاربهم وألوانهم واعراقهم …وبالتالي فأن كل المظالم تلك ستنعكس شعبويا على – آل البيت عموما – في نهاية المطاف ان كانوا في السلطة الجبرية – العضوضية – التوليتارية ” الشمولية ” وسيزحف هذا الانعكاس الخطير جدا ليصل الى النبي الاكرم صلى الله عليه وسلم ومن ثم الى سنته ودينه ، عندئذ لاتعجب اذا ما ارتد الناس عن دينهم زرافات ووحدانا وخرجوا من هذا الدين الحنيف كما دخلوه أول مرة افواجا وأفضل شئ وآمن أمر هو الترفع والتطهر من رجس الحكم – العضوض – الذي لم يسلم من غباره وعواصفه وزلازله وبراكينه سوى النزر اليسير جدا من الخليقة بين الفينة والاخرى ومعظم هؤلاء العادلين قد قتلوا غيلة وغدرا لتعود ريمه الى عادتها القديمة ، والحل بإعتماد نظام الحكم – بالشورى – العادلة التي لاتورث بدورها – لثلة النقباء والحكماء وأهل الحل والعقد – كابرا عن كابر والا تحول اهل الحل والعقد في هذه الحالة الى طغمة أولغشارية أو ارستقراطية أو بولتوقراطية حيث ضياع وبساتين ومواكب وقصور = ” خوجه علي ، ملا علي ” …واشدد بالقول ، بأن ” اهل البيت رضي الله عنهم وارضاهم لن يتسنموا الحكم يوما قط الا لماما وفرادا فحسب “مصداقا لآية التطهير الابدي من الرجس تلك ” ..نقطة راس سطر … ولا ادل على ذلك من قولهم ” ان الموعود سيملأ الارض عدلا بعد ان ملئت ظلما وجورا ” ، ترى كيف يستقيم ذلك الظلم والجور مع – حكم آل البيت الوراثي – وكيف سينقلب من هو من اهل البيت وهو بين صفوف الشعب على من هم من أهل البيت ممن هم في السلطة والحكم الوراثي العضوض الا اذا كان الحكم لغيرهم مطلقا بما يسمح له وبتفويض الجماهير المسحوقة ومساندتها وتأييدها المطلق بتنظيف ما خلفه الحكام من آثام ومظالم متراكمة على مر الاجيال بعضها وربما جلها جاءت على يد من يزعمون انهم على نهجهم في سدة السلطة ..ان الموعود مع تحفظي على هذه المفردة لن يظهر وآل البيت الحق وليس أدعياؤهم ، أو من يمثلونهم بحق في الحكم والسلطة مطلقا ، سيظهر فقط وهم خارجها ليقيم دولة العدل على انقاض دويلة الباطل…
ورب سائل يسأل وحق له ذلك ” وماذا عن توريث النبوة وبالاخص لدى انبياء بني اسرائيل ؟” واقول أما عن الانبياء والرسل فهذا شأن آخر تماما ، ذاك ان سلسلة الاختبارات والمصائب والآلام والمعارضات والعذابات التي تعرضوا لها طويلة جدا ولاحصر لها بدأت مذ رأت اعينهم النور وحتى وفاتهم ، تراوحت بين إعراض اقوامهم جزئيا أو كليا وجاء بعضها من اقرب المقربين اليهم ” أب ، عم ، ابن ، زوجة ” ، وطوفان ” نوح عليه السلام ” ونيران ” ابراهيم عليه السلام ” ، مرض عضال وهجر زوج واولاد ” ايوب عليه السلام ” ، تنكر وجحود قوم طويلا قبل ايمان وابتلاع حوت ” يونس عليه السلام ” ، تيه وبحر ويم ويتم وهجرة ” موسى عليه السلام ” ، غدر اشقاء وحجر بجب وإقامة جبرية وسجن خلف قضبان ” يوسف عليه السلام ” ، يتم ومحاولة صلب امام الناس ” عيسى عليه السلام ” ، يتم تام وحرمان وتهجير وهجرة ومحاولات اغتيال وقذف بأحجار واتهام بجنون وشعر وسحر وكهانة وملاحقات في الاسواق والفيافي والقفار ، دهم منزل وتعذيب بل وإغتيال اتباع ايضا ” رسول الله صلى الله عليه وسلم ” حتى ان معظمهم غادر الدنيا ولم يورث أهله درهما ولادينارا ، غير سيف وبغلة وعاش معظمهم زاهدا ومحروما طوال حياته بخلاف الوراثات الدنيوية التي اسلفناها وكلها ثراء فاحش وجاه لاحدود له ونفوذ واسع وسلطان ..انت لن تغبط ولن تحسد – دنيويا ، واكرر دنيويا ، واعيد دنيويا – ولا نبي من الانبياء البتة ..اتحسد نوحا وقد دعا قومه قرونا طويلة ليخرج وحيدا في نهاية المطاف في سفينة وسط بحر لجي ماله من قرار من دون زوجته ولا ابنه بعد ان أنقلبا مع قومه عليه ؟ اتحسد موسى عليه السلام الذي ذاق مرارة اليتم وعذابات الحاكم الطاغية الذي يطارده في كل مكان من جهة وتفلت أتباعه وتقلبهم ، احباطهم ، ترددهم ، تفرقهم، انقلابهم عليه ، خذلانهم له مرارا وتكرارا ؟ ..اتحسد عيسى عليه السلام اليتيم الذي لازوجة له ولاذرية والذي عاش زاهدا طوال حياته يفترش الارض ويلتحف السماء ويستضيء بنور القمر ؟ اتحسد الانبياء والرسل الذين تركوا ديارهم وقومهم خلفهم بعد صنوف من العذاب والتنكيل والتشكيك على ايديهم ولم يؤمن منهم احد بإستثناء اصابع اليد الواحدة ليهلك الله تعالى اقوامهم عن بكرة ابيهم من دون حتى حق العودة ثانية الى الديار التي تركوها مرغمين ..؟ اتغبط النبي محمدا صلى الله عليه وسلم دنيويا على يتمه من جهة الابوين ، على فراق جده ، فراق عمه ، انقلاب عمه الثاني عليه ومحاربته بمعية زوجه اياه ، على فراق زوجته ” خديجة الكبرى ” في حياته ، وفاة اولاده الثلاثة في حياته ” القاسم ، ابراهيم ، عبد الله ” على وفاة بناته الثلاث في حياته ” رقية وأم كلثوم وزينب “على الزهد الذي عاشه وما كان يوقد في بيته الشريف نار، وكان غالب قوته من الاسودين التمر والماء ” ..ولو شاء الله تعالى لورث موسى وعيسى والنبي محمد عليهم افضل صلاة وتسليم ولترك لهم ذرية من الذكور ليرثوا النبوة من بعدهم الا ان ذلك لم يحدث ..بل ان هارون شقيق موسى عليهما السلام مات قبله وفي حياته اثناء التيه ..لأن محطات الانبياء والرسل وعذاباتهم انما كانت للتأسي والاقتداء بهم ، فهم اسوة حسنة لكل من سيأتي من بعدهم وليست حياتهم – الدنيوية – محطات للحسد والغبطة فيما رسالاتهم وتعاليمهم الربانية الدينية للاتباع والاتباع والاتباع ولا مكان فيها للابتداع ..تأملها جيدا !
اودعناكم اغاتي