قد يبدو الاستفسار اعلاه غريبا بعض الشيء، قياسا بظاهر الامور.
فأمريكا، هي الآمر الناهي في العالم، وهي التي تحرك معظم رؤساء الدول كبيادق الشطرنج.
انها حلم الكثيرين.
اما الصين، فهي التي تفاجئ العالم ليل نهار بآخر صيحات التكنولوجيا، مصحوبة بالسرعة والابداع.
وهي الآن في الطريق لابتلاع العديد من الدول والثقافات تحت ذريعة الأعمار والبناء، وبملمس ليّن كالافعى.
لكن قراءة ما بين السطور، تبين ان الذي تقدم أعلاه، لا يتعدى كونه نصف الحقيقة، وأن النصف الآخر منها ملئ بالدم والدموع.
وان صناع القرار في كلا البلدين، انما يسيران على خطى أسلافهما، حيث تطغى رائحة المال هنا، لتتجسد ديكتاتورية الحزب الواحد هناك.
فالرجل الابيض بعقليته الرأسمالية، هو نفسه بين الأمس واليوم.
سابقا كان يسرق جهود ملايين العبيد الذين تاتي بهم السفن من افريقيا لخدمته في مزارعه، تلك التي تعود ملكيتها في الاساس للهنود الحمر، سكان القارة الاصليين.
واليوم، يجند آلاف الشباب الأمريكيين من الطبقتين المحكومتين المتوسطة والفقيرة، ليواجهوا الموت في العراق وأفغانستان و …
بحثا عن النفط، وإنعاش سوق السلاح في الحروب والازمات المفتعلة لصالح الطبقة الحاكمة.
ففي الوقت الذي يخصص فيه قادة البيت الأبيض ميزانيات فلكية لغزو الفضاء، ولحاملات الطائرات و …
نجد في امريكا نفسها، ملايين البؤساء والمشردين الذين يعيشون تحت خط الفقر بلا مأوى، بلا تعليم ولا ضمان صحي أو …
اما الرجل الاصفر في الصين، فلا يزال يحكم قرابة ربع سكان العالم بالحديد والنار، وبعقلية ستالين وديكتاتوريته في روسيا سابقا.
إذ لا مجال هنا للمساس بقدسية فكر الحزب الحاكم، وكأنه وحي الهي منزل لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
نعم، هذا هو النصف الغير مرغوب فيه من الحقيقة، الذي يحاول الإعلام الرسمي المسيّس لكلا البلدين التغطية عليه وتكذيبه.
والآن، جاءت جائحة فيروس كورونا لتكشف ما تبقى من المستور كما يقال.
فالحكومة الأمريكية بكل ثقلها وقوتها، تعترف صراحة بوقوفها عاجزة عن المواجهة.
تاركة الشعب الأمريكي في رحمة هذا الفيروس القاتل.
أما الصين، فقد طبقت سياسة كم الافواه كعادتها.
والضحية هذه المرة وكما يعلم الجميع، هو الطبيب الصيني الشجاع لي وينليانغ الذي حذر من خطورة هذا الفيروس قبل فوات الأوان، وذلك طبعا خلافا لرغبة السلطة القمعية الحاكمة في بكين، لينتهي الامر بموته وللاسف.
حقيقة، لم يسبق للبشرية ان إبتليت بنظامين حاكمين حقيرين كهذين النظامين، إنها حقا بين المطرقة والسندان.
بين جشع واستهتار الرأسمالية، وبين ديكتاتوية ونفاق الشيوعية.
يقول رئيس إحدى الدول الإفريقية ما معناه :
[ أمريكا، هي الدولة الوحيدة التي لا تحدث فيها الثورات، والسبب بكل بساطة، هو عدم وجود سفارة أمريكية هناك ].