مخاضات عسيرة وخرائط متحركة لتغيرات كبرى في المنطقة, تعيد في ذاكرتنا التاريخ الى ما قبل 80 سنة لم تتخلص منها الشعوب الاّ بعد 2003م في العراق وما يسمى الربيع العربي, الحقبة القادمة قد لا تكون أهون من سابقتها ظلماً وإستبداداً, ترتدي لباس الديموقراطية والتغيير وتعمل بمنهج الكتاتورية, النتائج المرتقبة ركائز أساسية للمرحلة القادة ترسم مستقبل الشعوب على صورة الإنطباع الأخير لنتائج الإحداث وإفرازاتها. مناطق واسعة غرب البلاد وصلت الى حد الإنهيار من محاولات إرهابية لإحتلالها وتهجير العوائل, يرافق ذلك التداعيات الأمنية الخطيرة في بغداد, تلك المناطق قد تفكر بالفدرالية والإنقسام كحال إقليم كردستان, او توقع الحرب الأهلية والطائفية ما يؤثر على منطقة الجنوب وعزلها وخيراتها تتعطل.
نشوء الأقليم الغربي يعزز الصلاحيات التي يستطيع بها إقامة علاقات اقليمية واسعة وهذا الطموح يهدد وحدة العراق ومفترق طرق عسير للمناطق الأخرى , إرادات سياسية تتحرك على الارض لتأجيل العملية الإنتخابية, في ظاهر الإعلام يختلف عن كواليس السياسة, القائمة العراقية مفككة وتحمل عدة رؤوس, المطلك لا يرى إنه يتجاوز 20 مقعد لذلك يفضل التأجيل لايحب التفريط بمنصب نائب رئيس الوزراء, النجيفي غير ضامن لبقائه في منصب رئيس البرلمان بعد تراجع أصواته في الموصل, قائمة الأحرار في القانون الإنتخابي الجديد يجعلها تتراجع وخسارة عدد من الوزارات, التحالف الكردستاني بعد خسارة الإتحاد الوطني الكردستاني, يمر بعملية مراجعة شاملة وأستقالة بعض قياداته ربما يدفعهم لقوائم منفردة ولا تبقيه متحالفاً. دولة القانون: المالكي لا يضمن حصوله على الولاية الثالثة بوجود توترات مع الفضيلة وبدر والأصلاح ومستقلون بقيادة الشهرتاني وخضير الخزاعي, وإعتراض قيادات في حزب الدعوة على سياساته او تنافسها أن تكون البدلية لإرضاء الأطراف السياسية والشعبية, ربما تجعلها تتفرق الى عدة قوائم, مع شعور متزايد من تغير الموقف الأقليمي والدولي تجاه الولاية الثالثة, تيار شهيد المحراب وحركة التغيير الكردية (كوران) هما القوتان الوحيدتان المعتقدان تصاعد مواقفهما في حال إجراء الإنتخابات في موعدها المحدد, في نفس الوقت المرجعية الدينية إتخذت مواقف صارمة للحيلولة دون تأجيل الإنتخابات, رافق ذلك الرفض الشعبي الضاغط لمنع التأجيل, الشارع العراقي سأم من الاوضاع الأمنية والخدمية المعتثرة طيلة هذه السنوات وإرتباط الخدمة والأمن بالمؤثرات السياسية, الإنتخابات البرلمانية القادمة مصيرية وتحدد ربع قرن من مستقبل العراق, لذلك أما أن ينجح الشعب ويدرك خطورة المرحلة.
إعادة تولي المالكي ولاية ثالثة يدخل العراق في أزمة خانقة, لشكواه الدائمة وتمثيل دور المغلوب على أمره وأن كل العراقيل والإنحلال الأمني بسبب الشركاء وهو المقصود من جميع العمليات الإرهابية, المرحلة القادمة لا تغيّر مفاهيم الشركاء وأن تغيرت الوجوه, ما يدفعه الى شراكة قوى ضيعفة التمثيل في شارعها, تشترك شكلياً تعطيه حرية القرار, غير مؤثرة على شارعها تسمح بالإختراق الخارجي, هذا ما يغذي الصراع الطائفي والمناطقي والقومي, يدفع القوى السياسية والشعبية للتفكير بالأنقسام او قبول الحرب الأهلية كواقع حال, ويشعل المنطقة الأقليمة برمتها بالصراعات الطائفية لجرها الى الحرب العالمية الثالثة.
المجلس الأعلى الإسلامي طرح مفهوم حكومة أغلبية المكونات وشراكة الأقوياء, وتطمين الأطراف السياسية المتوجسة من العملية السياسية, سيما إنه يمتلك علاقات تاريخية مع الكرد, وعلاقات متوازنة مع الأطراف الفاعلة السنية, ويستطيع التحالف مع القوى المؤثرة في الشارع الشيعي, قادر على بناء علاقات مع الدول الأقليمية, وهذا ما يعيد المناطق الغربية من البلاد للوقوف مع الحكومة لمواجهة الإرهاب, ويترك الكرد التفكير بأنشاء الدولة الكردية. إحتواء الاطراف السياسية سوف يكون عامل مؤثر في منع التدخلات الخارجية, وتكون القوى السياسية عوامل للتقارب بين المجتمع حينما تشعر بالمشاركة الحقيقية بالعملية السياسية, لكن الأهم في كل هذا الوعي الشعبي تجاه العملية السياسية, والضغط لمنع تأجيل الإنتخابات المصيرية التي ترسم مستقبل القرون القادمة, يكون العراق فيها قوة أقليمية معتدلة قادر على لعب دور الوساطة والريادة في قيادة المنطقة للإستقرار.