تتواصل القوى السياسية المتنفّذة في طريقها الذي أقلُّ ما يمكن أن يقال عنه: إنه طريق يتعمّد تجاهل صوت الشعب، ويستحلي استمرار الخراب، فالمحاصصة والابتعاد عن الأهداف الوطنية، وإرجاء المعالجات الحقيقية ديدن لدى أرباب السلطة، والأمَرُّ من كل ذلك اللهاث المقيت في التشبّث بكل ما جرَّ البلاد نحو الهاوية، والقصدية الواضحة في إهمال دماء الشهداء الثائرين من أجل الوطن، وتجاهل القصاص من مرتكبي الجرائم.
تتواصل هذه القوى في الصراع من أجل المناصب، والعراك وفرض المرشّحين، وكأن الوضع العراقي بات حقل تجارب للرداءة والنكوص.
ولم تنجُ الثقافة العراقية من كل ذاك، فقد استمر التعامل معها بوصفها غنيمةً حزبيةً وحقيبةً تمثّل صوت من يسعى لاقتناصها، للإفادة منها لصالح جهته المهيمنة، مع أن الثقافة هي المصدُّ الأهم والأقوى للعنف والإرهاب، وطوق نجاة للخروج من الأزمات الخانقة.
ولعدم وجود مشروع وطني حقيقي يُخرج العراق من هذه المأساة، ولعدم إيمان بياض كبير من المثقفين بجدّية الكتل السياسية المتنفّذة في إنقاذ البلاد، ولعدم قناعة الروح الأصيلة للمثقّف بالمتسلّطين الحاكمين، وهو يتابع تمنّعهم عن محاسبة قتلة المتظاهرين، الذين راحوا شهداء من أجل مستقبل أفضل، ويشهد تنامي حالات الخطف والتغييب للناشطين والمثقفين، مع شيوع سمة التسويف وحرق الوقت وافتعال العقبات التي باتت مكشوفة بتكليف من لا تنطبق عليه مواصفات ساحات التظاهر، ولضمان عدم تسييس النشاط الثقافي، يدعو الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق جميع مثقفي الوطن، للالتحام والتعاضد والضغط لإيصال صوتهم الذي يعرّي فئة الحكّام، وهم يتمادون في عدم إبصار ضوء الحقيقة، ويتّجهون نحو فرض الرؤى بدلاً عن مناقشتها.
لذا هي صرخة لنبذ منهج اللامبالاة السياسي المتعمّد، صرخة لتأكيد وجود كيان يتصدّى لقيادة الشأن الثقافي، ويبعد الحركة الفكرية والمعرفية والأدبية والفنية عن هيمنة ممثلي الأحزاب التي لا تؤمن إلا بطروحاتها المصرّة على التحاصص ونيل الغنائم، فالقرار الثقافي موقف يجب أن ينبع من إجماع واستقلال، وهذا ما لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق الكفاح المستمر ضد قوى الجهل.
وستستمر الدعوة إلى تحقيق مطالب المثقف العراقي، الذي يمجُّ المحاصصة، ويقود حملة لإنقاذ الوطن ممثّلاً بتاريخه الثقافي ونخبه، وحملة مشاعل التنوير فيه.
فمعاً من أجل عصمة المثقف..
ومعاً من أجل تعاضد كل المثقفين للنجاة من النفق المظلم للسياسة التي قادت البلد إلى ما هو عليه من تراجع..
معاً من أجل أن يكون المثقف قائداً لوطنه بوعيه وسداد رأيه..
وجزيل السلام
الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق