18 ديسمبر، 2024 11:56 م

الكاظمي يروي شراهة 17 عاما

الكاظمي يروي شراهة 17 عاما

ضوء نزاهة في نهاية نفق الفساد
· قالوا للفاروق: “نقومك بسيوفنا” بينما الكاظمي جاء والتظاهرات “قائمة” في ساحتي التحرير والحبوبي

· لا دولة في التاريخ أغرب من عراق يثقف فيه المرشح لبرنامجه الانتخابي بالفساد

حل مصطفى الكاظمي، رئيسا لحكومة عراقية أحادية الهدف؛ هو إجراء إنتخابات نيابية مبكرة، وباقي شؤون إدارة البلد على هامش هذا الهدف المبين.

السلوكيات الانانية المسعورة التي أبداها أشخاص أقوى من الدولة، أحبطت أمل الشعب بإنتخابات نزيهة؛ فالبغلة ومن عليها حاضران للقفز فوق الاحداث، ولسوف يفعلون بالانتخابات المنتظرة، ما فعلوه بالكاظمي الذي سيقودها! إذ خضع لزيارة منزل شخصية نافذة.. أقوة من العراق.. عابرة الى ما بعد الدستور، تخلل الزيارة إملاء شروط على الكاظمي؛ لتمرير كابينته التي لم يرضَ مجلس النواب حتى تحديد موعد لجلسة “حجب اوم منح الثقة” بشأنها، لكن مجرد تلبتيه دعوة تلك الشخصية السوبرإقليمية، موافقا على شروطها “إنلصمت” الكتل النيابية واجتمع المجلس في الساعة التاسعة من ليل الاربعاء 6 أيار 2020 ومرت الكابينة نائلة ثقة النواب!

قبل الكاظمي، تنحى الزرفي عن التكليف بتشكيل الحكومة، وقبلهما لم يخضع محمد توفيق علاوي؛ لإملاءات الزيارة المنزلية معتذرا عن الدخول في قضية متشظية “يحتار بلمها المد إيده”.

فعندما قال عمر بن الخطاب.. رضي الله عنه: “وليت أمركم، ولست بأحسنكم” أجابوه: “نقومك بسيوفنا” لكن الكاظمي جاء والتظاهرات “قائمة” في ساحتي التحرير والحبوبي.. بل في العراق كله! إذن أية إنتخابات مبكرة سيتمكن الكاظمي من إجرائها بنزاهة وهو يؤسس حكومته على الخضوع لإشتراطات حراس مصالح إقليمية في العراق!

خلال الزيارة المنزلية التي آذنت بتمرير الحكومة، لا بد أن الكاظمي وافق على منع الزراعة والصناعة وعدم قطع موارد الفاسدين؛ معطيا ضمانات بألا يتنصل من موافقته، قاسما: “بالعباس” وقد حذروه: “إذا تنكرت قومناك”.

ما يجعل العراق بلدا غريبا؛ يحدد موعد إجتماع مجلس نوابه، من البيوت، شريطة منح الثقة بعد إستيفاء تعهد من رئيس الوزراء المكلف، بالسماح للفاسدين بالاستمرار! هل ثمة دولة في التاريخ أغرب من تلك؟ يثقف المرشح لبرنامجه الانتخابي بالفساد!؟

نتمنى أن يقتدي الكاظمي بأنور السادات، الذي تسلم مصر منهكة؛ فـ “ثنى ركبة ونص” مستعينا بإسرائيل؛ لتقف بلاد النيل على كنانتها.

عانى العراق “عقوبات دولية – حصار” وقصف وتدمير البنى التحتية، وبعد ثلاثة عشر عاما، قدم الائتلاف الدولي، يجرجر جيوشه ومعداتها البرية والبحرية والجوية؛ لإحتلال العراق، فتوالت صفحات الإرهاب والطائفية وتمكن شذاذ الآفاق من السلطة في العراق، يعبون فسادا ولا ترتوي شهوة المال في نفوسهم.

وردا على تظاهرات ساحة التحرير؛ التي أجبرت رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، على الاستقالة، أدار شرهو المال والسلطة، البلاد بحيث يضمنوا دوام فسادهم وإمدادهم نسغ إغاثة دول إقليمية تعتاش من جوع العراقيين، مخضعين الكاظمي لتلك الاشتراطات، بضمانات ستنشر يوما والعتاب يطول.

لا أتفاءل بحكومة خرجت من عب الفاسدين؛ ولا آمل بإشرافها على إنتخابات نزيهة؛ ما لم يتحول الكاظمي الى بطل وطني، يقلب الطاولة على ماسكي حبل المشنقة والعراق معلق “يتلولح” على خشبتها، لكن أتمنى من وزراء كابينته الاكتفاء بمليار دولار، عند البدء، ثم العمل الجاد على إنتشال البلد من ظروفه الملتبسة.. لا مانع إذا لاح نهاية نفق الفساد ضوء نزاهة.