22 نوفمبر، 2024 9:47 ص
Search
Close this search box.

السجن والاحتجاز السياسي في عراق الأمس

السجن والاحتجاز السياسي في عراق الأمس

1ـ تسقط حكومة نوري السعيد الخائنة!!

ـ ما أن بدأ العدوان الثلاثي على مصر في 29 تشرين الثاني العام 1956.. الذي شاركت فيه كل من (بريطانيا وفرنسا وإسرائيل) حتى انطلقت التظاهرات الطلابية والجماهيرية في بغداد والمحافظات العراقية الأخرى.. وفي اليوم الثاني شاركت مدرستنا (ثانوية غازي) في التظاهرات التي غص بها شارع الرشيد باتجاه باب المعظم.. والكل يهتف (تأييداً لمصر وتنديداً بالعدوان.. وبسقوط حكومة نوري السعيد الخائنة).. وغيرها من الهتافات التي تندد بالحكومة ونوري السعيد رئيس الوزراء لدعمهم العدوان.
ـ عند وصولنا ساحة الأمين (الرصافي حالياً) هجمت الشرطة على المتظاهرين بالهراوات في محاولة لتفريقهم.. لكن المتظاهرون رموا الشرطة بالحجارة.. واستطاعوا الاستمرار في سيرهم.. بالرغم من إلقاء القبض على العديد من المتظاهرين.. وعند وصولنا ساحة الميدان.. التي كانت مطوقة من قبل الشرطة بشكل كامل.. هجمت الشرطة على المتظاهرين.. واستطاعت تفريق التظاهرة.. واعتقال العديد من المتظاهرين من بينهم (11) طالباً من مدرستي.. كنتُ (أنا) أحدهم.. واقتادونا إلى مركز شرطة السراي القريب من ساحة الميدان.. ووضعونا نحن الصغار في النظارة.. وسمحً لنا ضابط المركز بالاتصال بأهالينا هاتفياً وأبلغناهم الأمر.. سألنا بعض المعتقلين من كبار السن عن أعمارنا وأسمائنا.. فأعطيناهم أسماءنا.. وقلنا لهم جميعنا أعمارنا 16 سنة.
ـ ويبدو إن هؤلاء المعتقلين أرسلوا فوراً أسماءنا وأعمارنا إلى السفارة المصرية في بغداد.. التي أبرقتها إلى إذاعتي القاهرة وصوت العرب.. وما هي إلا ساعتين.. وإذا بصوت المذيع المصري المعروف أحمد سعيد يلعلع من إذاعة صوت العرب معلناً: (إن النظام الرجعي ألسعيدي في العراق يزج في السجون حتى الأطفال والفتيان.. وقرأ أسماؤنا: الفتى هادي..والفتى احمد والفتى حنا..و….و….الخ ).
ـ وفي حوالي الساعة الخامسة عصراً خرج ضابط المركز إلى الباب الخارجي مسرعاً.. وعادً يسير إمامه ثلاثة رجال في الوسط رجل كبير السن (أشيب).. وأدخلهم غرفة مدير المركز.. ليخرج علينا مدير المركز.. ويقول: (ادخلوا ولا تتكلموا إلا عندما تسألون).
ـ وفي الغرفة جلسً على كرسي مدير المكتب الرجل الشايب فيما يقف الشخصان الآخران إلى جانبيه.. سألنا الشايب: انتم كنتم في التظاهرات؟.. فقال أحدنا وهو يبكي: أبداً لم نكن.. سألنا عن مكان مدرستنا وأماكن سكنانا.. ثم وجه كلامه لنا: مدرستكم في منطقة ألسنك.. وبيوتكم قريبة منها.. كيف جئتم إلى منطقة الميدان.. والدنيا مقلوبة وتظاهرات؟.. وأشار على أحدنا.. وقال له: ماذا تقول ؟ سكتً صاحبنا ولم ينطق.. فأشارً عليً: أنت أجبني.. قلتُ له: كنا في التظاهرات.. قال: وماذا عملتم..قلتُ: كنا نهتف ضد العدوان وضد الحكومة.. قال: (ماذا كنتم تهتفون ؟).. قلتُ له: (تسقط حكومة نوري السعيد الخائنة ).. ابتسمً ونظرً الينا.. وقال: (هل تعرفون نوري السعيد ؟).. قلنا: كلا.. التفتً إلى صاحبه.. وقال له: (سعيد بيك.. قل لهم من أنا).. أستعدً سعيد بيك.. وقال: (سيدي: أنت الباشا نوري السعيد).. ما أن أكمل سعيد بيك كلامه.. حتى تجمدً الدم في عروقنا.. وأخذنا نصبُ عرقاً.. وأجسادنا تختض مما سيجري لنا.
ـ نظرً ألينا الباشا نوري السعيد مبتسماً: وقال بصوت هادئ: تريدون تروحون لبيوتكم هسه.. هززنا رؤوسنا بالإيجاب.. فقال: (بشرط.. نطلع أنا وإياكم الى باب المركز.. ونهتف كلنا بصوت عالي.. نفس ما كنتم تهتفون بالتظاهرات.. بعدها تروحون لبيوتكم).
خرجنا سوية وصاح الباشا: يلله نهتف.. ولا واحد هتف.. وحتى صوتنا لم يخرج.. كرر الطلب.. ولم يفلح.. أخيراً بدأ هو يهتف بصوت عالٍ: (تسقط حكومة نوري السعيد الخائنة).. ونحن نردد بعده بصوت خجول إلى أن ارتفعً صوتنا.. وقمنا نهتف بلا خوف.. وهو يضحك ملً شدقيه.. ثم قال : (اذهبوا إلى بيوتكم).. وهربنا بسرعة.. وهو مازال يضحك.. وفد ركضه لبيوتنا بدون توقف.
__________

2ـ عبد الكريم قاسم: كما رأيته وجها لوجه:

ـ منذ العام 1955 كنتُ مستمعاً جيداً لخطب الرئيس جمال عبد الناصر من إذاعة القاهرة وياما أكثرها في تلك الفترة.. وكنتُ أحفظها على ظهر قلب.. بل أشرحها بشكل لا يصدق.. وكان والدي رحمه الله يجيب عن كل استفساراتي عنها.. فترعرعت قومياً عربياً متفتحاً.. كأكثرية أبناء جيلي آنذاك.. وهكذا عندما قامت ثورة 14 تموز كنتُ أحد القوميين الناصريين النشطاء فكراً.. وليس بالأسلوب الغوغائي الذي مارسه قوميو ويساريو تلك الفترة أبداً.
ـ وفي فجر يوم 14 تموز 1959.. (أي يوم الذكرى الأولى لثورة 14 تموز 1958).. القيً القبض علينا من قبل بعض أفراد الانضباط العسكري.. وذلك بالقرب من مدرسة الإعدادية المركزية القريبة من وزارة الدفاع.. عندما كنا نخط بصبغ البويه على السياج الخارجي للمدرسة شعارات ضد الزعيم عبد الكريم قاسم والدعوة لإسقاطه.. واقتادنا الانضباط العسكري إلى وزارة الدفاع.. لكون مقر الانضباط العسكري فيها.. كذلك كان مقر الزعيم عبد الكريم قاسم فيها أيضاً.
ـ كنا خمسة (أنا.. ونجاد.. ومهدي.. وستار.. وصباح).. بعد حوالي ثلاث ساعات في نظارة وزارة الدفاع.. حقق معنا العقيد الركن عبد الكريم الجدة آمر الانضباط العسكري.. وبشكل متشنج.. لكنه لم يتجاوز علينا بالضرب أو بالكلمات.. وفي الساعة العاشرة من صباح نفس اليوم أدخلنا الجدة إلى قاعة كبيرة ومؤثثة.. ولم تمر عشرة دقائق حتى دخل علينا الزعيم عبد الكريم قاسم ترافقه ثلة من كبار الضباط.. أتذكر منهم: الزعيم الركن أحمد صالح ألعبدي: الحاكم العسكري العام..والعقيد فاضل عباس المهداوي: رئيس محكمة الشعب.. والمقدم وصفي طاهر والنقيب جاسم العزاوي مرافقي الزعيم.. إضافة إلى العقيد الجدة.
ـ سلمً علينا الزعيم عبد الكريم قاسم.. وصافحنا واحداً واحدً.. وعندما علمً إننا جميعا طلاب في الخامس العلمي (لم يكن آنذاك صف سادس آنذاك) تأثر الزعيم كثيراً.. والتفتً إلى العقيد عبد الكريم الجدة.. وقال له: “كريم هؤلاء متآمرون !!.. هؤلاء أبناءنا.. لابد أن يكملوا دراستهم.. والعراق بحاجة إليهم”.. سكت الزعيم برهة.. فسألنا العقيد فاضل عباس المهداوي عن الأحزاب التي ننتمي إليها.. قاطعهُ الزعيم قاسم قائلاً له: “أبو العباس: الشباب ضيوف عندنا ولا نحقق معهم”.. وابتسم الزعيم بوجوهنا.
ـ المهم: قال الزعيم: “بالتأكيد لم تفطروا حتى الآن.. سنجلب لكم ريوك.. ماذا تريدون؟ كاهي السيد بالقيمر.. لو كباب أربيل”.. وهاتان الأكلتان كانتا أفضل الأكلات في بغداد..آنذاك.. طأطأنا رؤوسنا خجلاً من هذا التعامل.. الذي لم نكن نتصوره حتى في أحلامنا.. ثم ترك الزعيم ورفاقه القاعة.. بقينا نحن مشدوهين.. وينظر كل واحد منا الى الآخر دون أن ننطق كلمة واحدةً.
بعد حوالي ربع ساعة أدخلوا علينا الطعام (من الأكلتين)..وبعد أن فطرنا وشبعنا وشربنا الشاي المهيل..دخلً الزعيم علينا ثانية..وخاطبنا قائلاً: “أبنائي.. العراق بحاجة إلى كل أبنائه.. خاصة الشباب المتعلم لبنائه.. والبناء سلاحه العلم.. أرجوكم.. ومن أجل بلدكم أولاً ومستقبلكم.. أن تدرسوا وتكملوا دراساتكم وتتخرجوا من الكليات.. وبعد ذلك اشتغلوا بالسياسة.. سواء كنتم مؤيدين للحكومة أم معارضين لها.. فالكل في خدمة العراق”.
بعدها صافحنا الزعيم ثانية وودعنا..وخرجنا من وزارة الدفاع.. ونحن لم نتكلم كلمة واحدة حتى مع أنفسنا خجلاً.. ومن يومها أعدتُ النظر في تفكيري تجاه الزعيم عبد الكريم قاسم!!
____________

3ـ مذكرة رسمية.. اعتقال وسجن أكثر من سنتين:

ـ في الثاني من تموز العام 1962 كنتُ أجمع تواقيع الأساتذة في كلية الآداب في باب المعظم.. بمذكرة لمطالبة رئيس الوزراء الزعيم عبد الكريم قاسم: إيقاف القتال وحل المسألة الكردية سلمياً.. وإذا بعناصر الآمن تلقي القبض عليً ويقتادوني إلى مديرية الأمن العامة.. فيما أجرى آخرون فوراً تفتيش دارنا.. فلم يجدوا شيئاً يجرمني.. وفي اليوم الثاني قدمتً للتحقيق لأجد حالي مع 15 شاباً جميعهم من بغداد.. معتقلين عن القضية الكردية.. وليس فيهم كردياً واحداً.
ـ المهم: كان يحقق معنا ضابط أمن اسمه صالح فخري زنكنه.. أعرفه عائلياً حيث كنا سابقاً جيران في منطقة باب الشيخ.. وقال كل واحد يشتم ويقول مصطفى البارازاني (خائن) يطلق سراحه فوراً.. استغربتُ فهو كردي.. وكان الأجدر أن لا يقوم بهذه المهمة.. كنتُ في آخر الصف.. اثنان فقط لم يشتما البارازاني.. ولم يقولا عليه (خائن).. عزلوهما والبقية أطلق سراحهم.. وقال ليً (هادي إنت).. قلتُ: أنا لا أعرف البارازاني.. فكيف أقول عليه شيئاً..؟ قال: إذن.. اشتم جمال عبد الناصر أو فهد.. فقلتُ: وهذان لا أعرفهما أيضاً.. وأخلاقي كمسلم لا تسمح (أن أشتم الغافل حتى لو كان كافراً).
ـ يبدوا إن كلامي استفزه.. فالتفتً إلى عناصر الأمن الواقفين إلى جانبه.. فأخذوني إلى داخل غرفة وأشبعوني ضرباً.. ولم يتوقفوا حتى سقطتُ أرضاً.. بقيتُ في دائرة الأمن العامة ومن ثم الموقف العام في باب المعظم معتقلاً 68 يوماً.. لأقدم إلى المجلس العرفي العسكري للمحاكمة: المهم: قال ليً رئيس المجلس العرفي: “هناك شيخ في الجنوب قام بقتل الجنود وأحرق القرى والزرع وشرد الفلاحين.. وأثار الفوضى في المنطقة.. هذا خائن لو مو خائن؟.. أجبته (لا أدري).. نظرً بوجهي.. وقال بصوت حازم: أجب.. قلتُ له: (أنت تحدد خائن أو مو خائن.. أنا لست حاكماً ولا أعرف في القوانين!!”.
ـ فأصدر الحكم بحبسي سنة ونصف السنة.. قضيتُها في سجون بغداد.. والرمادي.. ونقرة السلمان.. وبعقوبة.. وخلال ثلاث عهود الجمهورية.. (سبعة أشهر الأخيرة من عهد عبد الكريم قاسم.. وكل عهد البعث الأول.. وأكثر من نصف عهد عبد السلام عارف).. ولم يطلق سراحي.. بل بقيتُ محتجزاً سبعة شهور أخرى بدون سبب.. (حكم قرقوش).. السارق والقاتل والجاسوس يطلق سراحه بعد انتهاء مدة محكوميه فوراً.
____________

4ـ أنا.. والتعددية الحزبية:

ـ بعد القضاء على الانتفاضة الشعبانية العام 1991.. أعلن صدام عبر التلفزيون بأنه سيقيم التعددية الحزبية في العراق.. فطلبت مني جريدة القادسية كتابة دراسة عن التعددية الحزبية في العراق باعتبار الموضوع من تخصصي العلمي.
ـ فكانت مناسبة أن أعرف القراء بمسيرة التعددية الحزبية في العراق قبل تسلم البعث للسلطة.. من خلال مشروع كتابي بهذا الصدد المنجز والجاهز للنشر.. أتناول فيه مسيرة الأحزاب في العراق منذ تأسيس أول حزب العام 1908 حتى تموز 1968.

ـ ووجدتُ الرغبة لدى جريدة القادسية في نشره حلقات على صفحاتها.. فاشترطتُ عدم حذف أو تغيير أي شيً منها.. وهكذا بدأت جريدة القادسية تنشر الحلقات أسبوعياً.
ـ يبدو إن عنوان حلقاتي هذه.. “التعددية الحزبية في العراق”.. أزعجت رئيس النظام.. ففي 17 أيلول العام 1991 نشرت الجريدة الحلقة (16) تحت عنوان “صفحات من تاريخ العراق المعاصر”.. وفي صباح اليوم التالي ذهبتُ إلى مقر الجريدة لأستفهم أسباب تغيير العنوان.. وأسلمهم الحلقات المتبقية.. وما أن وصلتُ إلى باب غرفة الزميلين “هاني عاشور وأحمد عبد المجيد” وقبل دخولي.. أشار إليً الأخير بيده للذهاب إلى مكتب رئيس التحرير الزميل أمير الحلو.. الذي استقبلني بالترحاب.. وقبل أن أسألهُ أخرجً من مكتبه قصاصة ورق.. وقرأ ما جاء فيها: “إن السيد الرئيس زارً أول أمس وزارة الإعلام.. وتحدث في أمرين.. الأول: إن جريدة القادسية تنشر موضوعاً عن “التعددية الحزبية في العراق”.. لا اعتراض على المضمون.. لكن اعتراضنا على عنوانه”.. وأضاف الحلو قائلاً: “إن السيد الرئيس صدام حسين أكد إنه ليس في تاريخ العراق تعددية حزبية.. نحن سنقيم التعددية الحزبية”.. (انتهى كلام صدام).
ـ وعقبً أمير الحلو قائلاً ليً: “بعد انتهاء اللقاء مع السيد الرئيس سألتُ السيد الوزير (لطيف نصيف جاسم): هل نوقف نشر الحلقات المتبقية من هذا الموضوع؟.. أجابني الوزير إن الرئيس أعترض على العنوان فقط.. فتمً تغيير العنوان بهذه الصيغة بأمر الوزير ………”.. من جانبي لم اُسلم الحلقات المتبقية.. وانتهى الموضوع.. لأتوقف عن الكتابة السياسية في الصحافة العراقية.. وهكذا (التعددية الحزبية لن يقيمها إلا صدام)!! وسقط نظامه ولم تقام!!
ـ وعلى أثر ذلك جرى شطب عضويتي في نقابة الصحفيين العراقيين مع عدد من المتقاعدين الصحفيين في الصحافة.. بذريعة عدم كتابتنا في الصحافة.. خاصة في المناسبات الوطنية والقومية.. عن ثورة 17 تموز 1968.. وعن ميلاد السيد الرئيس القائد.
ياللمهزلة أنا جريدة القادسية تنشر لي أسبوعياً مقالة.. كما لا يوجد نص قانوني بشطب عضوية الصحفيين المتقاعدين.. أو توقفهم عن الكتابة!!
ـ بعد سنة أعيدت لنا عضويتنا النقابية من جديد.. وهكذا شطبت 23 سنة من عضويتي النقابية الصحفية بجرة قلم.

ـ وبعد مدة قصيرة صدر أمر بمنعي من إلقاء محاضرات في الجامعات والمعاهد الحكومية والأهلية.. صباح مساء.. ومنعتُ من السفر خارج العراق.. فلم أجد سوى بيع الكتب والمجلات على الأرض.. وأنا أحمل شهادة الدكتوراه ومن بين أفضل الأساتذة.. واستمرت الحالة طويلاً.. وأخيرا سمح لي فقط السفر خارج العراق بعد عدة طلبات مني برفعه.
وهكذا سافرت في أيلول 1997 الى ليبيا أستاذا جامعيا.. تاركاً عائلتي في بغداد مجبراً!!
______________

5ـ كتابي.. والتعددية الحزبية:

ـ المهم في أوائل العام 2001 صدر كتابي تحت عنوان: “الأحزاب السياسية في العراق.. السرية والعلنية / بيروت 2001 / دار رياض الريس”.. لأني خشيتُ أن أبقيه على عنوانه السابق: (التعددية الحزبية في العراق).. وقد قدمت دار النشر تعريفاً للكتاب على غلافه الأخير اختتمته بالعبارة الآتية: “أملاً أن يكون العراق على أهبة مرحلة جديدة من تعدد الأحزاب والصحوة السياسية.. التي تعيد ربط العراق بماضيه المجيد”.

ـ عند وصول نسخ قليلة من الكتاب الى العراق.. بسبب الحصار المفروض على العراق.. أثارت هذه العبارة الأجهزة الأمنية.. فقد ذهبً المقدم جمال عسكر/ المسؤول عن المطبوعات في مديرية الأمن العبارة العامة الى شارع المتنبي.. وسأل عني.. ومن بين الذين سألهم أحمد ألعبادي صاحب مكتبة ألعبادي في شارع المتنبي.. الذي قال له: “إن دكتور هادي أستاذاً جامعياً في ليبيا”.

ـ في أوائل تموز 2001 وصلتُ إلى بغداد كعادتي كل سنة لقضاء العطلة الصيفية بين أفراد عائلتي.. وفي صباح اليوم التالي تم استدعائي إلى الأمن العامة للتحقيق معي عن عبارة الناشر هذه.. وعلى الرغم من إنهم يعرفون جيداً إنها غير موجودة في مضمون الكتاب.. “تعال فهم الجماعة”.

ـ و73 يوما.. تحقيق معي لتفهم الجماعة العبارة ليست ليً بل للناشر.. لكن لم يعد يحق ليً العودة إلى ليبيا للعمل فيها.. لان السنة الدراسية كانت قد بدأت في ليبيا.. وهكذا خسرتُ عملي في ليبيا.. وبقيتُ في بغداد.. ففوضت أمري لرب العزة.
هكذا حقوق المواطن العراقي في العهد الملكي وفي العهد الجمهوري وفي عهد صدام.. (حقوقه مصانة!! وعمره مكفول.. ودراسته مؤمنة.. ويتحدث بحرية حتى في ساحة التحرير)!!

أحدث المقالات