يزداد توتر العلاقة بين الصين والولايات المتحدة الامريكية، مع كل يوم يمر على جائحة كورونا، ومع ازدياد الخسائر في الاقتصاد الامريكي، يكيل المسؤولون الامريكيون، الاتهامات للصين على اعتبار ومن وجهة نظرهم، هي السبب في تفشي هذا الوباء في إمريكا، وفي العالم، من دون ان يقدموا الدليل العلمي والعملي، اللذان يدعمان ويسندان هذه الاتهامات. ما مدى أحتمالية أن تتحول، هذه الحرارة في المواجهة الامريكية الصينية، الى حرب مفترضة قادمة بين الدولتين؟ أو بين الاتحاد الروسي والصين من جهة والولايات المتحدة من الجهة الثانية؟ في نظرة سريعة وتاريخية على مسار الحرب الباردة بين قطبي العالم في ذلك الوقت، الاتحاد السوفيتي، والذي كان في حينها، يتزعم حلف وارشو، في مواجهة حلف الناتو. حيث اقترب القطبان من المواجهة العسكرية، في اكثر من مرة، وفي أكثر من مكان؛ لكن خيار الحرب، الجانبان، لم يقدما عليه، لسبب جلي وواضح، من أنه، سوف يقضي عليهما، ويلحق دمارا هائلا. لذا، استعان الجانبان بمن يقاتل بالانابة عنهما، من مناطق نفوذهما، في دول العالم الثالث، مع ضمان عدم اقتراب الاثنان، من خط احمر وهمي، تم رسمه على الارض، وقد ألتزم الجانبان بذلك؛ تجنبا للاحتكاك او لخطأ غير مقصود. وهذا لايعني انعدام وجود اعمال عسكرية سرية وخفية في مناطق نفوذ ومصالح الطرفين، بل على العكس، كانت تلك الاعمال محتدمة وعلى اشدها في عقود الحرب الباردة. الولايات المتحدة وفي السنوات الاخيرة، وتحديدا في العقدين الاخيرين، قامت بصناعة قنابل نووية منخفضة القوة، في الفترة الاخيرة، نشرتها على مقربة من الحدود الروسية. ماريا زاخوروفا، المتحدثة باسم الخارجية الروسية؛ هددت بان روسيا سوف توجه ضربات بالصواريخ النووية، ان تعرضت الى هجمات امريكية صاروخية. على الرغم من التهديد الروسي والتحرك الامريكي المريب او الذي يثير الشكوك الروسية حول الهدف من هذه التحركات، تظل العلاقة بين الروس والامريكان ابعد ماتكون عن المواجهة، لحسابات القوة الهائلة في احداث دمار اكثر هولا بما لايمكن استيعابه او العيش معه.. هذا من جانب ومن الجانب الثاني، ان الاتحاد الروسي بما تمتلك روسيا من امكانيات وقدرات اقتصادية، ومالية، وعسكرية، مع انها قدرات كبيرة، ولكنها غير حاسمة في الحقل التنافسي مع الولايات المتحدة، في صناعة القوة، في الاقتصاد، والمال، والتجارة، والسلاح، عليه فهي لاتشكل خطرا مستقبليا على الحلم الامريكي، بزعامة العالم. وهو وبكل تأكيد، حلم غير واقعي، في عالم يتطور وتكبر وتتسع فيه، قوى التاثير الدولي من حيث التكتل الاقتصادي، واقامة محاور للتعاون الاقتصادي والعلمي، والعسكري، وفي نقل تكنولوجيا المعلومات، وتطورها التنافسي مع التطور الامريكي. الصين، هي الدولة الوحيدة، القادرة مستقبلا، (في المستقبل القريب المنظور)؛على وضع الولايات المتحدة بحجمها الحقيقي، والحيلولة دون حلمها انف الاشارة، بماتمتلك من قدرات هائلة في المال والاقتصاد وتكنولوجيا المعلومات والقدرات البشرية العلمية والفنية، وقوى العمل وبأعداد خرافية. من هذا الباب، تعتبر الصين، منافسة للولايات المتحدة، وبقوة في الاسواق العالمية، بالاضافة الى انها تحوز بما يحوز عليه، الاتحاد الروسي، والولايات المتحدة، ولو بقدرات واعداد اقل بكثير مما عند الاثنين، الى حين؛ من هذا، بالامكان تفسير العداء الامريكي للصين، والذي ظهر اخيرا وبصورة جلية، وكما اسلفنا بحجة تفشي وباء كورونا. السؤال هنا؛ هل هذا التوجه الامريكي الاخير، والذي اكتظ بالاتهامات للصين، يقود الى الحرب بينهما. بكل تأكيد، ان هذه الاتهامات سوف لن تقود الى الحرب بينهما. لكن، في المقابل سوف تقوم الولايات المتحدة وكما كانت تفعل في ايام الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي في القرن العشرين الذي مضى. من قبيل افتعال الازمات، او العقوبات الاقتصادية، او التدخل في الشأن الداخلي الصيني، بتجنيد من تتمكن من تجنيدهم من الصينيين،كما يصفهم بير بيكنز، مؤلف كتاب أعترافات قاتل اقتصادي، بأبن أوى، لأحداث قلق امني وخلخلة في المجتمع الصيني، كما كان وقد حدث مع الاتحاد السوفيتي. السؤال الثاني؛ هل بامكان الولايات المتحدة، ان تنجح في هذه السياسة في القرن الواحد والعشرين، مع تراجع الرأسمالية، وانكشاف ظلمها ووحشيتها في تعاملها مع البشر، كما نجحت مع الاتحاد السوفيتي في القرن العشرين، الأجابة يقدمها لنا، التحول المتسارع في العالم، من أنها، لن تنجح بل ان النجاح سوف يكون من حصة، من يحترم حياة البشر، ويصون أدميته، ويوفر وسائل العيش الكريم له. مع أنسداد الطرق امام الراسمالية العالمية بزعامة الولايات المتحدة، وضعف قدرتها على فتح طرق جديدة، للتطور والنمو، سوف تتعرض للتأكل المستمر مع تقدم الزمن. أغلب دول العالم بما في ذلك ما يسمى بمناطق النفوذ الامريكية، وحين يتغير الحال بغير هذا الحال، في عالم يتغير تغييرا هائلا وسريعا جدا، الى عالم اكثر عدلا وانصافا، سوف تجد هذه الدول نفسها، وتحت ضغط الحاجة ومصلحتها، مدفوعة للتخلص من الهيمنة الامريكية بشكل او باخر، وبالذات حين تجد في العالم الذي تغير في ذلك الوقت؛ طرقا اخرى للتطور ومن غير شروط مجحفة، تجرح السيادة وتسرق الثروات. ان تقليص مساحة النفوذ الرأسمالي، كفيل بجعلها تأكل من جرفها، وبالنتيجة تصغر مساحة تاثيرها واستثماراتها واسواقها، والاراضي الرافده لها بما تحتاجه من معادن ومصادر الطاقة، بوجود من يستثمر بلا شروط مجحفة، ويشتري حاجته من المعادن والطاقة من غير ضغط سياسي، واستلاب، وظلم، ومصادرة القرار الوطني. من هنا تشكل سياسة الصين الاقتصادية والاستثمارية، قلق ووجع للرأس الامبريالي الامريكي. نعتقد ان هذه المرحلة الانتقالية التى يشهدها العالم، لن تستمر فترة طويلة..لذا، ان الحرب الباردة التى بدأت منذ حين او منذ تفشي وباء كورونا الذي عجل بظهورها الى العلن او استلها من مكان الغطس الى السطح؛ سوف تستمر وتتوسع وتشتد في المقبل من الزمن. ان دول العالم الثالث اذا ما أراد القائمون على شؤونها؛ ان يتوجهوا في سياستهم الاقتصادية، والتنموية، الى الذي لايفرض عليهم، هيكله الاقتصادي الذي يريد او الذي يضمن له السيطرة على البلد، والنهب والاستغلال. الصين بالدرجة الاساس وروسيا الى حدود معينة؛ لايفرضان على اية دولة من العالم الثالث، شروط مسبقة، لأعادة هيكلة الاقتصاد، كي يقدموا القروض، او الاستثمار، اونقل التكنولوجيا، او في التسليح، وتحديدا الصين بالدرجة الاولى، وبحجم وسعة اكثر كثيرا من روسيا. ان هذه المخارج التى تفتحها الصين (وغيرها، قوى دولية كثيرة)، امام دول العالم الثالث، بالاضافة الى تطورها السريع، هو من يجعل الولايات المتحدة، تعتبرها الخطر الاكبر على الامن القومي الامريكي. الامريكيون عندما يقولون: الخطر على الامن القومي الامريكي؛ يقصدون، التاثير على مناطق نفوذهم او انتزاعها من فلكهم..