خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في خطوة تُعتبر بمثابة الإنذار الأخير لـ”العراق” من قِبل “واشنطن”، لأنها المهلة الأقصر من جهتها للاستغناء عن استيراد الكهرباء من “إيران”، حيث قال مسؤول في “وزارة الخارجية” الأميركية، الأحد، إن “الولايات المتحدة” جددت الإعفاء الممنوح لـ”العراق” لاستيراد الكهرباء الإيرانية، ولكن هذه المرة لمدة شهر واحد فقط، مضيفًا أن “واشنطن” ستُعيد تقييم ما إذا كانت ستجدد الإعفاء مرة أخرى حال تشكيل “حكومة ذات مصداقية” في “العراق”.
وقال المسؤول الأميركي إن وزير الخارجية، “مايك بومبيو”: “منح هذا التمديد المُختصر للإعفاء، للسماح بوقت لتشكيل حكومة ذات مصداقية”، وأضاف أن الإعفاء “سينتهي في 26 آيار/مايو المقبل”.
العراق يحتاج إلى 4 سنوات للتوقف عن استيراد الغاز..
وكان وزير الكهرباء العراقي، “لؤي الخطيب”، قد قال إن بلاده ستحتاج بين ثلاث إلى أربع سنوات، لتتوقف عن استيراد الطاقة من جارتها.
مضيفًا، في تصريحات لـ (ستاندر إند بورز غلوبال بلاتس-S&P Global Platts)؛ وهي جزء من شركة “ستاندر إند بورز” للتصنيفات الائتمانية، إن مشاريع “النفط” و”الغاز” في “العراق” ستستغرق عدة سنوات قبل أن تبلغ طاقتها الإنتاجية وتوقف الإعتماد على “الغاز الإيراني”.
وأوضح أن: “هذه السنوات الثلاث إلى الأربع يجب أن تكون جدولًا زمنيًا بلا إنقطاع مع حكومة تتمتع بسلطة تنفيذية كاملة ومن دون أي تدخل من الكيانات السياسية وفي بيئة ترحب بالاستثمارات والمشاركة متعددة الجنسيات”.
إعفاءات مسبقة..
يُذكر أن “الولايات المتحدة” منحت مرارًا إعفاءات لـ”بغداد” لمواصلة استيراد الغاز والكهرباء الإيرانييْن رغم عقوباتها على “طهران”. واقتصر الإعفاءان الأخيران على فترة 30 يومًا.
وكان متوقعًا أن يستثمر “العراق” 10 مليارات دولار في مشاريع “نفط” و”غاز” من أجل إنهاء اعتماده على “إيران” في غضون أربع سنوات. ومع ذلك، لم يحرز أي تقدم في المشاريع.
تناقض التصريحات حول واردات الطاقة..
وفي غضون ذلك، تظهر الإحصاءات الرسمية الإيرانية زيادة كبيرة في صادرات البلاد من الكهرباء والغاز، في حين أدلى مسؤولون عراقيون بتصريحات متناقضة حول واردات الطاقة من الدولة المجاورة.
وكان “العراق” دائمًا زبونًا لأكثر من 80 في المئة من صادرات “إيران” من الكهرباء. وتُظهر أرقام “وزارة الطاقة الإيرانية” أن صادرات الكهرباء في البلاد زادت بأكثر من 28 في المئة في عام 2019، لتصل إلى أكثر من ثمانية تيراواط في الساعة. ومع ذلك، يُشكك الخبراء دائمًا في الإحصاءات الرسمية الإيرانية ولا تتوافق إلى حد كبير مع البيانات الدولية.
ولتوفير كهرباء إضافية، يستورد “العراق” بشكل مباشر من “إيران”، الكهرباء والغاز، الذي يستخدمه في محطات الطاقة. ولكن لا يزال يواجه نقصًا خلال المواسم الحارة.
إحراق 18 مليار متر مكعب سنويًا..
بيانات “البنك الدولي”، توضح أن إفتقار حقول “النفط” العراقية لمعدات جمع الغاز، يؤدي إلى حرق وإضاعة 18 مليار متر مكعب من “الغاز المرتبط بالبترول” سنويًا.
وبمساعدة شركات غربية، مرت سنوات على إنخراط “العراق” في مشاريع واسعة النطاق لجمع الغازات المرتبطة بـ”النفط” من حقوله النفطية.
وأعلن وزير النفط العراقي، “ثامر الغضبان”، مؤخرًا أن عقدين جرى توقيعهما، في العام الماضي، لجمع 21 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا من حقلي “الحلفاية” و”أرطاوي” النفطيين.
واشنطن تحتاج لتمرير مصالحها مع العراق..
في هذا السياق؛ قال المحلل السياسي، “محمد العكيلي”، إن “الولايات المتحدة الأميركية” تحتاج لتمرير مصالحها مع “العراق”؛ وهي بحاجة لإعطاء هذا الاستثناء لـ”العراق” لكي لا يندفع للإتجاه الإيراني مئة بالمئة.
وحول علاقة هذا الاستثناء بتشكيل الحكومة؛ أكد “العكيلي”، أن “واشنطن” ليس من مصلحتها الضغط على أي حكومة لم تسر وفق أهوائها، فهي تحتاج الحكومة العراقية أيًا كانت توجهاتها.
لن تمدد الاستثناء مرة أخرى..
من جهته؛ قال الخبير الاقتصادي، الدكتور “همام الشماع”: “لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستقوم بتمديد الاستثناء للعراق مرة أخرى، لذا سيمر البلد بأزمة مضاعفة للأزمات التي يمر بها الآن”.
وتابع “الشماع” بالقول: “لا يستطيع العراق تعويض الاستيرادات من الطاقة الإيرانية، لأن الإرادة السياسية غير موجودة، على الرغم من أن الولايات المتحدة أعطت الوقت الكافي للعراق، من أجل أن يستبدل استيراد الغاز والكهرباء من إيران إلى الدول الخليجية وبأسعار أقل، لكن الحكومة الحالية والحكومات السابقة تحول دون ذلك”.
وأضاف “الشماع” قائلاً: “الولايات المتحدة تدخل الآن في مواجهة عنيفة مع إيران، وتريد إغلاق جميع المنافذ التي تستطيع إيران التنفس من خلالها، ولا أعتقد أنها سوف تتفهم حاجة العراق من الطاقة الإيرانية”.