من مفاخر القدر ، وما يبعث في النفس العراقية البهجة والسرور ، أن أجيالنا الشبابية الحالية هي من أعادت لنا صياغة معادلة جديدة ، تضع خارطة طريق لكيفية خلاص العراقيين، من زمنهم العصيب ،ومما مروا به من محن ونكبات ومآس وويلات ، تكالبت فيها كل قوى الشر بمختلف مسمياتها وأشكالها ، وكانت تدعمها جهات أقليمية ودولية،لاتكن للعراق وشعبه ذو الارث التاريخي العريق ، سوى الكراهية والحقد الأعمى ، وها هم أجيال العراق وشبابه يملأون ساحات التظاهر في أغلب مدن العراق وبخاصة العاصمة بغداد وساحة التحرير قبلة الثوار، وقد أقسموا على أنفسهم على أن يكونوا هم المثل الأعلى والقدوة الحسنة التي تعيد لوجه العراق إبتسامته المتفائلة المتسامحة ودوره الوطني والتاريخي المعطاء، لبلد وهبه الله من الثروات والعقول الناضجة المتفتحة ما يشكل مفخرة ونقطة إنطلاقة لمستقبل مشرق ، وركيزة لأية نهوض الى حيث سلالم المجد ، وما يرفع رؤوس العراقيين الى علياء السماء.
ولو تعمقنا في مدلولات وقيم ما أقرزته ساحات التظاهر في بغداد وفي محافظات أخرى لوجدنا أنها تحتاج الى أن يغوص الباحثون والنخب الثقافية في أعماق بحورها ليكتشفوا اللاليء والدرر التي أعادت لهم الأمل بإنفراجة خير معطاء ، نشم روائحها االعطرة وعنفوانها الشامخ ، وهي قد وضعت لنا ، مسارات ثورية إيجابية ، تخطت فيها الانماط القديمة، لتبتكر وسائل أكثر تطورا واكثر قدرة على المواجهة ، وبالاساليب الديمقراطية نفسها التي زعم العالم الغربي أنه جاء بها الى العراق ليقيم دولة الحرية والتحضر، واذا به يعيدننا الى القرون الوسطى ..
وندرج في أدناه أهم ما أفرزته ساحات التظاهر من معطيات ودلالات تمتد تاثيرها لأجيال مقبلة ، وهي كالآتي:
1.إن مواقف أؤلئك الفتية والشباب الابطال الميامين وما أفرزته مواقفهم الوطنية الايجابية المسؤولة من معطيات ودلالات تؤكد بالملموس أن فجر العراق ونجمه بدأ يبزغ ، وتشرق أنواره الوضاءة ، لتعيدنا الى أمجاد بغداد ، وايام زهوها وعزها وفخارها، وهي التي كانت عروسة الدنيا المزدانة بكل جواهر الزمن الجميل ولآليء درره ، وأثيابه الجميلة وطبيعتها الساحرة الخلابة وحدائقها الغناء، لتزيح طغمة أفسدت البلاد وحاولت تخريب أمزجة وقيم العباد ، لتنزل بها الى قاعها السفلي المنحط، لكي يكون بمقدورها تنفيذ رغبات حقدها الدفين واطماعها الشريرة ، لكن محاسن القدر العربي ، هي من حركت الاجيال العراقية لتكتب صفحة تحد ونهوض واقتلاع لمتاريس التخلف والإنحطاط ، وتعيد للبلد هيبته ووقاره ويكون مفخرة لدول المنطقة وشعوبها وللعالم ، ولتؤكد لدول المنطقة والعالم أجمع أن الثورة الشبابية التي بزغ فجرها في عراق الديمقراطية الجديد ، هي ثورة من نوع خاص ، تتخطى الأطر الانقلابية السابقة للثورات الشعبية للانتقال بالمجتمع العراقي من حالة النكوص والاخفاق واليأس ، بعد فصول دامية ومريرة من حكومات تعاقبت على هذا البلد من عام 2003 وحتى الان، كي تزيح وجوهها الكالحة ، وتضع حدا لجورها وظلمها وطغيانها وفسادها وانتهاكها للحرمات وتعديها على كرامات البشر ، وهي إنتقالة نوعية وقفزة متطورة، نقلت الوعي الشعبي من الاجيال الشابة الى النخب والكفاءات وعامة الشعب وحفزتها على المشاركة الواسعة، فكانت أن أقامت متاريس صلبة للمقاومة الباسلة ، ليس بمقدور السلطة مهما إمتلكت من أجهزة وسطوة وقوى ارهاب أن تقف بوجهها او تحول دون تنفيذ أهدافها المشروعة في بناء عراق جديد ، يطمح بالحرية والانتقال به الى حيث مسارات الانفتاح على التطور العالمي وميادين تقدمه ونهوضه، وقد كتب الله على ايدي شبابنا المتفتح وصبرهم وجلدهم ومطاولتهم ، ان يكونوا على مستوى التحدي ، فكانوا بحق رجالا ميامين وابناء بررة ، أعادوا فعلا صياغة فجر عراقي مشرق وضاء ، وها هي الاجيال العراقية تصتع غدها بسواعد أبنائها، وأرغمت السلطة الجائرة على احترام ارادتها والخضوع لمتطلباتها العادلة والمشروعة لاعادة تشييد وطن افتقده العراقيون منذ عقود ، وها هي الاجيال العراقية تعيد بنائه الشامخ ، في صمود إسطوري قل نظيره في هذا الزمن ، وكتبوا في سفر تاريخهم انهم فعلا المبشرين بعهد جديد ، بعد ان مرغوا أنف السلطة وواجهوا جبروتها بصدورهم العامرة بالايمان، وقدموا على مذبح الحرية عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمصابين والمختطفين والمغيبين ، لكن كل ما واجهوه من ترويع وقتل واختطاف وتنكيل لم يوقف زحفهم وتحديهم البطولي، فكانوا أشرعة المجد التي إنفتح أسارير شموخها الى العلياء، لترتفع بهم هامات العراقييم مجدا وكبرياء ، فكانوا أسطورة الزمن العراقي وكبريائه ، وهم رفعة رؤوسنا وتاج عزنا ومن نتفاخر بهم بين الأمم.
2. إن مآثر ساحات التظاهروما أفرزته من سلوكيات متنورة وأصيلة أعادت بناء شعب بأكمله، فهي من أوقدت بين الكبار والوجهاء والنخب الثقافية بانهم أصبحوا منارة فخر بهذه الاجيال التي هبت وأسهمت في رسم صورة هذا العنفوان الشامخ، لكي يهب الجميع لمساندتهم ودعمهم، وأصبح لديهم قناعة أن شعبا يمتلك هكذا جيل وطني غيور على وطنه وشعبه، هو من يكون الأمل المرتجى في بناء العراق الشامخ الحر الكريم، لكي لاينام الظلم ويجثم على صدورنا لفترات طويلة ، وعندما تغيب العدالة ويستشري الفساد الى حدود مرعبة ويتوقف نزيف الدم العراقي وسرقة ثروات الشعب، لابد من شباب واع مقتدر سلاحه الايمان بشعبه لكي يزيحوا تلك الغمامة التي جثمت على صدور العراقيين واعادتهم الى ظلام القرون الوسطى، وها هم شباب العراق وأجياله الأبية رفضت كل تلك الممارسات غير الأخلاقية، بعد إن شعرت أن الظلم وغياب العدالة والعوز والفاقة قد إٍستشرى وإمتد بين العراقيين الى حدود مرعبة، حتى ضاقت بهم سبل الحياة ، بعد إن بلغت القلوب الحناجر، ولم يعد للصبر من منزع كما يقال، إلا أن يثأر شباب العراق ويعيدوا رسم خارطة طريقهم الى حيث بلوغ الذرى، وهم يستحقون منا كل إجلال وتقدير، في انهم كانوا في مستوى الحلم العراقي الكبير، وهم من رسخوا إسطورة بطولة فريدة، أصبحت مفخرة العالم كله، الذي يحفظ لأجيال العراق أنهم البررة الأوفياء الذين حفظوا الارض والكرامة وصانوا الوطن وحافظوا على شرف العراقيات والعراقيت من الامتهان.
3.إن تلك الممارسات القيمية البالغة الأثر التي يراها أطفال العراق ويافعته في ساحات التظاهر، ستكون نبراسهم وسلوكهم اليومي في المستقبل عندما يكبرون، بعد إن تعلموا فنون الممارسات الديمقراطية ، وكيف يرسمون طريق مستقبل النهوض العراقي، وترى أطفال العراق ويافعوه يرددون أهازيج ساحات التظاهر ويقلدون ممارساتهم السلوكية الرجولية الاصيلة ليمنحونهم في المستقبل طاقة إضافية،بعد إن نهلوا من تلك السلوكيات الايجابية الفاعلة والمحببة الى نفوسهم، وكأنهم فرسان المرحلة وهم وسام عزها وشرفها، ومن يتفاخرون بها مع أهليهم ومع حبيباتهم على إنها المثل الطيب الذي زرعه شباب ساحات التظاهر، حيث سيكون معينا لا ينضب لهم لتمثل قيمهم وانماطهم السلوكية في البطولة والاقدام، وفي الاستفادة من عقولهم المتفتحة في رسم طريق مستقبلهم، وهم يتكئون على ماض عريق وحضارات زاهية وبطولات شعب عريق له جذور ضاربة في أعماق التاريخ، وثورة الشباب الحالية كرست لديهم الامل والحلم والبناء الاصيل، وهم من يتفاخرون بين أوسط مجتمعهم بأنهم الشبان الميامين القادرين على أن يعيدوا للوطن هيبته وللدولة مكانتها وأساسها المتين لكي يبقى بلدهم مصانا مهابا، لايخشى في الله لومة لائم.
3. ما ان تنظر الى أطفال العراق وممارسات شبابه ويافعيه بتلك الصورة الجمالية السارة والمشرقة، وما أرسته ثورة الشباب من قيم وممارسات غاية في الأهمية والدلالات الكبيرة، حتى يتوصل الكثيرون الى إن تلك الثورة وممارساتها وقيمها وأخلاقياتها، أصبحت لهم مثلا أعلى وقيما مقدسة، وهي محل فخرهم ومآلهم الى حيث المكانة التي يستحقون عندما يكبرون، فلا خوف على أجيال العرق المقبلة التي تعلمت من ساحات التظاهر كيف تكون الشجاعة وكيف تكون صور التضحية والاقدام والفداء وتقديم الغالي والنفيس من أجل الوطن وحفظ كرامة شعبه عندما تتعرض الى الإمتهان، وكانت ساحات التظاهر مدرسة وأكاديمية تغترف منها الاجيال المقبلة معينها الشامخ لكي تتقدم الخطى وترسم معالم الطريق الجديد، وهي التي لديها أرث شبابي وقيمي وسلوكي وحضاري واجه أقسى حروب السلطة واجهزتها، واوقفها عند حدها، وهم أي أجيال العراق الحالية من سيكونون المثال الذي يحتذى للاجيال المقبلة في ان يتعلموا منهم الحكمة والشجاعة والاقدام وكل صور الرجال الميامين، الذين تفتخر أمهاتهم بهم وانهن من أنجبنهم من أجل ان يبقى صرح العراق شامخا بالعز والكبرياء، ولتبقى راية العراق ترفرف في الأفاق شامخة على مر الزمان.
4.. إن اطفال العراق وناشئته ويافعيه سيكونون عنوان الثورة المقبلة، وهم من سينقلون شرارة وحرارة تلك القيم الى المجتمع العراقي الى عقود قادمة، وستكون مدخلا لتغيير وطني شعبي عراقي، أرسى أول أسس لنظريات أخلاقية ووطنية عليا، بنت إستراتيجية السلوك المستقبلي التحرري المقدام الذي لا يعرف لغة الجبن والخوف، وكأنه يزرع لدى الكبار الأمل والتطلع بأن شباب اليوم هم أجيال المستقبل الواعد الذي لايعرف المستحيل، وهو لن يكون في موائمة مع أية سلطة حاكمة إن لم تكن عادلة مع شعبها وتوفر له الأمن الأمان والحرية والكرامة والعيش الرغيد.
5.. لقد ترسخت لدى اطفال العراق وشبابه اليافعين فكرة التمرد على الحاكم الطاغية وعلى قوى البغي والتسلط إن خرجت عن الطريق القويم ومارست التسلط والدكتاتورية أو أشاعت الفساد والرذيلة، وله من ساحات التظاهر بكل دمويتها وما واجهاته من آلة القتل وممارسات الترويخ والاختطاف والتغييب وعدم احترام قيم الديمقراطية في أبسط أشكالها، أن هذا الجيل الجديد أعاد لهم فكرة الثورة لتغوص في أعماق وعيهم وتفكيرهم، ولكي يكون بمقدور الاجيال المقبلة اذا ما واجهت إنحرافا كالذي يشهده العراق منذ اكثر من 16 عاما ، أان يكون بمقدوره إزاحته من على واجهة السلطة، ولديه من المجتمع الدولي مايدعم توجهاته، وبخاصة أن الاجيال المقبلة لن ترضى بالذل والمهانة، ولن تقبل برغيف خبز مغمس بالمذلة، وهي التي رفعت رأسها من خلال ممارسات ثورة عميقة الأثر واجهت السلطة فيها بكل كبروتها واحزابها وبطشها والعصابات التي تدعمها وتقف وراءها كونها المستفيدة من واجهة الدكتاتورية وهي من أمدتها بوسائل الإستمرار لفترة أطول، ولولا أخطبوط الفساد ما بقيت تتمترس كل تلك الفترة وترتكب الموبقات واعمال القتل والترويع والاجرام بحق شعبها، وقد جرعته مرارة كل تلك السنوات العجاف، كؤوس الحنظل.
6. وما يسر الخواطر أنه ليس أجيال العراق فقط هي المستفيدة، بل هم رسموا خارطة طريق لأجيال المنطقة والعالم ربما، ليكونوا مثلهم الأعلى في مواجهة جبروت السلطة ودكتاتوريتها، عندما تمارس الإستبداد والطغيان وإذلال الشعب وكيف يثور الشعب ويثأر لكرامته، وكان أطفال العراق وشبابه المدرسة السلوكية النموذجية الايجابية المتقدمة في الوعي والسلوك، وهم من يتطلع اليهم العالم ليكونوا أنموذجهم المفضل، حيث ما أن يذكر العراق حتى تذكر بطولات ثوار ساحات التظاهر وكيف قدموا للعالم صورا رائعة في التضحية والفداء، والاصرار على انتزاع الحقوق وارغام السلطة على الاعتراف بحقوق شعبهم، وكيف أعادوا الوطن المسلوب من أيدي السلطة الغاشمة وأعادوه للشعب، بفضل صمودهم الإسطوري وعقولهم المبدعة التي تحملت أشد صنوف العذاب والضيم، الى أن تحقق لها الانتصار، في أنها هي من تفرض مطالبها على الحاكم، وما على الحاكم الا ان ينفذ مطالبهم المشروعة ويرضخ لإرادتهم، والا سيكون مصيره السقوط المريع، وأسقطوا حكومات ومتاريس سلطة، بإرادتهم الفولاذية التي صنعت المستحيل، وها هم ابطال العراق وشبابه أصبحوا مثلا أعلى لشباب العالم، وهو فخر للعراقيين جميعا أن من الله عليهم بمثل تلك الاجيال الشبابية المتفتحة صانعة البطولات والانتصارات والملاحم،وكان لها في سوح المواجهة مايرفع رأس كل عراقي الى السماء.
7.. إن ساحات التظاهر لن يتوقف جريان نهرها المتدفق، وهي ستبقى مثل الشلالات التي يتدفق ماؤها العذب الهادر، وستبقى شمسها مضيئة، وزرعها يملأ الافاق بهجة وحبورا، فهم من رسموا خارطة طريق العراق نحو الخلاص من أنظمة العبودية والمذلة والمهانة الى حيث يشعر العراقيون بانهم أصحاب كرامة وغيرة قلما تجد لهم في الدنيا مثيلا.
8. لقد رفض هؤلاء الشباب أية شكل من أشكال الوصاية والتبعية للآخر، ورفضوا ان يكون العراق ذيلا تابعا لهذه الدولة او تلك، واستهجنوا صور العمالة التي غرق بها الساسة حتى آذانهم، وأكدوا أن العراق للعراقيين ولن يكون بلدهم من حصة أحد، او ذليلا تابعا لاحد يريد ان يتآمر على شعبه أو يهيمن على مقدراته، لا من ايران ولا من أميركا او دول الجوار الاخرى، فهم عراقيون أولا وأخيرا، ويرفضون ان يكونوا عبيدا لا سمح الله للآخر المتحكم في رقاب العراقيين ومن تسلطوا عليهم وحرمومهم من فرصة ان يبنوا وطنا كريما يرفل بالعز، وأصبح الولاء للعراق ولشعبه، ومن يريد ان يكون تابعا للآخر فليس له مكان في العراق الجديد.
9. ويحفظ العراقيون لساحة الحبوبي في ذي قار وساحة التحرير في بغداد أنها كانت عنصر التوازن في معادلة البطولة العراقية، وهي من رفدت ساحات التظاهر في النجف وكربلاء والكوت والمثنى وبابل والديوانية والبصرة وميسان، بعناوين الشموخ والكبرياء، وقدمت كل الساحات شهداء بالمئات وجرحى ومصابين بعشرات الالوف، لتسجل عنوان مفخرة عراقية أصبحت محل فخر وتقدير عال، ولولا الناصرية ما صمدت ساحات التظاهر الاخرى، فهم القدح المعلى ابطال ساحة الحبوبي الذين كان لهم الفضل أن يثبت شباب بغداد بعد إن تعرضوا لمختلف صنوف القتل والترويع والاختطاف، كما حال أهل ذي قار وشبابها الأشاوس، وهم من أسهموا في ابقاء جذوة التظاهر مشتعلة، بعد إن أراد غربان السلطة والجماعات الخارجة عن القانون إطفاء نورها وجذوتها المتقدة الى أن حفظ الله شباب ذي قار والنجف وكربلاء وبغداد، التي تعد مصدر الثورة وشعلتها الوهاجة، فلهم من شعبهم العراقي الأبي كل الثناء والتقدير والعرفان بالجميل.
10. إن ثورة شبابية تمتلك كل تلك المواصفات، يحق لها أن تكون الصوت الهادر وهي مثل أعلى لشعوب العالم والمنطقة، فهي محل فخرهم وثنائهم، وهم أي شباب العراق، من أعادوا الأمل لشعوب العالم أجمع التأكيد أن من يريد أن يواجه الطغيان وجبروته، فما عليه الا أن يتمثل بقيم ثوار العراق الأشاوس وبطولاتهم وممارساتهم السلمية طيلة أكثر من أربعة اشهر، فقد صنعوا فجرا عراقيا مكللا بالغار، وهم من تنحني لهم دول العالم إكراما لوقفتهم..وهم مثلها الأعلى على كل حال.
11. إن أحداث كورونا وتداعياتها، حتى وان أوقفت حركة ساحات التظاهر وخفت بريقها بعض الشيء، بسبب عدم قدرتهم على اعادة تجمعاتهم بزخمها السابق، لابد وان يتم اجتياز محنتها ، ويعود التدفق الشبابي الى سابق عهده وربما يكون أقوى مما كان، فهم لم يتركوا ساحات التظاهر ، بل خففوا من زخم تواجدهم فيها ، وبقيت خيمهم ومواقع تجمعاتهم السابقة يتناوب عليها الشباب، لكي تبقى شعلة وهاجة، وكم أراد الكثير من ساسة السلطة واحزابها إاطفاء نورها ووهجها، لكنهم أخفقوا في وقف تدفقها ، وها هم الان بدأوا بالعودة الى ساحات التظاهر ، ليراقبوا المشهد ، ويعيدوا حضورهم البهي، وهم من سيفرضون وجودهم وتبقى كلمتهم وصوتهم الهادر، يتلألأ وهاجا ، ويسمع من به صمم.
هذه هي خلاصة القيم وخارطة الطريق التي أشادتها لنا سواعد أجيالنا الشبابية العامرة بالإيمان، بعد إن عرفت كيف تشق طريق نهوضها، وتواجه أخطبوط السلطة وجبروتها ومتاريسها، وترغمها على الإنقياد والتسليم بمطالبها العادلة والمشروعة، وهي مطالب شعب بأكمله ، أبى إلا أن يشارك تلك الأجيال ثورتها الصاعدة، ويسندها بما يستطيع ويقدم لها كل وسائل الدعم الممكنة، لكي لايتهاوى بريقها، وتبقى بعون الله وكما عهدها العراقيون، بيارق خير وبشائر فرح ، بعد أن أقسمت على أن تبقى راية العراقيين خفاقة موحدة تحت ألوانها الزاهية،بكل أطيافها ومكوناتها ونخبها وبسطائها وتراثها وثقافاتها، لكي يشارك العراقيون جميعا في صنع قرارهم الوطني، ويرفضوا كل محاولات التدخل في شؤون العراق والهيمنة على مقدراته ، وتكون كلمة هؤلاء الشباب الميامين وشعبهم الطيب المعطاء هي العليا ، وكلمة أعدائه ومن أرادوا له الشر والضغينة هي السفلى، وإن الله على نصرهم لقدير.