المجتمعات العربية يقتلها ويدمرها الجوع لقائد بمستوى المرحلة , ويمتلك المؤهلات الأخلاقية والفكرية والنفسية والروحية اللازمة , لإنقاذها من المجاعة الحضارية المدمرة التي أهلكتها , وحصدت الكثير من أبنائها.
فالجوع للقائد والقيادة الوطنية المتطلعة إلى صناعة الحياة , أقسى وأمرّ من أية مجاعة أخرى تعصف بالشعوب والأوطان , لأنها تتسبب في إراقة الدماء , وإشاعة المشاعر السلبية , وتنامي أدغال الكراهية والأحقاد , وإنطلاق عقارب الإنتقام والفناء.
الجوع للقائد مصيبة عربية , ألمّت بمجتمعات المنطقة , بعد إصابتها بوباء الديمقراطية , وما حمله معه من فيروسات شديدة العدوى والتأثير في السلوك والتفكير والتصور والإعتقاد , مما جعل الناس تصاب بالحمى النزفية القاتلة للهوية الوطنية والقيم والأخلاق والمعايير.
الجوع للقائد الأصيل , يعصف في أركان الحياة العربية , ومجتمعاتها التي أصيبت بعسرة ولادة هذا القائد , أو أنها تعلمت مراسيم وطقوس قتله , ومنعه من التفاعل مع الحياة , وتجريده من قدرات صناعتها وتنميتها , والسعي للتآلف والحضور الجديد.
وفي هذا المأزق , وما ترتب عنه من مضاعفات , وهزال وخوار ووهن , وفقدان وعي , ونقص في السوائل والمغذيات واللاوازم التي تديم الحياة , تدخلت قوى وقدرات , بحجة إسعاف المريض , وحقن أوردته بالمغذيات , والسموم والمضادات لنداءات الخير والمحبة والأخوة والحياة.
فتحول الجائع المسكين , إلى دمية تحركها قدرات تمنحه بعضا من أسباب الشعور , بأنه موجود في قفص إتهام الويلات والتداعيات المصبوغ بالدماء , والمعطر بالأنين والحسرات.
إن الجوع للقائد , سيتسبب في ملاحقة السرابات , والهيمان في الرمضاء , والتخبط في العثرات , والغوص في الرمال , والسقوط في جحور الآفات والمفترسات , التي تترصد صيدها , وتتحين الفرصة الكفيلة بالإنقضاض الناجح , والصيد الرابح.
وكل ما يتحقق , يتأكد في حلبة الإنقضاضات المتواصلة على هيكل الوجود العربي , المصاب بالجفاف الشامل , العاصف في أروقة وجوده الحالكة الظلماء , البائسة المدججة بالخواء , والساعية نحو هاوية الإنتهاء.
فهل من قائد يطعم الجياع إرادة الحياة , ويسقيهم من مياه الأمل والتفاؤل , ويمتلك قدرات مدّهم بفيتامينات الصيرورة الحضارية الوطنية الأصدق والأجمل؟
إن المجتمعات العربية تترقب , وتخشى أن تعيش في مهاوي الضلالات والبهتان , والهبوط إلى قاع السابغات الناطقات بألحان الأنين والحسرات!
فاين أنت أيها القائد المنتظر؟!!