18 ديسمبر، 2024 11:24 م

داعش تعود للعراق و المدبّر و الفاعل لم يعد مجهول

داعش تعود للعراق و المدبّر و الفاعل لم يعد مجهول

عندسيادة الوعي تتلاشى الطائفية . مسألة عكسية معروفة منذ زمن بعيد كلما زاد الوعي الاجتماعي واتسع تضائلت الطائفية والعنصرية والفساد . وعلى هذا الاساس تسعى القيادات والنخب الاجتماعية النزيهة الى زيادة الوعي الشعبي السياسي والاقتصادي والديني وتطويره لصالح مجتمعاتها . وبالمقابل تحاول الدول الاستعمارية العدوانية جاهدة على اشاعة التخلف و تطويره لاستغلال هذا الوسط ( المتخلف ) واشاعة الاساليب المغلوطة المناقضة لحالات التطور والفعل الاجتماعي الصحيح المبني على الاساس العلمي والمعرفي بتفاصيل حياة المجتمعات السليمة . والامثلة على ذلك كثيرة من خلال متابعتنا وقرائتنا واستطلاعنا لتاريخ المجتمعات العالمية بكل انواعها واشكالها وافكارها ومناهجها واديانها على مر التاريخ وغالبا ما يكون هذا التطور المجتمعي سلبيا او ايجابيا بشكل متدرج وبطيئ ، لكن المتابع يشعر به ويتنبأ به وبالحالة التي سيكون عليها اي مجتمع في العالم . وعند ظهور وبروز مثل هذه الحالات تكون بمثابة مفاجئة للمؤثرات الاجتماعية الفاعلة ، سياسية ودينية أو اجتماعية او فكرية متداولة فتفرض نفسها وكأنها حالة مجتمعية مغايرة تماما لسابقاتها ورافضة لها . وتدخل هذه في حالة صراع دامي قد يطول اويقصر حسب الضروف السائد في تلك البلدان و المجتمعات . ومن المؤكد ان للمفكرين والحكماء والمثقفين الدور الكبير في تعميم وتثبيت الافكار الجديدة الصحيحة المتطورة وتطوير الوعي المجتمعي للاخذ بها والعمل من اجلها وفرضها . وما يحدث في الزمن الحاضر يؤكد ذلك ، في الدول العربية مثل تونس ومصر والسودان والجزائر وما يحدث في فلسطين والعراق ولبنان بل وحتى في ايران يؤكد ذلك . اما في اوربا فقد تاكد ذلك منذ نهاية القرون الوسطى وعصر النهضة وما مرت به اوربا وما هي عليه الان كمجتمعات متطورة بعد ان تجاوزت ” الثيوغراطية ” وما هيَّ عليه الآن . في العراق بعد احتلاله من قبل الولايات المتحدة الامريكية ومن عاونها من دول العالم عملت امريكا على تعميم ” الخمينية ” فيه ، كانت تراهن على الطائفية والعنصرية القومية والدينية والعصبية القبلية لانها بالاساس خلقتها الدول الاستعمارية وعلى راسهم امريكا كنظام ” ثيوقراطي ” متخلف عليه تعميم هذا المنهج في الوسط العربي والاسلامي . وايران بنظامها الخميني كانت تعمل وبشدة على هذا الموضوع وتعتقده مؤثر وحاسم بشكل كبير ، فكانت تستقصي طبيعة المجتمع العراقي بشكل خاص والعربي والاسلامي بشكل عام . تتحرى عن نسبة الشيعة في كل محافظة وعن اعداد السنّة والاكراد والمسيحيين والتركمان واليزيدية والصابئة المندائية وغيرهم ” انا شخصيا تعرضت للسؤال من جهات ايرانية عن هذا الامر ” والقيادة السياسية في العراق قبل الاحتلال كانت على علم ودراية بأن هذا الامر داخل في حسابات ايران وغيرها من دول العدوان كأمريكا واسرائيل وغيرهم . بعد احتلال العراق اطلقت امريكا الحبل لايران على ان تلعب على هذا الملعب ” الطائفية ” ونجحت الى حد كبير ونجحت امريكا للعب في الملعب العنصري القومي ايضا عرب اكراد تركمان ، والدينية مسلم شيعي وسني ومسيحي ويزيدي وهكذا . وهذا يؤكد بما لا يقبل الشك بأن النظام الايراني وامريكا ” حالة واحدة ” هدفها العدوان والتخريب والنهب والسلب و لا شيء آخر غير ذلك . ثورة تشرين ” اكتوبر ” في العراق فاجئت الجميع كانت مفاجئة اشبه بالبركان الغير متوقع انفجاره . ثورة شعبية اجتماعية من رحم الشيعة تثور بمن يدّعون بانهم شيعة يعملون من اجل المذهب الاثني عشري والشيعة عموما الحاكمين للعراق بدعوى المذهب ، فكانت الكارثة الماحقة للنظام الايراني وللامريكان برفضهم كمستعمرين عدوانيين مخربين . فنسفوا الثوار ما كانت ترتكز عليه العدوانية الامريكية والايرانية ، وما يحدث في العراق الحالي دليل على المشكل الذي حل بأمريكا وايران كأنظمة استعمارية تستغل وتسخر الطائفية والعنصرية لتنفيذ مصالحها ومشاريعها . اصرار الثوار على تنفيذ وتعميم هذا الوعي الراقي الذي يصب في مصلحة المجتمع العراقي بكل الوانه . حتم على عملاء الدولتين ممن يحكمون العراق ومن مرتزقتهم الدخول في صراع دامي مع هؤلاء الاحرار وبرغم تساقط وخسارة الكثير من الثوار الشباب كشهداء وجرحى ومعوقين حيث بلغ عدد الشهداء اكثرمن 700 شهيد وعدد المصابين اكثر من 24 الف مصابا اصابات مختلفة . لكن المعادين للثورة لم يفلحوا في ايقاف او كسر جموح وطموح هؤلاء الثوار المدعومين من الشعب بكل اشكاله وفئاته والوانه . فاجبرت هذه الحالة الحاكمين والمحتلين للبحث عن حل او مخرج للمأزق الذي خلقوه ودخلوا فيه فلم يجدوا على ما يتكئون عليه . فاعلنوا حالة صراع كاذبة بين الطرفين الايراني والامريكي ومرتزقتهم ممن يحكمون العراق و ” الساحة هي العراق ” حالة حرب كاذبة وقبلها صنعوا داعش للرد على ثورة الرفض الشعبي عام 2011 و ثورة عام 2014 في العراق لضرب الثوار وقطع الطريق عليهم في ثورتهم والتضليل والخداع والتخريب والسلب والنهب كمنهج من قبل الحكومة العراقية الطائفية المذهبية و الامريكية والايرانية . واليوم يعيدون ” داعش ” للعب بها فيما بينهم وبينهم والشعب العراقي . وقد ذكرت في آخر مقال عن داعش بعد الاعلان عن انتهائها والانتصار عليها ( قلت فيه بان داعش لن تنتهي فسيكون لكل جناح مسلح في العراق ذراع داعشي يستخدمونه عند الحاجة في صراعهم وتنفيذهم لمصالحهم وكذلك لكل دول المنطقة وخاصة امريكا وايران والاعبين فيها والمؤثّرين ) وفعلا تقوم داعش الان بالنشاط في عدد من مناطق العراق مثل ديالى والانبار وكركوك وبغداد وكما تعودنا الساحة ” السنّية ” هي الملعب للايغال في الاذية الطائفية والتخريب والتصفية والاغتيال باسم داعش ” . وكلما زاد الوعي المجتمعي وتطور بالمقابل تزداد عملية تأجيج الصراع القبلي والطائفي والعنصري القومي والديني الذي يقومون به الاعداء . لكن هذا الحال لن يطول ولن يعم كما يتمنون بل سينحسر ويتلاشى بسرعة كونه حال معروف واهدافه و وسائله معروفة وغير مجهولة واصابع الاتهام والمحاسبة تشير الى الفاعل . لم يعد ” الفاعل مجهول ” ابدا ، لذلك امريكا بدأت تفكر باساليب لا جدوى منها تارة اعلانها التفكير بالانسحاب من العراق وتارة بالتهديد وآخر تشبثها الغير مجدي ” الاعلان عن عقد مفاوضات جديدة مع الحكومة العراقية التابعة ” لاعادة مناقشة الاتفاقيات القديمة والاتفاق على صييغ جديدة لتعزيز الهيمنة وهذا ياتي من خلال علم ويقين امريكا ان الثورة الحالية في العراق تعني الرفض العام والشامل الشعبي للاحتلال الامريكي الايراني . فهم الان في مأزق والشعب العراقي مصر على طردهم بالقوة وهذا سيكبدهم الكثير الكثير من الخسائر المادية والبشرية . فعليهم الرحيل وبسرعة والا سيكون مصيرهم ” كعصف مأكول “