أصبح واضحاً بما لا يدع مجالا للشك بأن محاربة “الإتحاد السوفييتي” السابق أو المتفكك؛ بحجة أنه “نظام شيوعي”! لم يكن سببه “الإلحاد والإباحية”!! التي هي على أشدها! في أميركا وأوروبا على وجه الخصوص!؛ أنما كان صراعا بين الرأسمالية الظالمة والاشتراكية المظلومة! على مناطق النفوذ المهمة في العالم! وسوقوا وصفها بـ “الشيوعية” ليرهبوا شعوباً وأقواماً أخرى لا تفهم معناً للشيوعية سوى ما تروجه المخابرات الغربية والأميركية على أنها “إلحاد وإباحية” فقط؛ هذا كل ما في الإتحاد السوفييتي ويضايق البلدان الرأسمالية التقية النقية طاهرة الذيل وذيولها!!.
تفكك الإتحاد السوفييتي وقامت روسيا الاتحادية اليوم ونهضت من رمادها بقيادة “فلاديمير بوتين” الذي كان يعمل بصمت وهدوء حيث تسلل إلى قمم الجبال المطلة على معاقل الرأسمالية الظالمة بنظام رأسمالي عادل!! بعد أن سلمه المخمور “يلتسين” راية روسيا الجديدة وكان كل أمل طغاة الرأسمالية المبنية على الحروب والاستعمار وسرقة ثروات الشعوب وصناعة الأسلحة وخلق أسواق لها في تأجيج الحروب هنا وهناك في بلدان ما يسمى بالعالم الثالث وغيرها كلما أمكن ذلك – وبمساعدة العملاء والمرتزقة من أبناء تلك الشعوب-!! وبعيدا عن أن تمس نارها بلدانهم المستقرة والمزدهرة على حساب عذاب وشقاء وفقر وتخلف الشعوب الأخرى.
وفي غفلة من الزمن ونشوة نصر أميركا والغرب في تفكيك الإتحاد السوفييتي “الشيوعي”! ظهرت روسيا القوية وأشهرت قوتها بامتلاكها أسلحة مدمرة وفتاكة وبعيدة المدى وعمل لها دعاية مقصودة لا لبيعها بل لإرهاب وإرعاب كل مَنْ يفكر في السيطرة على روسيا من جديد؛ ولما كادت “سوريا” أن تنهار وتسقط حكومتها وتقسم سوريا وشعبها بين إسرائيل وتركيا والسعودية والراعي أميركا ومن وراء الحجاب بريطانيا الأفعى الناعمة الملمس وفي أنيابها العطب!!؛ حتى صَعَقَ “أبو علي بوتين” أميركا والغرب وعملائهم بإنزالهم قوات ضخمة وآليات وطائرات وعسكر دعم ومستشارين!! بين ليل بهيم؛ وفي الصباح كانت قاعدة “حميميم”!! مما أنقذ ما تبقى من سوريا وشعبها؛ وروّع أميركا وإسرائيل بعد أن كانوا يجتمعون اجتماعاتهم الأخيرة لتقسيم “كعكة” سوريا وقتل وتهجير شعبها وتحل “شعوباً” أخرى مكانها وينتهي الأمر!! والتالي يكون العراق!!؟..ثم تهدد إيران بين خيارين؛ الإستسلام أو الدمار؛ إلا أن واقع ما حدث غير الموازين رأساً على عقب؛ وخلط أوراق حسابات المعتدين الأشرار؛ وبدأت مرحلة جديدة من الصراع في المنطقة لازالت تداعياتها مستمرة في التقدم والتأخر لهذا الطرف وتوابعه أوذاك الطرف وأعوانه!.
ولقد أراد الروس إثبات قدراتهم العسكرية البعيدة المدى عندما قامت سفنهم العسكرية بإطلاق عدة صواريخ من قواعدهم في روسيا عابرة إيران والعراق وصولا إلى قواعد الفصائل الإرهابية في الأراضي السورية التي كانت تتمركز في مواقع عديدة في سوريا! لتأكد مقدرتها على الضرب من بعيد! وليس فقط من قريب وقادرة لرد أي عدوان على وجودها في سوريا ومن أبعد القواعد الروسية!.
من هنا تنبه خبراء السياسة الأميركية والغربية بأن روسيا ذات النظام الاقتصادي الرأسمالي العادل والمنصف لشعبه وللشعوب والبلدان الأخرى قد أصبح أخطر عليهم من الإتحاد السوفييتي السابق وسوف يفسد عليهم كل المخططات والمشاريع في منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص! ولا بد من التصدي له وتحجيم تمدده وبسط هيمنته على مناطق أخرى في المنطقة وفي العالم وبدأ صراعاً جديدا نحن في بدايته ولا نعلم نهايته حيث زاد فيروس “كورونا” صعوبة التكهن به.
وبناء على ما تقدم يمكننا القول بأن الصراع بين الشرق والغرب سابقاً أو بين الرأسمالية والاشتراكية لم يكن سببه بأن الإتحاد السوفييتي الشيوعي الملحد والإباحي!! وإن أميركا وأوروبا داعية الإيمان والتقوى؛ بل هو صراع المصالح والنفوذ؛ روسيا اليوم فيها نظام رأسمالي ويرغب في التعاون مع الأنظمة الرأسمالية الأخرى المحيطة به على أساس التنافس العادل والشريف!؛ فلماذا تتصدى له وتعاديه أميركا الرأسمالية وأوروبا الرأسمالية أيضا؟؟؟ .. الفرق أن الرأسمالية الروسية تقوم على الصدق والعدل وتحترم الدول والشعوب وتتعامل معها على أساس المصالح المشتركة النافعة والتي تساعد على تقدم الشعوب و تؤمن لها حريتها؛ أما النظام الرأسمالي الأميركي والغرب فهو ظالم ويعتمد على الاستعمار والاستغلال وسرقة ثروات الشعوب واضطهادها وتكبيل حريتها وتعيين أشرارها العملاء لأميركا والغرب كقادة.. ودعمهم في التصدي لشعوبهم عند الحاجة!.. وسوف يستمر الصراع على هذا الأساس اليوم وفي المستقبل ومن حسن حظ العالم والشعوب والدول الضعيفة أن يبرز قطباً آخر في العالم قوي وحازم وعادل ليكبح اندفاع وغطرسة القطب الأميركي وحلفائه المعتدون على العالم بدون حق أو أخلاق.
كان “الإتحاد السوفييتي” سبباً لتضامن أميركا وأوروبا من جانب وتعاون الدول الأوروبية من جانب آخر؛ وبعد انهياره؛ سقط معه تضامن أميركا والغرب وأوروبا وبرزت مشاكل عديدة وبدت عوامل تفرقتهم وتمنوا لو لم يسعوا في عشرات السنين لتفكيك “الإتحاد السوفييتي” ليبقى يحتاج الغرب في ترميم وضعه الاقتصادي الذي تمسك خيوطه أميركا وأوروبا وحلف الناتو. ولكن “سبق السيف العذل”!!؟