القسم الرابع
كانت إستقالة رئيس مجلس الوزراء ( عادل عبد المهدي ) غير دستورية وغير نظامية ، بدليل ما ثبتناه من أسانيد في نهاية القسم الثالث السابق ، لكن الأمر الواقع الذي فرضه قرار مجلس النواب بقبول طلب إستقالته إستنادا إلى المادة (75) من الدستور ، يلزمنا كمواطنين بسطاء ومهتمين بمتابعة الشأن العام ، السير في طريق الأخذ بما هو رسمي الوثيقة والسند ، وإن كان فيه ما يخالف الأسس القانونية والإدارية الصحيحة والسليمة ، لعدم تأثيرنا الفعلي في إتخاذ القرار الملائم والمناسب لكل حالة ، إلا بالقدر الذي يؤهلنا فيه واقع ومتطلبات بث الوعي والثقاقة القانونية والإدارية بين صفوف الشعب تطوعا غير مسموع إلا بما ندر ، وتقديم النصح والإرشاد للمشرعين ومتخذي القرار الرافضين لذلك بسبب تمسكهم بتنفيذ ما يريدون ، سيما وأن المادة المذكورة تنص على ( أولا- لرئيس الجمهورية تقديم إستقالته تحريريا إلى رئيس مجلس النواب ، وتعد نافذة بعد مضي سبعة أيام من تأريخ إيداعها لدى مجلس النواب . ثانيا– يحل نائب رئيس الجمهورية محل الرئيس عند غيابه . ثالثا- يحل نائب رئيس الجمهورية محل رئيس الجمهورية عند خلو منصبه لأي سبب كان ، وعلى مجلس النواب إنتخاب رئيس جديد خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما من تأريخ الخلو . رابعا- في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية ، يحل رئيس مجلس النواب ، محل رئيس الجمهورية في حالة عدم وجود نائب له ، على أن يتم إنتخاب رئيس جديد خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما من تأريخ الخلو ، وفقا لأحكام هذا الدستور ) . وهو ما لا نراه سليما من حيث النوايا والمقاصد ، ولا ندري إن كان أعضاء السلطات الثلاث على بينة مما جرت به مقادير إتخاذ ذلك القرار ، المطعون في دستوريته أصلا ؟!.
*- أما بشأن إستحقاق ذوي المناصب المستقيلين للحقوق التقاعدية ومنها الراتب التقاعدي ، وردا على وجهات النظر والآراء المختلفة ، نبين الآتي :-
أولا- إن نص المادة (13) من قانون التقاعد يخص الموظفين حصرا ، بدلالة الحالات المعروض وصفها فيها ، والتي لا علاقة لها بذوي المناصب إلا من ناحية القياس بعدم جعل الإستقالة مانعا من نيل الراتبالتقاعدي .
ثانيا- بما أن الإستقالة لذوي المناصب ، تعد إنفكاكا قد يكون مؤقتا مما هم عليه في مواقع المسؤولية ولأغراضها المحددة كما أوضحنا ، فإنها إداة تجديد لتكليفهم مرة ثانية في ذات المناصب أو في غيرها ، وعليه فلا حاجة لإصدار المرسوم الجمهوري بعد ذلك ، لأن صلاحية رئيس الجمهورية بإصدار المرسوم الجمهوري حسسب أحكام المادة (73) من الدستور مع مراعاة تنفيذ أحكام المادة (١٤) من قانون التقاعد الموحد . تتحتم في الحالات التي لا تنطبق على المستقيلين من ذوي المناصب ، الذين أصبحوا خارج نطاق الخدمة الكاملة ( حكومة تصريف أعمال ) ، كما لا يمكن تطبيق نص المادة (14/أولا) من قانون التقاعد بالشكل الكامل ، وإنما الإكتفاء بالإحالة إلى التقاعد إن رغبوا في ذلك وبالإتفاق ؟!، بأمر من مجلس الوزراء أو من رئيس مجلس الوزراء ، وبغض النظر عن الكيفية التي تم التعيين فيها ، إعتبارا من تأريخ أداء الحكومة الجديدة لليمين القانونية . لأن المرسوم الجمهوري أو الأمر الديواني أو الوزاي أو الإداري ، تشترك كل منها مع الآخر في صفة الأوامر الكاشفة عن نوعية القرار المتخذ من قبل الجهة المخولة وحسب مستواها في هرم السلطات الحاكمة .
ثالثا- على المتصدي للخطأ أن يكون أكثر دقة من الخاطئ في إستخدام التشريعات عند النقد والتصحيح ، فلا يصح الإستناد في مناقشة الموضوع إلى أحكام المادة (37/1) من قانون التقاعد ونحن في سنة 2020 ، وهي ملغاة بقرار المحكمة الإتحادية العليا المرقم 36/ اتحادية / اعلام /2014 ، وإلا كانت المساهمة بإتجاة الإنتقاد السلبي وخلافا لأهداف الغرض المطلوب .
رابعا- إن عدم وجود قانون خاص ينظم إستحقاقات ذوي المناصب التقاعدية . لا يعني عدم إستحقاقهم لها ، وإنما تطبق عليهم أحكام قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 بالإحالة . وعليه فقد نصت المادة (38/ أولا) منه ، على أن ( تلغى كافة النصوص القانونية الواردة في التشريعات والأوامر التي تقرر للمتقاعد أو المستحق حقوقا تقاعدية ( راتبا أو مكافأة ) خلافا لأحكام هذا القانون بما في ذلك :
أ ـ الأمر التشريعي رقم ( 9 ) لسنة 2005 المعدل بالأمر( 31 ) لسنة 2005 .
ب ـ قانون المجلس الوطني المؤقت رقم ( 14 ) لسنة 2005 .
ج ـ قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم ( 11 ) لسنة 2007 المعدل .
د ـ قانون الجمعية الوطنية رقم ( 3 ) لسنة 2005 المعدل .
هـ ـ قانون مجلس النواب رقم ( 50 ) لسنة 2007 … إلخ .
وفي ذلك ما يعني إستخراج مقدار الراتب التقاعدي لكل منهم في ضوء معادلة إحتساب الراتب التقاعدي على الوجه المعتمد والمنصوص عليه في المادة (21/ثانيا) من قانون التقاعد الموحد آنف الذكر . وفي كل الأحوال ، فإن هنالك فرق بين الموظف وبين ذو المنصب ، وقد سبق لعادل عبد المهدي أن إستقال من منصب وزير النفط سنة 2016 ، أي بعد سنتين من إستيزاره في سنة 2014 ، ليعود مكلفا بتشكيل الوزارة مباشرا أعمالها في 25/10/2018 ومستقيلا منها في 1/12/2019 ، وما أشبه اليوم بالبارحة ، حين يشاع عند تكرار فشل تشكيل الوزارة لأكثر من مرة ، بأن ذلك مقصود لإمكانية إعادة تكليفه وهو على رأس حكومة تصريف الأعمال منذ إستقالته ولغاية تشكيل الوزارة التي حلت محله في 7/5/2020 ؟!.