بينما وقع قادة عراقيون في بغداد اليوم بمقاطعة آخرين على وثيقتي الشرف والسلم الاجتماعي فقد ختلفوا حول اهدافها بين انقاذ العراق من نيران الطائفية التي تحرق المنطقة حاليا وبين التحذير من تهميشها للمكون السني وتنفيذها على اسس طائفية وحزبية محذرين من مخاطر عدم الالتزام بهما لما سيكون ذلك مسمارا خيرا في نعش التفاهمات بين القوى السياسية.
الخزاعي .. انقاذ العراق من نيران فتنة طائفية تسود المنطقة
وفي كلمة له لدى افتتاح مؤتمر القادة قال نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي راعي مبادرة وثقية الشرف انها تهدف الى اجتياز العراق مرحلة العنف والفتن الطائفية التي تشهدها المنطقة حتى لايقع فريسة نارها. واسف لعدم مشاركة بعض القادة في التوقيع عليها موضحا ان لجنة عليا ستتابع تنفيذ الوثيقة لتشخيص عدم الالتزام بها لان من يمتنع عن التنفيذ سيضع نفسه امام محاسبة الناخبين وعموم العراقيين.
وحذر من ان التحديات الخطيرة التي تواجه البلاد في ظل تفجر الاوضاع الاقليمية والدولية تتطلب ابعاد العراق عن نيران الفتنة الطائفية التي تسود المنطقة.
المالكي .. لا احد بمأمن من الفتنة الطائفية
اما رئيس الوزراء نوري المالكي فقد شدد على ضرورة التكاتف لمواجهة خطر تصاعد عمليات الارهاب وما تشهده المنطقة من اجواء حرب وفتن حيث يوجد العراق في قلب العاصفة . واوضح ان هناك اجواء ضاغطة في المنطقة نظرا لماتشهده سوريا ومصر وليبيا من اضطرابات تتطلب العمل ليكون العراق في منأى عنها حيث ان خطر انهيار العراق يجب ان يجمع العراقيين على مواجهة هذه الاخطار.
وحذر من انه بعكس ذلك فأنه لن يكون هناك احد بمأمن من الفتنة مالم يكن هناك عراق قوي متطور يواجه التحديات واشار الى اتفاق القادة على رفض الطائفية والعمل لتطبيق الدستور ومواجهة المليشيات وعصابات القتل وحصر السلاح بيد الدولة .
النجيفي .. الحكومة فشلت في حماية المكون السني
وفي كلمته اشار رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي الى ان ويقة الشرف فرصة تستوجب التفاعل بين القوى السياسية حتى تحقيق اهدافها لكنه اشار الى ان هناك حقائق يجب الاخذ بها للانتقال من نص الوثيقة الى تنفيذها . وشدد على ضرورة تجاوز الاثار المحبطة للمرحلة السابقة في تهميش مكونات في اشارة الى السنة وكذلك تفسير الدستور لمصالح مذهبية وحزبية ضقة وتحرك المليشيات للعبث بسلام العائلات وفشل الحكومة في حماية دور العبادة من الارهاب والتي اغلق بعضها نتيجة مخاوف القتل والاغتيال والتفجير.
واضاف النجيفي ان الحكومة فشلت كذلك في حماية طوائف ومكونات في الموصل وذي قار وحزام بغداد والبصرة من التهجير وكذلك في تنفيذ مطالب المتظاهرين المعتصمين منذ اشهر والكيل بمكيالين في مواجهة المتظاهرين في مناطق العراق المحتلفة. واشار الى ان مبادرة وثيقة الشرف تأتي عقب مبادرات سابقة ماتت فور اعلانها واخرى سحقت فور التوقيع عليها .. وحذر من تطبيق جزئي لاتفاقات اليوم واهمالها لجزء من الشعب وتنفيذها على اساس حزبي وطائفي وليس وطني من اجل تجاوز مرحلة معينة مشددا على ان ذلك سيشكل خطرا كبيرا يدق المسمار الاخير في نعش التفاهمات بين القوى العراقية.
الجعفري .. دول وارادات تحرك اعلاما مضادا
وفي كلمته حذر رئيس التحالف الوطني العراقي الشيعي ابراهيم الجعفري من مخاطر عواصف اعلامية ضد العراق تقف وراءها دول وارادات مشبوهة. واشار الى خطورة عدم تنفيذ اتفاقات اليوم واوضح انه حتى اذا تم ذلك فانه ستتم مواصلة العمل حتى تحقيق نظام ديمقراطي سليم في العراق. وتحدث عن ازمات في عمل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية واشار الى ان الفساد يضرب مفاصل الدولة حتى اصبح ثقافة تتطلب مواجهتها بحزم وقال ان شركات تمارس فسادا اقتصاديا خطيرا من خلال عمولات من تحت الطاولة.
بارزاني : العراق في خضم ازمات منذ 2003
والقى نائب رئيس الوزراء نوري شاويس كلمة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني حيث اشار فيها الى ان الاوضاع العراقية الحالية تواجه انهيارات امنية وسياسية تتطلب التوصل لحلول لهذه الازمات من خلال التزامات وطنية. واشار الى ان الخلافات بين القوى السياسية مستمرة منذ عام 2003 الامر الذي الحق اضرارا فادحة باوضاع العراق الامنية والاعمارية والخدمية. واوضح ان الازمة الحالية هي الاخطر حيث انها تشكل تهديدا لكل محاولات الحفاظ على عراق آمن متطور وتنذر بمنزلقات خطيرة تهدد وجوده ككيان موحد.
وقال بارزاني ان توقيع الوثيقة اليوم يؤكد عمق الازمة التي تواجه العراق وقال “نحن في كردستان نشعر بفداحة الازمة ونتائجها الخطيرة” داعيا الى التوجه لوضع حلول جذرية لهذه الازمة وتحديد مسارات زمنية لتنفيذها وبدون ذلك فان الامر سيقود الى انفجارات اخطر في الازمة.
وقال بارزاني ان الحلول للازمات تتطلب الالتزام باعتبار الدستور خط احمر لايمكن تجاوزه وتنفيذ الاتفاقات السابقة وخاصة اتفاقية اربيل التي تشكلت على اساسها الحكومة الحالية عام 2010 وتنفيذ التفاهمات بين بغداد واربيل والالتزام بالشراكة الوطنية والسياسية في ادارة الحكم والدولة اضافة الى اعتماد مبدا التوازن الوطني واحترام خصوصيات المؤسسات المستقلة والعمل على الاستجابة لمطالب المواطنين الاقتصادية والخدمية والتصدي للارهاب .. مشددا على ضرورة وضع سقوف زمنية لتطبيق هذه الالتزامات محذرا من انه بعكس ذلك فان الاتفاقات ستبقى عائمة.
الحكيم : تحذير من تفجر غضب العرايين
ومن جانبه دعا عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السياسيين الى الاستجابة لغضب العراقيين من استمرار خلافاتهم وتغليبهم لمصالحهم الحزبية والفئوية على مصالح الوطن. واكد على ضرورة التوصل لرؤية موحدة تضع المشروع الوطني في مساره الصحيح وحذر من خطورة عدم الاستجابة لتطلعات المواطنين وتفجر غضبهم . وشدد على ضرورة التمسك بالتغيير والاصلاح وتصحيح الاخطاء.
بعثة الامم المتحدة :
ومن جهته قال نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جيورجي بوستن ان وثيقة الشرف والسلم الاجتماعي التي تم التوقيع عليها اليوم هي محاولة لمعالجة اشد التحديات التي تواجه العراق وفي مقدمتها مسألة العنف الذي يهدد مستقبله هذا العنف الذي تصاعد تدريجيا وبلغت معدلاته الاعلى منذ الصراع الاهلي بين عامي 206 و2007 وتسبب في مآسي انسانية لا حصر لها تشكل خطرا ينذر بتعطيل الحياة الاجتماعية في البلاد من خلال استهداف الاسواق والمقاهي والملاعب والمساجد والكنائس.
واكد ضرورة مواجهة مرتكبي هذه الجرائم من قبل المليشيات التي تنفذ الاغتيالات وتهجير المواطنين على اساس الهوية . وشدد على ضورة ايجاد القادة لرؤية مشتركة لمعالجة الازمات والمظالم التي تشهدها البلاد في نواحي التهميش والعنف. واشار الى ان وثيقة الشرف ليست حلا لجميع مشاكل العراق ومعالجتها وانما هي ورقة لتشخيص المشكلات وحلها واحدة بعد الاخرى وخاصة تنفيذ مطالب المتظاهرين السلميين.
ويهدف المؤتمر كما تؤكد رئاسة الجمهورية الى إيجاد الحلول الملائمة للأزمات والمشاكل المستعصية التي تعصف بالبلاد .. موضحة انه سيتم تشكيل لجنة مصغرة تمثل الكتل السياسية الموقعة على الوثيقة ضماناً لحلحلة المشاكل والأزمات بأطر دستورية حيث ان القضايا التي لم يذكرها الدستور ستشكل لجان متخصصة لإيجاد الحلول المناسبة لها . واضافت الرئاسة ان وثيقتا الشرف والسلم الاجتماعي يشكلان خارطة طريق لحل المشاكل والمعوقات التي ترافق العملية السياسية والبدء بمرحلة جديدة من العمل المشترك.
وثيقتا الشرف والسلم الاجتماعي
وتشير وثيقتا الشرف والسلم الاجتماعي، اعلى نصهما، الى أنهما يأتيان “ايماناً من القوى السياسية بضرورة إيجاد المناخات والأجواء المناسبة للتعايش السلمي وتمتين أواصر الوحدة الوطنية وتقوية النسيج الاجتماعي ومد جسور المودة والإخوة بين جميع مكونات وأطياف الشعب العراقي وتكريس الثقة المتبادلة بين قواه تحقيقاً للاهداف المشتركة”.
وتؤكد وثيقة الشرف على العمل من أجل “صيانة الوحدة الوطنية لأبناء الشعب العراقي وحماية النسيج الاجتماعي وعدم السماح لأي كان بإيجاد التفرقة الدينية أو القومية أو المذهبية”.. و”اعتماد مبدأ الحوار سبيلاً وحيداً لمعالجة المشكلات والعقد التي تعتري مسيرة العملية السياسية والتعايش الاجتماعي في البلد.
كما تشدد على الابتعاد عن استخدام وسائل الاعلام لطرح الخلافات والمشاكل واللجوء الى اللقاءات الوطنية أو الثنائية والبحث عن الحلول عبر الوسائل الدستورية.. وكذلك “نبذ التقاطع والقطيعة بين القوى السياسية عند حدوث الازمات والخلافات والتماس الحلول لها من خلال الحوارات المباشرة”.
كما تنص على “العمل على تعزيز الثقة بين اطراف العملية السياسية في ما بينها من جهة ومع الجمهور العراقي من جهة أخرى” .. و”التعهد بالعمل بروح الفريق الواحد لخدمة الوطن والمواطنين والوقوف بحزم لمواجهة أي خطر أو نهج أو ممارسة تحرض على العنف والطائفية”.. وكذلك “تجريم كل الانشطة الارهابية التي يمارسها اعداء العراق من جماعات القاعدة أو أي تجمع يتوسل بالعنف والارهاب لتحقيق اهدافه”.. وحظر حزب البعث وجميع انشطته وواجهاته وتجريم الانتماء له وتفعيل قانون المساءلة والعدالة على الجميع”.. و”تحريم ومنع استخدام موارد وامكانات الدولة لاستهداف الخصوم والشركاء لتغيير المعادلة السياسية سواء في الحكومة او البرلمان”، اضافة الى “منع ارتهان الارادة العراقية بارادات واجندات خارجية مع احترام علاقات الصداقة مع القوى والدول الاخرى وبشكل متكافئ”.
وتضمنت الوثيقة العمل على صيانة الوحدة الوطنية لابناء الشعب العراقي وحماية النسيج الوطني وعدم السماح لأي كان بايجاد التفرقة الدينية أو القومية أو المذهبية واعتماد مبدأ الحوار سبيلاً وحيدًا لمعالجة المشكلات والعقد التي تعتري مسيرة العملية السياسية في البلد .
وتؤكد الوثيقة على الابتعاد عن استخدام وسائل الاعلام لطرح الخلافات والمشاكل واللجوء الى اللقاءات الوطنية أو الثنائية ، والبحث عن الحلول عبر الوسائل الدستورية ، ونبذ التقاطع والقطيعة بين القوى السياسية عند حدوث الازمات والخلافات والتماس الحلول لها من خلال الحوارات المباشرة ، والعمل على تعزيز الثقة بين اطراف العملية السياسية في ما بينهم من جهة، ومع الجمهور العراقي من جهة أخرى.
أما وثيقة السلم الاجتماعي فتقضي بتشكيل لجنة عليا برئاسة نائب الرئيس وعضوية عدد من قادة الكتل السياسية يتفق عليها، وعلى عدد المشاركين فيها بهدف تبني برنامج السلم الاجتماعي في العراق، واعتماد كل الآليات المفضية إلى تحقيقه وتفعيله وتعتمد اللجنة الدستور مرجعاً اساسياً ومعياراً في كل قضية نص عليها، اما القضايا التي سكت عنها الدستور فبالامكان التحاور حولها والتوافق عليها وبما لا يشكل تعارضاً مع أي نص ورد فيه بما في ذلك الاتفاقات السياسية، وعلى ضوء ذلك فلا بد من العمل على تحقيق ما تم الاتفاق عليه منها بعد ازالة كل عوائق التنفيذ.
كما تؤكد على ضرورة معالجة الخلافات التي قد تستجد أو تحصل في المشهد السياسي بشكل توافقي وبما لا ينتقص من الصلاحيات الدستورية للسلطات ذات الاختصاص والحرص على السلم الاجتماعي وتطوير العملية السياسية عبر تكريس المزيد من الديمقراطية والالتزام بالدستور واستكمال بناء مؤسسات الدولة والعمل على تقويتها واعتماد مبدأ الفصل بين السلطات. وتدعو إلى تعاون المشاركين في المبادرة وكتلهم السياسية على ايجاد تفاهم مشترك بين المواطنين والدولة ممثلة بمؤسساتها المعنية، عبر توفير الاطمئنان وايجاد الاليات لتحقيق وتنفيذ مطالب المواطنين والمتظاهرين المشروعة والممكنة في جميع المحافظات، والتي لا تتعارض مع الدستور.. وكذلك مواجهة ظاهرة الارهاب والميليشيات بكل ابعادها وتحديد سبل القضاء عليها نهائيًا من خلال تجفيف منابعها والقضاء على عوامل تحفيزها ودواعي وجودها وحصر السلاح بيد الجهات الامنية الرسمية المخولة وبمسؤولية تضامنية يتحلى بها الجميع.