“هذا يشتغل بياع قناني غاز”
همس لي زميلي في لجنة المقابلات.
اقترب الشاب من منصة المقابلة، وساله زميلي، اسمك وسنك. فاجاب الشاب دون تردد…
ثم سالته:
شنو شغلك حاليا؟
فاجاب الشاب؛
ابيع غاز…!
ادهشتني اجابته، ونظرت الى زميلي، مبتسما…
انتهت المقابلة، وسالت:
شلون عرفت هذا الولد يبيع غاز؟
فقال:
بكل بساطة، راقبت حركاته، والتفاتاته… وخاصة حركات يديه..
فعرفت انه بياع غاز… لان اختيار العمل، ليس اعتباطا، وتاثيره، على صاحبه، ليس هينا…
هذه حادثة حقيقية، لم اذكرها بدقة، بل بشيء من التحوير، لاسباب فنية..
المهم، اني تعلمت، بعد ذلك، شيء من الفراسة، ونجحت احيانا، قليلة..
لكن، بقيت افكر، في الاحداث، التي تحصل للفرد او المجتمع،، واحيانا، في الاسماء والهيئة، والعمل الذي يعمله. واعتقدت ان كل شيء، مترابط، مع كل شي…!
وهذا، مطلوب، عقلا وشرعا…
لذلك، شغلتني، حادثة قتل الامام علي بن ابي طالب، عليه السلام، وهكذا:
اولا. لماذا ضربوه في راسه؟
ثانيا. لماذا الفجر؟
ثالثا. لماذا في المسجد؟
رابعا. لماذ في المحراب؟
خامسا. لماذا اثناء صلاته؟
سادسا. لماذا اثناء سجوده؟
والسؤال الاساس، ماذا يعني انفجار دماغه عند الفجر…؟
كل ذلك له معنى وعلاقة وترابط، بين مولد هذا الانسان ومقتله…
انظر، قد انشقت الكعبة له، في مولده، ثم انشق راسه، وهو متوجها للكعبة، في مقتله.
هل تعني الكعبة محورا، للمشروع الالهي، فنطوف حولها.. لانه ولد فيها،، وغادرنا، وهو يشير اليها..
ويمكن القول، اننا لو نظرنا الى علي من الاعلى… اقصد ان ننظر لمسيرته منذ الولادة حتى الشهادة.. ماذا نقرا؟
يمكن، اذن، ان ندرك مسيرة الانسان، الانموذج، الذي يريده الخالق..
خليفة الله.. كما ورد في القرآن الكريم :
“وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ” [البقرة:30]
لان وصول انسان واحد، الى مستوى، علي، يحقق المشروع الالهي، ويوكد، بالملازمة، امكانية وصول اخرين، حتى تحقق المستوى النوعي الغالبي، للانموذج العلوي. قال تعالى :
” يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيه”
لذلك، انفجر دماغ علي، واخرج ما فيه حوله، معبرا، عن خروج ما في دماغه، الى الخارج. اي انتقال المنهج والفكر والمشروع، من دماغ الانسان علي، عليه السلام، الى دماغ البشرية، مع مرور الزمن…
وللامانة، هذا، خطر في بالي ايضا، عندما انفجر راس المواطن العراقي، السيد محمد الصدر… فقد انطلق مشروعه، مع ذلك الانفجار..
كانت هذه اسطر قليلة، لاثارة التفكر… وتعبيرا عن الالم العظيم، في ذكرى رحيل، علي، الانسان العظيم، امير المؤمنين عليه السلام.